خلل فني يفرض سحب نصف أسطول طائرات إيرباص A320 من الخدمة عالميًا

خلل فني يفرض سحب نصف أسطول طائرات إيرباص A320 من الخدمة عالميًا

طائرات إيرباص إيه 320 تتصدر واجهة الأحداث العالمية حالياً بعد أن أصدرت الشركة الأوروبية المصنعة تعليمات ملزمة بضرورة إجراء إصلاحات فنية عاجلة وفورية لحوالي ستة آلاف طائرة من هذا الطراز واسع الانتشار، وهو ما يمثل عملية استدعاء ضخمة وغير مسبوقة تطال أكثر من نصف الأسطول العالمي المشغل حالياً، وتأتي هذه الخطوة المفاجئة لتثير مخاوف جدية من حدوث ارتباك واسع في جداول الرحلات الجوية، خاصة وأن التوقيت يتزامن مع عطلة نهاية الأسبوع التي تشهد عادةً ذروة الازدحام في حركة المسافرين داخل الولايات المتحدة الأمريكية وخارجها.

نطاق وتأثير استدعاء طائرات إيرباص إيه 320 عالمياً

تُعد هذه الأزمة الفنية بمثابة انتكاسة قوية قد تكون الأكبر في تاريخ شركة إيرباص الممتد لخمسة وخمسين عاماً، وتكتسب هذه الواقعة أهمية خاصة لكونها جاءت بعد أسابيع قليلة فقط من نجاح طائرات إيرباص إيه 320 في التفوق رقمياً على منافستها بوينج 737 كأكثر الطائرات تسليماً في العالم، ومن المثير للدهشة أنه في اللحظة التي صدرت فيها التوجيهات الرسمية بالإصلاح كان هناك ما يقارب ثلاثة آلاف طائرة من هذه العائلة تحلق فعلياً في الأجواء حول العالم، مما استدعى تحركاً سريعاً من الجهات التنظيمية، حيث أصدرت وكالة الاتحاد الأوروبي لسلامة الطيران توجيهاً طارئاً يلزم المشغلين بإجراء التعديلات المطلوبة، وسط توقعات قوية بأن تحذو إدارة الطيران الاتحادية الأمريكية حذوها لضمان سلامة الركاب في المجال الجوي الأمريكي والدولي على حد سواء.

وتشير البيانات الواردة في نشرة موجهة لشركات الطيران اطلعت عليها وكالة رويترز إلى أن الإصلاح المطلوب يعتمد بشكل أساسي على العودة إلى نسخة برمجيات سابقة لضمان استقرار الأنظمة، ولكن الشرط الأساسي يكمن في ضرورة تنفيذ هذا الإجراء قبل السماح للطائرات بالتحليق مجدداً، وهو ما دفع العديد من شركات الطيران الكبرى للإعلان عن احتمالية تأخير أو إلغاء بعض رحلاتها المجدولة، وتشمل قائمة الشركات التي ستضطر لإخراج طائراتها من الخدمة لفترة وجيزة لإتمام الصيانة أسماء عالمية كبرى تسعى لتدارك الموقف بأقل الخسائر الممكنة:

  • شركة لوفتهانزا الألمانية التي تعد من كبار المشغلين في أوروبا.
  • شركة إنديجو الهندية التي تعتمد بكثافة على هذا الطراز.
  • شركة إيزي جيت المتخصصة في الطيران الاقتصادي.
  • شركة جيت بلو التي ارتبط اسمها بالحادثة الأولية المسببة للاستدعاء.

