طلاق المشاهير وتأثير “العدوى النفسية”.. لماذا يتسلل الشك إلى البيوت المستقرة عند انفصال النجوم؟

طلاق المشاهير وتأثير “العدوى النفسية”.. لماذا يتسلل الشك إلى البيوت المستقرة عند انفصال النجوم؟

التأثير النفسي لمتابعة أخبار المشاهير بات يشكل تحديًا حقيقيًا في ظل الانفتاح الرقمي الهائل الذي نعيشه اليوم، حيث لم تعد معرفتنا بنجوم الفن والمجتمع تقتصر على ما يقدمونه من أعمال درامية أو لقاءات تلفزيونية عابرة، بل تحولت حياتهم إلى كتاب مفتوح نقرأ صفحاته يوميًا عبر منصات التواصل الاجتماعي التي ألغت المسافات وكشفت المستور، مما جعلنا ننخرط في أدق تفاصيل يومياتهم ونتابع تحركاتهم العائلية وأزماتهم الشخصية لحظة بلحظة، وهو ما يفرض علينا ضرورة فهم أبعاد هذا الانكشاف المستمر لحماية توازننا العقلي واستقرار علاقاتنا الأسرية.

أسباب الانجذاب وراء التأثير النفسي لمتابعة أخبار المشاهير

تؤكد الدكتورة سلمى أبو اليزيد استشاري الصحة النفسية أن الرغبة في تتبع أخبار الآخرين تنبع من فضول بشري فطري، ونظرًا لأن النجوم يمثلون في أذهان الكثيرين رمزًا للحياة المثالية المترفة، فإننا نلاحق أخبارهم بحثًا عن المتعة أو الإلهام أو حتى الدراما المثيرة؛ غير أن هذا الشغف قد ينحرف عن مساره الطبيعي ليتحول إلى مقارنات ظالمة وغير مجدية، إذ يبدأ المتابع بمقارنة واقعه البسيط وتفاصيل حياته العادية بما يظهر له من صور براقة ومنسقة لحياة هؤلاء النجوم، متجاهلاً أن ظهورهم أمام الكاميرات يتطلب دائمًا مظهرًا مثاليًا يخفي خلفه واقعًا مغايرًا تمامًا، وهذا التباين الشديد بين الصورة والواقع هو ما يعمق التأثير النفسي لمتابعة أخبار المشاهير ويخلق شعورًا بالنقص.

يوضح الجدول التالي الفارق الجوهري بين ما يصدره المشاهير للشاشات وبين حقيقة ما يدور خلف الأبواب المغلقة، كما ورد في تحليل استشاري الصحة النفسية:

الصورة الظاهرة أمام الجمهور الواقع الخفي للحياة الشخصية
حياة جميلة، منسقة، ومظهر مرتب دائمًا التزامًا بقواعد الظهور الإعلامي واقع مليء بالمشاكل، الخلافات الزوجية، النقاشات الحادة، وجوانب من الفشل الشخصي

مخاطر التأثير النفسي لمتابعة أخبار المشاهير على العلاقات

يمتد الخطر ليشمل الطريقة التي ننظر بها إلى علاقاتنا الخاصة، حيث أشارت استشاري الصحة النفسية إلى أن الانغماس في متابعة قصص الطلاق والانفصال المتكررة في الوسط الفني قد يلقي بظلاله القاتمة على نفسية المتلقي، فتزداد لديه مشاعر القلق والتوتر، لا سيما إذا كان يعاني في الأساس من اضطرابات عاطفية أو يمر بتجربة مشابهة؛ وتتحول هذه الأخبار بمرور الوقت إلى مصدر ضغط نفسي شديد، حيث يتسرب الشعور باليأس أو عدم الرضا عن شريك الحياة إلى النفس، وتتشكل قناعات سلبية حول جدوى الزواج واستمراريته، ورغم أن هذه الحكايات تخص أصحابها فقط وليست مرآة لحياتنا، إلا أن تكرار التعرض لها يضاعف التأثير النفسي لمتابعة أخبار المشاهير ويجعلنا نسقط مشاكلهم على واقعنا الخاص.

للحفاظ على سلامتك النفسية وتجنب الانزلاق في فخ الاكتئاب أو القلق جراء هذه الأخبار، يجب اتباع مجموعة من الخطوات الواعية التي تعيد ترتيب أولوياتك الذهنية:

  • الوعي التام بأن ما يتم نشره عن حياة المشاهير ليس هو المعيار القياسي للحياة الطبيعية المستقرة.
  • اختيار المصادر والحسابات التي نتابعها بعناية فائقة، وتجنب الانسياق خلف الشائعات أو الدراما المفتعلة.
  • إعادة توجيه الطاقة الذهنية والوقت نحو الاهتمام بالحياة الشخصية، وتطوير العلاقات الأسرية الواقعية بدلًا من الافتراضية.
  • ممارسة الهوايات المفيدة والأنشطة الترفيهية مع الأصدقاء والعائلة لتعزيز الشعور بالرضا والإنجاز.

استراتيجيات للحد من التأثير النفسي لمتابعة أخبار المشاهير

يكمن الحل الأمثل للتعامل مع هذا التدفق المعلوماتي في بناء جدار حماية نفسي يعتمد على الفلترة والانتقاء، حيث نصحت الدكتورة سلمى بضرورة تقنين متابعة الأخبار العاطفية والمشاكل الشخصية للنجوم بشكل يومي، والتركيز عوضًا عن ذلك على الأهداف المهنية والعائلية التي تعود بالنفع المباشر على الفرد، واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي بوعي ومسؤولية؛ فكلما قللنا من تعرضنا لهذه الجرعات السلبية المكثفة، تمكنا من تحجيم التأثير النفسي لمتابعة أخبار المشاهير وحافظنا على صفاء ذهننا واستقرار بيوتنا بعيدًا عن صخب حياة الآخرين ومشاكلهم التي لا تنتهي.