مرض جفاف الجلد المصطبغ هو التحدي الصحي القاسي الذي تواجهه شقيقتان صغيرتان تعيشان في أستراليا؛ حيث تمنعهما هذه الحالة الوراثية النادرة من التعرض لأشعة الشمس بشكل قاطع، وفي ظل هذه المعاناة اليومية المستمرة يسابق والداهما الزمن لجمع التبرعات اللازمة لإنشاء مساحة لعب آمنة ومحمية تمامًا من الأشعة فوق البنفسجية لضمان توفير بيئة طفولية طبيعية لابنتيهما قبل حلول موسم أعياد الميلاد المقبل.
تشخيص ومعاناة الأسرة مع مرض جفاف الجلد المصطبغ
تعيش عائلة أسترالية مأساة حقيقية رصدها موقع مجلة “بيبول”؛ إذ تعاني الابنتان تايا البالغة من العمر سبع سنوات وشقيقتها الكبرى أميل ذات الاثني عشر عامًا من حالة طبية نادرة للغاية تعرف باسم مرض جفاف الجلد المصطبغ، وهي حالة تصيب شخصًا واحدًا فقط من كل مليون شخص حول العالم وتسبب حساسية مفرطة وقاتلة تجاه الضوء فوق البنفسجي، وقد عبر الأب بكلمات مؤثرة عن رغبته البسيطة في منح طفلتيه حياة تشبه حياة أي طفل آخر؛ لأن كل تفاصيل الحياة اليومية أصبحت أكثر صعوبة وتعقيدًا بسبب هذا المرض الذي يتربص بهما عند كل نافذة وباب.
بدأت فصول هذه المعاناة المؤلمة قبل اثني عشر عامًا حينما قرر الوالدان اصطحاب طفلتهما الأولى أميل التي لم تكن تتجاوز ثلاثة أشهر من عمرها في نزهة قصيرة ومشمسة داخل الحديقة، ولكن النزهة تحولت سريعًا إلى صدمة مروعة للعائلة بأكملها بعد ظهور حروق جلدية شديدة تشبه حروق الدرجة الثالثة غطت وجه الرضيعة ورقبتها وأي منطقة كانت مكشوفة من جسدها الصغير، ومع مرور السنوات بدأت الأخت الصغرى تايا تعاني من أعراض غامضة مماثلة؛ ليقوم الطبيب المختص “أندرومينج” بتشخيص الشقيقتين رسميًا بالإصابة بداء مرض جفاف الجلد المصطبغ الذي يضع حياتهما تحت تهديد دائم ومستمر.
المخاطر الصحية وطرق الوقاية من مرض جفاف الجلد المصطبغ
يؤكد الدكتور مينج في تشخيصه للحالة أن مرض جفاف الجلد المصطبغ لا يمكن التعامل معه بمجرد وضع كريمات الوقاية من الشمس التقليدية؛ بل هو تهديد حقيقي ومباشر لحياة المصابين به، وتكمن الخطورة الكبرى في أن التعرض لأشعة الشمس ولو لدقائق معدودة قد يؤدي إلى ظهور فقاعات جلدية مؤلمة وحروق مدمرة، والأخطر من ذلك هو الارتفاع الهائل في معدلات الإصابة بالأورام الخبيثة؛ حيث تشير البيانات الطبية إلى وجود فوارق مرعبة في احتمالات الإصابة بالسرطان بين الأشخاص الأصحاء والمصابين بهذه الحالة، وهو ما يوضحه الجدول التالي بدقة:
| نوع الخطر السرطاني | معدل زيادة الاحتمالية للمصابين |
|---|---|
| سرطانات الجلد غير الميلانية | أكثر عرضة بمعدل 10,000 مرة |
| سرطان الجلد الميلاني | أكثر عرضة بمعدل 2,000 مرة |
ونظرًا لأن أي تعرض ضئيل للشمس قد يكون قاتلاً بسبب مرض جفاف الجلد المصطبغ؛ فإن خروج الشقيقتين خلال ساعات النهار يعد عملية لوجستية بالغة التعقيد، فلا يُسمح لهما بمغادرة المنزل إلا بعد تطبيق إجراءات حماية قاسية وصارمة للغاية لضمان عدم وصول أي شعاع ضار إلى بشرتهما الحساسة، وتشمل هذه الإجراءات الروتينية التي لا يمكن التهاون فيها عدة خطوات وقائية متكاملة تضمن عزلاً تامًا عن المحيط الخارجي المشمس:
- وضع طبقات كثيفة ومتعددة من واقي الشمس الطبي المتخصص لضمان تغطية كاملة
- ارتداء ملابس خاصة مصممة بتقنيات مضادة لاختراق الأشعة فوق البنفسجية للجسم
- استخدام قفازات واقية للأيدي طوال فترة التواجد خارج المنزل لحماية الأطراف
- تغطية الرأس والوجه بالكامل باستخدام خوذة مصممة خصيصًا لحجب الأشعة والضوء
مشروع الملاذ الآمن لمواجهة تحديات مرض جفاف الجلد المصطبغ
في محاولة جادة لتخفيف العبء النفسي والجسدي الذي يفرضه مرض جفاف الجلد المصطبغ على الطفلتين؛ عكفت الأسرة على مدار أربع سنوات متواصلة على التخطيط وجمع التبرعات لبناء مساحة لعب واسعة ومحمية كليًا من الأشعة فوق البنفسجية في الفناء الخلفي لمنزلهم الواقع في نيو ساوث ويلز، وتسعى الأسرة حاليًا للوصول إلى المبلغ المتبقي وهو مائة وأربعة وستين ألف دولار أمريكي من أصل التكلفة الإجمالية للمشروع التي تتجاوز ثلاثمائة وسبعة وأربعين ألف دولار أمريكي؛ ليكون هذا المشروع بمثابة المتنفس الوحيد للفتاتين لممارسة حياتهما بطفولة وانطلاق.
صمم هذا المشروع ليكون حلاً جذريًا لمشاكل العزل التي يسببها مرض جفاف الجلد المصطبغ؛ حيث من المتوقع أن تشمل المساحة عشبًا طبيعيًا وسقفًا متخصصًا عالي التقنية لحجب الأشعة الضارة بالإضافة إلى ستائر واقية تحيط بالمكان، كما ستحتوي المنطقة على ألعاب متنوعة ومسطحات مائية وأدوات للنشاطات الرياضية، وقد وصف الأب هذا المشروع الطموح بأنه سيكون بمثابة “حصن شمسي” منيع يوفر الحماية القصوى لطفلتيه من الخطر اليومي القاتل الذي تشكله الشمس ويمنحهما الأمان الذي تفتقدانه.
