مخاطر الزراعة المبكرة للقمح تشكل تهديدًا حقيقيًا لمستقبل الإنتاجية هذا الموسم؛ حيث أطلق الدكتور محمد علي فهيم رئيس مركز معلومات تغير المناخ بمركز البحوث الزراعية نداءات عاجلة وتحذيرات شديدة الأهمية للمزارعين الذين تسرعوا في عملية البذر قبل حلول الموعد الأمثل المعتمد فنيًا، وتأتي هذه التنبيهات الضرورية في توقيت حاسم تزامنًا مع توقعات بحدوث تقلبات مناخية قد تؤثر سلبًا على نمو المحاصيل التي تمت زراعتها قبل الفترة الذهبية المحددة بين العاشر من نوفمبر والخامس من ديسمبر، مما يستدعي تحركًا سريعًا لتدارك الموقف وتطبيق حزمة من الإجراءات الفنية الدقيقة لإنقاذ الموسم.
تداعيات ومخاطر الزراعة المبكرة للقمح في ظل التغيرات المناخية
يعود السبب الرئيسي خلف تفاقم هذه المشكلة وتكرار التحذيرات منها إلى استمرار دفء أجواء فصل الخريف الذي دفع النباتات لتجاوز مراحل النمو الطبيعية بسرعة قياسية وغير معهودة؛ وهو الأمر الذي جعل المحصول يدخل في مراحل فسيولوجية حرجة مثل الطرد والإخصاب والعقد في توقيتات غير مناسبة مناخيًا على الإطلاق، وقد أكد الخبراء أن هذا الاستعجال غير المدروس يعرض النباتات لهجمات الآفات الحشرية الشرسة مثل الأجيال الأولى من حشرة المن والتربس في وقت مبكر جدًا من عمر النبات، إضافة إلى زيادة احتمالية الإصابة بالأمراض الفطرية الخطيرة التي تدمر الأوراق والسنابل كالصدأ والتفحم السائب والبياض الدقيقي، مما يؤكد جدية مخاطر الزراعة المبكرة للقمح وتأثيرها المباشر على العائد الاقتصادي للمزارع الذي يسعى لتحقيق أعلى ربحية ممكنة من أرضه.
تأثير مخاطر الزراعة المبكرة للقمح على الإنتاجية وجودة السنابل
تتعدد المشكلات الفنية التي تواجه المزارع الذي خالف المواعيد الموصى بها علميًا، حيث يؤدي الطرد المبكر للسنابل قبل اكتمال مرحلة التفريع وبناء المجموع الخضري القوي إلى ضعف عام في بنية المحصول؛ وتتمثل النتيجة المباشرة والحتمية لذلك في قلة عدد الأشطاء وبالتالي انخفاض عدد السنابل في وحدة المساحة بشكل كبير، كما أن السنابل الناتجة تكون صغيرة الحجم وقليلة الحبوب بسبب فشل عملية الإخصاب الحيوية نتيجة الظروف الجوية غير الملائمة في هذا التوقيت المبكر، ولتوضيح الصورة بشكل أدق وتفصيلي يمكن تلخيص أبرز التهديدات والمشكلات المتوقعة التي تشكل جوهر مخاطر الزراعة المبكرة للقمح في النقاط الجوهرية التالية:
- دخول النبات في مراحل نمو متقدمة وحرجة لا تتوافق مع حالة الطقس المتوقعة مما يضعف البنية الأساسية للمحصول ويجعله هشًا.
- انخفاض معدلات التفريع بشكل حاد للغاية مما يؤدي مباشرة إلى تدهور الإنتاجية النهائية عند الحصاد ونقص عدد الأردب للفدان.
- تعرض المحصول الناضج مبكرًا لهجمات مركزة وشرسة من الطيور والعصافير خاصة في المناطق التي لا يحيط بها مساحات واسعة من القمح.
- ضعف نسبة العقد وتكوين الحبوب الممتلئة داخل السنابل بسبب عدم ملاءمة درجات الحرارة والرطوبة لعمليات التلقيح الطبيعية.
برنامج تسميد علاجي لمواجهة مخاطر الزراعة المبكرة للقمح
قدم الدكتور فهيم خارطة طريق واضحة وعملية للمزارعين تهدف إلى تقليل حجم الخسائر المتوقعة عبر إدارة دقيقة وذكية لعمليات التسميد، حيث يعتمد البرنامج العلاجي المقترح على توقيتات محددة وصارمة لإضافة العناصر الغذائية التي تساعد النبات على استعادة توازنه الفسيولوجي قدر الإمكان؛ ويجب على المزارع الالتزام التام بهذه المواعيد وعدم الاجتهاد فيها لتجنب تفاقم مخاطر الزراعة المبكرة للقمح التي قد تودي بالموسم كاملاً إذا تم تجاهلها، ولتسهيل الأمر على المزارعين تم وضع جدول زمني مبسط يوضح مواعيد إضافة العناصر الهامة ومراحل النمو الحرجة التي تتطلب تدخلاً سريعًا لتعويض النبات عما فاته من مراحل بناء طبيعية:
| الإجراء أو العنصر السمادي المطلوب | التوقيت المناسب للتطبيق (عمر النبات) |
|---|---|
| رفع مستويات الفسفور بقوة | خلال الفترة من عمر 10 أيام وحتى 60 يومًا |
| إضافة عنصري الزنك والكالسيوم | يجب تأجيلها تمامًا إلى منتصف شهر ديسمبر |
| استخدام مركب فوسفيت البوتاسيوم | في المرحلة المتأخرة فقط (عمر 85 إلى 105 أيام) |
يتوجب على كافة المزارعين في الوقت الحالي تنفيذ إجراءات الحماية الميكانيكية ضد الطيور بشكل استباقي وفعال لضمان عدم فقدان ما تبقى من المحصول في الحقول المعرضة للنضج المبكر؛ فإن الالتزام الدقيق بهذه التوصيات العلمية والبرامج التسميدية المدروسة يعد الوسيلة الوحيدة المتاحة حاليًا للخروج بأقل الخسائر الممكنة من مأزق مخاطر الزراعة المبكرة للقمح وتأمين إنتاجية مقبولة تعوض المزارع عن جهده وتكاليف زراعته رغم التحديات المناخية الصعبة التي تفرضها الطبيعة.
