معرض ستاى فروستى الفني شكل حدثاً استثنائياً في مشهد الفن المعاصر عندما حول موقف سيارات محلي في حي هارلم إلى ساحة إبداعية مفتوحة تتجاوز القواعد التقليدية للمعارض؛ حيث تدفق أسطول من السيارات إلى المكان ليس لغرض الاصطفاف المعتاد بل للمشاركة في تجربة بصرية فريدة دمجت بين العرض المتنقل والمساحة الفنية المحددة بأسلوب يجمع بين تفاصيل الحياة اليومية واللمسات الجمالية المبتكرة، وقد نجح هذا الحدث في جذب الأنظار بفضل طريقته غير التقليدية في عرض الأعمال داخل المركبات وحولها وحتى على مرايا الرؤية الخلفية مما خلق حواراً بصرياً جديداً بين الجمهور والبيئة المحيطة.
تحويل المركبات إلى تحف في معرض ستاى فروستى الفني
استضافت برامج “BravinLee” هذا الحدث المتميز عبر دعوة مجموعة واسعة من الفنانين والمنسقين المستقلين والمعارض والمنظمات غير الربحية بهدف تحويل السيارات العادية إلى أعمال فنية قائمة بذاتها؛ فبمجرد دخول الزوار إلى ساحة الموقف واجهتهم مشاهد غير مألوفة مثل سيارة مغطاة بالكامل بزجاجات مياه مُعاد تدويرها تعكس الضوء بطريقة مبهرة وشاحنة أخرى تم تزيينها بداخلية فخمة باللون الوردي تعيد للأذهان جماليات بداية الألفية الجديدة بأسلوب مفعم بالحنين، وتضمنت المعروضات أيضاً منحوتات بسيطة وذكية وُضعت بعناية داخل صناديق الشاحنات بالإضافة إلى تفسير فني مرح ومبتكر لأسطورة سيزيف اليونانية القديمة، ولم يقتصر الإبداع على السيارات فحسب بل امتد ليشمل السياج المحيط بالمكان الذي تحول إلى جزء من العرض مما خلق بيئة مغلقة ولكنها تنبض بالحياة والألوان في كل زاوية من زوايا معرض ستاى فروستى الفني المتجدد.
تنوعت الأعمال الفنية المعروضة لتشمل خامات وأفكاراً متعددة أضفت طابعاً من الغرابة والجمال على المكان؛ حيث ظهرت أعمال الفنانة إيلي مورفي على شكل ثلاث مفروشات ملونة معلقة بشرابات دقيقة تتدلى بانسجام على سلاسل السياج المحيط، وفي زاوية أخرى تعكس روح الدعابة التي سيطرت على الأجواء عرضت الفنانة سارة جورج تمثالاً لحيوان الراكون يمسك بعلبة بيرة بجوار مرحاض متنقل في مشهد يكسر حدة الرسميات ويقرب الفن من الواقع اليومي المعاش، ويمكن تلخيص أبرز العناصر التي ميزت هذه المساحة الفنية في النقاط التالية:
- استخدام السيارات كقواعد ومنصات عرض للأعمال الفنية بدلاً من الجدران التقليدية.
- دمج المواد المُعاد تدويرها مثل الزجاجات البلاستيكية في التكوينات البصرية.
- استغلال السياج الخارجي لعرض المنسوجات والأعمال المعلقة لخلق بيئة شاملة.
- مزج الفن الرفيع بروح الدعابة والسخرية من خلال تماثيل الحيوانات والمشاهد العبثية.
