آلية فسخ عقود العمل للوافدين المتواجدين خارج السعودية وشروط إنهاء العلاقة التعاقدية

آلية فسخ عقود العمل للوافدين المتواجدين خارج السعودية وشروط إنهاء العلاقة التعاقدية

فسخ عقد العمل خارج المملكة يمثل إحدى أبرز القضايا الشائكة التي باتت تؤرق قطاع الأعمال في السعودية مؤخراً، حيث سلط الكاتب المتخصص في الموارد البشرية خالد الشنيبر الضوء على ممارسات سلبية تقوم بها فئة من العمالة الوافدة عبر استغلال الثغرات الرقمية لإنهاء العلاقة التعاقدية عن بُعد، وهذا السلوك يكبّد المنشآت خسائر مالية فادحة ويضعها أمام مأزق قانوني وتشغيلي معقد يتطلب تدخلاً عاجلاً لإعادة التوازن المفقود بين حقوق العامل ومصالح صاحب العمل بما يضمن استقرار السوق.

تداعيات فسخ عقد العمل خارج المملكة على أصحاب العمل

يواجه القطاع الخاص تحديات متزايدة نتيجة ضبابية بعض الأنظمة التي تتيح للعامل الوافد إنهاء ارتباطه الوظيفي إلكترونياً وهو خارج الحدود الجغرافية للبلاد، وهذا الإجراء الفردي يضع صاحب العمل في مواجهة مباشرة مع التزامات مالية وقانونية غير متوقعة، إذ يضطر لتحمل تكاليف فترة الإشعار كاملة دون أن يستفيد فعلياً من خدمات العامل أو يتمكن من استلام العهد والمهام المسندة إليه بشكل نظامي، ويشير الخبراء إلى أن هذه الثغرة تخلق بيئة غير متكافئة تتطلب حلولاً تجمع بين التطوير التقني والتعديلات التشريعية لحماية جميع الأطراف؛ فالهدف الأساسي من رؤية المملكة وتحديثاتها المستمرة هو خلق سوق عمل جاذب وعادل، ولكن الحماية المفرطة لطرف على حساب آخر قد تؤدي إلى نتائج عكسية تعرقل النمو الاقتصادي وتزيد من الأعباء التشغيلية على المنشآت الصغيرة والمتوسطة التي لا تحتمل مثل هذه الصدمات المفاجئة.

تتعدد الأضرار الناتجة عن ممارسة فسخ عقد العمل خارج المملكة لتشمل جوانب مالية وإدارية معقدة يصعب حلها عن بُعد، حيث يجد صاحب العمل نفسه ملزماً بدفع رسوم حكومية وتأمينية لعامل لم يعد موجوداً على رأس العمل، بالإضافة إلى تعطل سير العمليات اليومية خاصة إذا كان الموظف يشغل منصباً حيوياً، ويمكن تلخيص أبرز الأعباء التي يتحملها صاحب العمل في النقاط التالية:

  • الالتزام بسداد رسوم التأمين الطبي والتأمينات الاجتماعية طوال فترة الإشعار رغم غياب العامل فعلياً عن المنشأة
  • صعوبة استرداد العهد العينية أو الوثائق الهامة أو تسليم المشاريع القائمة مما يسبب إرباكاً في خطط العمل
  • المخاطرة بتحمل غرامات مالية ناتجة عن عدم معالجة وضع العامل قانونياً في الوقت المناسب مثل انتهاء الإقامة أو رخصة العمل
  • استحالة تحصيل أي مستحقات مالية أو ديون مترتبة على العامل لصالح الشركة بسبب تواجده خارج الولاية القضائية المحلية

