شهادات توثق جرائم “فيلق إفريقيا” في مالي: عمليات إعدام واغتصاب تلاحق المدنيين

شهادات توثق جرائم “فيلق إفريقيا” في مالي: عمليات إعدام واغتصاب تلاحق المدنيين

انتهاكات فيلق إفريقيا باتت حديث اللاجئين الذين أكدوا أن هذه القوات تستخدم نفس الأساليب الوحشية التي كانت تتبعها مجموعة فاغنر سابقًا، حيث كشفت روايات جديدة لم تتداولها وسائل الإعلام الدولية عن فظائع يرتكبها هؤلاء الجنود، وقد عرض لاجئون مقاطع فيديو توثق حرق قرى بأكملها على يد رجال بيض، بينما تحدث آخرون عن العثور على جثث أقاربهم منزوعة الكبد والكليتين في مشاهد مرعبة أعادت للأذهان السمعة السيئة التي ارتبطت بمرتزقة فاغنر في المنطقة.

تصاعد وحشية فيلق إفريقيا وسياسة الأرض المحروقة

وصف أحد زعماء القرى في مالي الوضع الحالي بأنه تطبيق حرفي لسياسة الأرض المحروقة، إذ أشار إلى أن الجنود يطلقون النار فور رؤية أي شخص دون توجيه أسئلة أو تحذيرات مسبقة، وهو ما جعل منطقة الساحل الشاسعة في غرب إفريقيا البقعة الأكثر دموية عالميًا بسبب نشاط الجماعات المتطرفة وسقوط آلاف القتلى، ورغم تحول الحكومات العسكرية في مالي والنيجر وبوركينا فاسو نحو التحالف مع روسيا بدلاً من الغرب طلبًا للدعم ضد التنظيمات المرتبطة بالقاعدة وداعش، إلا أن الأمل بتقلص العنف تلاشى بمجرد أن حل فيلق إفريقيا محل فاغنر قبل ستة أشهر، حيث أكدت الأمم المتحدة ارتكاب كافة أطراف النزاع لانتهاكات جسيمة بحق المدنيين العزل، وتشمل الشهادات الحصرية التي جمعتها وكالة أسوشيتد برس من اللاجئين الذين فروا إلى الحدود الموريتانية قائمة مرعبة من الممارسات الوحشية التي ينفذها هؤلاء المسلحون في مناطق خارجة عن سلطة القانون:

  • عمليات قتل عشوائية تستهدف السكان القرويين دون تمييز
  • حالات خطف واعتداءات جنسية متكررة ضد النساء والفتيات
  • نهب شامل للممتلكات وحرق المنازل وتدمير سبل العيش

أكد اللاجئون الـ 34 الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم خوفًا من الانتقام أن هؤلاء الرجال يتقاضون رواتب حكومية ويواصلون المجازر بنفس الوتيرة، مما يثبت بالنسبة لهم أنه لا فرق جوهري بين العناصر السابقة وعناصر فيلق إفريقيا الحالية من حيث الإجرام والبطش بالسكان المحليين.

شهادات مروعة حول ممارسات فيلق إفريقيا الميدانية

تروي موجالوا وهي راعية ماشية من شمال مالي تفاصيل مؤلمة عن هجوم مباغت تعرضت له عائلتها، فبينما كانت تعد الشاي الأسود الحلو في الصباح الباكر توقفت سيارتان مليئتان برجال بيض ملثمين يصرخون بلغة أجنبية غريبة، ورغم أنها شهدت عقدًا كاملاً من العنف إلا أنها أكدت عدم رؤيتها لوحشية تضاهي تصرفات هؤلاء الرجال الذين وصلوا برفقة جنود ماليين، حيث أمسكوا بابنها “كوبادي” البالغ من العمر عشرين عامًا وسألوه عما إذا رأى مسلحين، وعندما أجاب بالنفي انهالوا عليه بالضرب حتى فقد وعيه ثم قاموا بذبحه بدم بارد أمام عيني والدته التي وقفت عاجزة عن التدخل، ولم تتوقف مأساة الأسرة عند هذا الحد بل عاد عناصر يُعتقد أنهم من فيلق إفريقيا مجددًا في أواخر أكتوبر لنهب كل ما تملكه العائلة من حيوانات وحلي، وفيما يلي تفاصيل الاعتداء الثاني كما روتها الشاهدة:

الضحية المستهدفة تفاصيل الانتهاك المرتكب
الابنة الصغرى أخادية محاولة جرها بالقوة قبل أن تقاوم وتفلت منهم
الابنة الكبرى فاطمة الاختطاف والاقتياد إلى خيام المسلحين

لاحظ المسلحون الابنة الكبرى فاطمة بعد مقاومة أختها الصغرى فقرروا صرف النظر عن الصغرى واقتياد الكبرى، وفي تلك اللحظات العصيبة ومن دون تفكير أمسكت الأم بيد ابنتها أخادية وهربتا سويًا تاركتين فاطمة خلفهما لمصير مجهول، وهي ذكرى مؤلمة تجعل موجالوا ترتجف كلما تذكرتها آملة أن تعود ابنتها يومًا ما سالمة.

الموقف الدولي والعقبات أمام رصد فيلق إفريقيا

يشير الخبراء والمحللون إلى استحالة حصر أعداد الأشخاص الذين يقتلون أو يتعرضون للاعتداء بدقة في مالي وخاصة في المناطق النائية، وذلك في ظل القيود المتزايدة والمفروضة على وصول الصحفيين وعمال الإغاثة إلى البلاد، حيث أكد سوكرو جانسيز أوغلو ممثل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في موريتانيا أن العائلات تتفكك وسط عمليات قتل واغتصاب واسعة النطاق، ومع ذلك يبقى تحديد الجناة بدقة أمرًا معقدًا أحياناً، وقد صرح إدواردو جونزاليس كويفا الخبير المستقل للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في مالي بأنه طلب إذنًا لزيارة البلاد مرتين هذا العام وأرسل استبياناً للسلطات لكنهم لم يردوا، إذ تعتبر الحكومة المالية أن التحقيقات في انتهاكات فيلق إفريقيا وغيرهم تضر بمعنويات القوات وتعد غير مناسبة، وهو ما أشار إليه التقرير المقدم لمجلس حقوق الإنسان في مارس بأن الإفلات من العقاب يسرع وتيرة الانتهاكات الجسيمة، مما يضع موسكو أمام مسؤولية مباشرة وفقًا للمحللين القانونيين.