الرمزية والجرأة داخل معرض ستاى فروستى الفني
شارك الثنائي الإبداعي المعروف باسم “بالوني” والمكون من الفنانين زد بيهل وكيم مولوني بعمل هزلي يتسم بجرأة كبيرة تحت عنوان “الخنازير تُخرب العالم” والذي كان من أبرز محطات معرض ستاى فروستى الفني؛ إذ عرض العمل ثلاثة خنازير تستولي على شاحنة “بيك أب” حمراء في مشهد درامي، وقد تم دعم غطاء محرك الشاحنة بمحرك يشتعل بلهب مصنوع ببراعة من الفولاذ الملحوم والشاش ليوحي للمشاهد بأن السيارة محاصرة تماماً من قبل هذا الثلاثي الذي يضرب هيكلها بمفاتيح وشفرات حادة، بينما تستلقي على سطح الشاحنة خنزيرة أم بضرع مُلطخ بشرائط حمراء في إشارة رمزية قوية، ويواصل هذا العمل استكشاف فريق “بالوني” للمجاز والعروض العبثية وسياسات الدمار عبر طرح تساؤلات عميقة حول دور الخنازير كبناة أو مدمرين أو كليهما وعن شكل العالم الذي قد ينشأ بعد أفعالهم التخريبية كما ورد في بيان المنظمين.
في ظل هذه الأجواء المشحونة بالرمزية قدم الفنانون المشاركون رؤى تباينت بين النقد اللاذع والعبثية المحضة؛ حيث لم تكن الأعمال مجرد ديكورات بل كانت رسائل بصرية تتحدى المفاهيم السائدة وتدفع الجمهور للتفكير في معاني الهدم والبناء، وقد ساهمت هذه الأعمال الجريئة في تعزيز مكانة معرض ستاى فروستى الفني كمنصة حرة للتعبير لا تخشى الخوض في المواضيع الشائكة أو تقديم صور قد تبدو صادمة للوهلة الأولى ولكنها تحمل في طياتها معاني فلسفية عميقة حول الفوضى والنظام في عالمنا المعاصر.
التفاعل والمجتمع في معرض ستاى فروستى الفني
في مقابل الأعمال ذات الطابع الهدام أو النقدي ركزت مجموعة أخرى من الأعمال على التفاعل المباشر والإيجابي مع الجمهور لخلق تجربة تشاركية؛ فقد شجعت الفنانة إيمي روز خوشبين في عملها المسمى “مذابح الوكالة” الزوار على تمرير الزهور والقرع والبطيخ عبر شبكة أحاطت السيارة بعناية، بينما قدم مايكل مازيو من معرض لوسيندا تجربة فريدة تمثلت في تقديم صور شخصية مطبوعة بتقنية التصوير الصغيرة داخل غرفة تحميض مؤقتة أقامها ببراعة في الجزء الخلفي من سيارته الجيب، ولم يغب الجانب الاجتماعي عن الحدث حيث قام معرض “بوب” بشواء النقانق طوال فترة ما بعد الظهيرة مما أضفى أجواء مجتمعية دافئة وحميمية جمعت الزوار والفنانين معاً، ويوضح الجدول التالي أبرز المشاركات التفاعلية التي شهدها المعرض:
| الفنان / المعرض | طبيعة المشاركة والعمل الفني |
|---|---|
| إيمي روز خوشبين | عمل “مذابح الوكالة” لتمرير الزهور والقرع عبر شبكة |
| مايكل مازيو (لوسيندا) | غرفة تحميض صور مؤقتة داخل سيارة جيب |
| معرض بوب | شواء النقانق وخلق أجواء اجتماعية دافئة |
استلهم المعرض اسمه المميز من تعبير عسكري يعود إلى حقبة حرب فيتنام يشير إلى ضرورة الحفاظ على الهدوء والتركيز تحت الضغط الشديد؛ وهي رسالة يراها المنظمون في “BravinLee” مناسبة تماماً لتجاوز التحديات والصعوبات في عالم الفن اليوم مع التأكيد على أهمية دعم الزملاء وبناء مجتمع فني متماسك وقوي، وقد أثبت معرض ستاى فروستى الفني من خلال هذه الأنشطة المتنوعة أن الفن ليس مجرد لوحات معلقة في قاعات بيضاء وصامتة بل هو ممارسة حية تتنفس في الشوارع ومواقف السيارات وتتغذى على التفاعل البشري المباشر واللحظات العفوية التي تجمع الناس حول الجمال والغرابة في آن واحد.