إشكاليات الأنظمة وعودة العمالة بعد المغادرة

تفاقمت ظاهرة فسخ عقد العمل خارج المملكة بشكل ملحوظ بعد التعديلات التنظيمية التي أقرت قبل نحو عامين، والتي سمحت للعامل الوافد الذي غادر بتأشيرة خروج وعودة ولم يعد خلال سريانها بالعودة مجدداً للعمل لدى صاحب عمل جديد دون التقيد بفترة الحظر السابقة المقدرة بثلاث سنوات، وهذا القرار وصفه الكاتب خالد الشنيبر بالغريب نظراً لآثاره التشغيلية السلبية؛ إذ يفتح المجال أمام بعض العمالة للتحايل على العقود السارية والمغادرة دون الوفاء بالتزاماتهم التعاقدية أو إتمام إجراءات المخالصة النهائية، مما يترك صاحب العمل السابق في دوامة من الإجراءات المعقدة لمحاولة إثبات حقوقه أو رفع دعاوى قضائية مكلفة قد لا تؤتي ثمارها بسبب غياب الخصم، وعلاوة على ذلك قد يواجه صاحب العمل الجديد مفاجآت غير سارة عند استقدام هذا العامل، تتمثل في وجود قضايا عمالية معلقة قد تعيق استخراج التصاريح اللازمة أو حتى تمنع دخوله عبر المنافذ الرسمية، مما يعني خسارة تكاليف الاستقدام وضياع الوقت والجهد في البحث عن بديل.

البيانات والوقائع تشير بوضوح إلى أن استغلال منصة “قوى” لتنفيذ فسخ عقد العمل خارج المملكة يحتاج إلى ضوابط أكثر صرامة تمنع الضرر قبل وقوعه، فالنظام الحالي يسمح بإنهاء العقد إلكترونياً دون النظر إلى التبعات المترتبة على الطرف الآخر، وهذا يظهر جلياً في الجدول التالي الذي يوضح الفجوة بين الوضع الراهن والمأمول:

التحدي الحالي الأثر السلبي
إمكانية الفسخ الإلكتروني من الخارج ضياع حقوق صاحب العمل وصعوبة التسليم والتسلم
السماح بالعودة الفورية لصاحب عمل جديد تشجيع التسيب الوظيفي وعدم الالتزام بالعقود

مقترحات تنظيمية للحد من فسخ عقد العمل خارج المملكة

تكمن الحلول الجذرية لمعالجة ظاهرة فسخ عقد العمل خارج المملكة في الاستفادة القصوى من التطورات التقنية الهائلة التي تشهدها المملكة، حيث يقترح المختصون ضرورة إنشاء قاعدة بيانات مركزية مشتركة تربط بين وزارة الموارد البشرية والجهات الأمنية والمنافذ الحدودية؛ لضمان عدم منح تأشيرات عمل جديدة لأي وافد ثبت عدم التزامه بمدة عقده مع صاحب عمل سابق أو عليه مستحقات مالية لم تسوَّ بعد، وهذه الخطوة من شأنها ردع المخالفين وحماية استثمارات أصحاب الأعمال الذين ينفقون أموالاً طائلة على استقطاب وتدريب الكفاءات، كما يجب إعادة النظر في التشريعات الخاصة بآلية الخروج والعودة وربطها بشكل وثيق بمدى الالتزام التعاقدي، بحيث لا يتمكن العامل من الانتقال إلى منشأة أخرى إلا بعد التأكد من خلو طرفه تماماً من أي التزامات سابقة، مما يعزز من مبدأ العدالة والشفافية في سوق العمل ويقلل من عدد القضايا العمالية التي تثقل كاهل المحاكم.

الوقت الراهن يعد مثالياً لإطلاق حزمة من التحسينات التشريعية والتقنية التي تغلق الباب أمام ممارسات فسخ عقد العمل خارج المملكة بطرق غير نظامية، خاصة فيما يتعلق بمراجعة قرار السماح بعودة العامل المخالف لمدد التأشيرة؛ فالهدف الأسمى لمبادرة تحسين العلاقة التعاقدية هو حفظ حقوق جميع الأطراف دون تمييز، وضمان بيئة عمل مستقرة تشجع على الاستثمار وتزيد من الإنتاجية بعيداً عن النزاعات الجانبية التي يمكن تلافيها بإجراءات وقائية ذكية، وبذلك يتحقق التوازن المنشود الذي يخدم الاقتصاد الوطني ويحفظ حقوق أصحاب الأعمال والعمال على حد سواء، مما يسهم في رفع كفاءة سوق العمل السعودي وجاذبيته إقليمياً وعالمياً.