الأسباب التقنية وراء أزمة طائرات إيرباص إيه 320

يعود السبب الجذري وراء حملة الاستدعاء الواسعة التي شملت طائرات إيرباص إيه 320 إلى اكتشاف خلل تقني نادر وخطير يتعلق بتأثير العوامل البيئية على الأجهزة الإلكترونية، حيث كشفت التحقيقات أن تعرض أجهزة معينة لأشعة الشمس بزاوية محددة قد يؤدي إلى إفساد بيانات حيوية تعتمد عليها أجهزة التحكم في الطيران، وقد تم الربط بين هذا الخلل وحادثة وقعت مؤخراً لرحلة تابعة لشركة جيت بلو كانت متجهة من المكسيك إلى نيوجيرزي في الثلاثين من أكتوبر الماضي، حيث واجهت الطائرة انخفاضاً مفاجئاً وحاداً في الارتفاع دون تلقي أي أوامر من الطيارين، مما أدى إلى إصابة عدد من الركاب واضطرار الطائرة للهبوط في فلوريدا، وهو الأمر الذي دفع إدارة الطيران الاتحادية لفتح تحقيق موسع كشف عن هذه الثغرة التقنية المعقدة.

وفي سياق البحث عن المسؤولية التقنية والحلول المتاحة، أوضحت شركة تاليس الفرنسية المصنعة لأجهزة الكمبيوتر المعنية في تصريح لها أن أجهزتها تتوافق تماماً مع المواصفات التي وضعتها إيرباص، مشيرة إلى أن الوظيفة التي تأثرت بالخلل مدعومة ببرمجيات تقع خارج نطاق مسؤولياتها المباشرة، وتتفاوت مدة وطبيعة الإصلاح بناءً على حالة كل طائرة، فبينما يكفي استرجاع البرمجيات القديمة لحوالي ثلثي الأسطول المتضرر وهو إجراء يستغرق وقتاً قصيراً نسبياً، فإن هناك مصادر مطلعة في الصناعة حذرت من أن أكثر من ألف طائرة قد تحتاج إلى تغيير فعلي في الأجهزة الصلبة (Hardware)، مما يعني توقفاً أطول عن العمل وبقاء الطائرات في الحظائر لفترات ممتدة قد تربك جداول التشغيل لأسابيع قادمة.

إجراءات شركات الطيران لإصلاح طائرات إيرباص إيه 320

تباينت ردود فعل شركات الطيران العالمية وحجم التأثر بالأزمة بناءً على عدد طائرات إيرباص إيه 320 الموجودة في أساطيلها، حيث صرحت شركة أمريكان إيرلاينز بصفتها أكبر مشغل لهذا الطراز في العالم بأن الغالبية العظمى من طائراتها المتأثرة ستحتاج فقط إلى تحديث برمجي يستغرق قرابة الساعتين لكل طائرة، متوقعة إتمام العملية لمعظم الأسطول بحلول يوم السبت، بينما كان الوضع أكثر تعقيداً لشركات أخرى مثل أفيانكا الكولومبية التي وجدت نفسها مضطرة لوقف مبيعات التذاكر لفترة طويلة نسبياً بسبب النسبة الهائلة من طائراتها التي تحتاج للصيانة، ويوضح الجدول التالي تبايناً ملحوظاً في تأثير الأزمة على شركتين رئيسيتين من حيث عدد الطائرات المتضررة والإجراءات المتخذة:

شركة الطيران تفاصيل التأثير والإجراءات
أمريكان إيرلاينز تأثر 340 طائرة من أصل 480، مدة الإصلاح ساعتين للطائرة، وتوقع الانتهاء سريعاً.
أفيانكا (كولومبيا) تأثر 70% من الأسطول (100 طائرة)، وقف مبيعات التذاكر حتى 8 ديسمبر، واضطراب لمدة 10 أيام.

تستمر تداعيات عملية إصلاح طائرات إيرباص إيه 320 في التكشف يوماً بعد يوم مع سعي الشركات لتقليل الضرر الواقع على المسافرين، ورغم أن المتحدث باسم إيرباص أكد أن الرقم الإجمالي للطائرات المتأثرة يقارب الستة آلاف طائرة من أصل 11300 طائرة قيد التشغيل حالياً، إلا أن المخاوف تظل قائمة بشأن قدرة مراكز الصيانة على استيعاب هذا العدد الهائل في وقت قياسي، لا سيما وأن العملية تتطلب دقة عالية وتنسيقاً لوجستياً معقداً لضمان عدم تكرار حوادث فقدان الارتفاع المفاجئ التي هددت سلامة الركاب وأدت إلى هذا الاستنفار العالمي غير المسبوق في قطاع الطيران التجاري.