مواجهة الشائعات والأخبار المغلوطة التي تستهدف زعزعة الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي باتت على رأس أولويات الحكومة المصرية في الوقت الراهن، حيث أكد المستشار محمد الحمصاني المتحدث الرسمي باسم رئاسة مجلس الوزراء أن الدولة رصدت في الآونة الأخيرة زيادة ملحوظة في معدلات انتشار الأخبار الكاذبة، مما استدعى اهتمامًا مباشرًا من رئيس الوزراء الذي طرح هذا الملف للنقاش الموسع خلال اجتماع الحكومة الأخير، وقد أسفر هذا الاهتمام عن عقد اجتماع متخصص خلال الأسبوع الجاري ركز بشكل أساسي على وضع استراتيجية متكاملة تهدف إلى تفنيد الأكاذيب والرد عليها بشكل فوري وحاسم لضمان وصول الحقيقة كاملة للمواطنين ومنع أي تضليل متعمد.
استراتيجية الحكومة الشاملة في ملف مواجهة الشائعات
أوضح المتحدث الرسمي أن الاجتماعات الحكومية الأخيرة لم تكتفِ فقط برصد الظاهرة بل تعمقت في تحليل أبعادها وتأثيراتها المختلفة على المجتمع والدولة، حيث تم وضع خطوط فاصلة وواضحة بين النقد البناء والموضوعي الذي يوجه للمؤسسات بغرض التحسين والتطوير والذي تهتم الدولة بالرد عليه وتوضيح الحقائق بشأنه، وبين تلك الحملات الممنهجة التي تندرج تحت بند الشائعات المغرضة والمقصودة التي تستهدف بشكل مباشر كيانات اقتصادية وشركات كبرى، وهو الأمر الذي أحدث حالة من البلبلة الكبيرة وتسبب في خسائر مادية ومعنوية لا يمكن الاستهانة بها، مما جعل من الضروري التحرك وفق رؤية استراتيجية موحدة تشارك فيها كافة الجهات المعنية لضمان التصدي لهذه الهجمات المعلوماتية وحماية الاقتصاد الوطني من أي هزات قد تنتج عن تداول معلومات لا أساس لها من الصحة.
وأشار الحمصاني خلال مداخلته الهاتفية ببرنامج “مع الناس” المذاع عبر فضائية “الناس” إلى أن خطورة الموقف الحالي تكمن في أن هذه الأخبار الكاذبة تجاوزت مرحلة الكلام العام ووصلت إلى حد الإضرار المباشر بمصالح شركات بعينها، وذلك عبر نسج قصص وهمية وادعاءات باطلة أدت إلى تكبد تلك القطاعات لخسائر اقتصادية فادحة، وهو ما استوجب وقفة حكومية صارمة وواضحة لإنهاء هذه المهزلة، وقد شهد الاجتماع المخصص لهذا الغرض استعراضًا موسعًا للجهود التي تبذلها مختلف أجهزة الدولة في سبيل دحض هذه الافتراءات، والعمل على توفير المعلومات الصحيحة في التوقيت المناسب لقطع الطريق على مروجي الفتن ومثيري القلق في الشارع المصري.
وفي إطار تعزيز جهود مواجهة الشائعات تعتمد الحكومة بشكل كبير على التقنيات الحديثة وأدوات الرصد المتطورة لضمان دقة المعلومات وسرعة الاستجابة، وفيما يلي جدول يوضح أبرز الآليات التي تعتمد عليها الدولة في هذا الصدد:
| الآلية المستخدمة | الدور والمهام المنوطة بها |
|---|---|
| المرصد الإعلامي بمركز المعلومات | رصد كل ما يتم تداوله من أخبار على مدار الساعة وتحليلها والعودة للمصادر الرسمية للتحقق من دقتها. |
| المنصة الرقمية للمركز الإعلامي | تحليل المضمون الإعلامي وإعطاء نتائج عالية الدقة تساعد في اتخاذ القرارات ونفي الأخبار الكاذبة فور ثبوت عدم صحتها. |
التعديلات التشريعية لتعزيز مواجهة الشائعات الاقتصادية
ناقش الاجتماع الحكومي كذلك الجانب التشريعي باعتباره الرادع الأساسي لكل من تسول له نفسه العبث بمقدرات الوطن، حيث تم التطرق إلى أهمية النظر في القوانين الحالية التي تجرم بالفعل نشر وإذاعة الأخبار الكاذبة، خاصة تلك التي تستهدف القطاعات الاقتصادية وتلحق بها أضرارًا جسيمة، إلا أن التوجيهات الحالية تتجه نحو دراسة إمكانية تغليظ هذه العقوبات وتشديدها في المستقبل القريب لتكون أكثر حزمًا وردعًا، وتأتي هذه الخطوة ضمن رؤية مشتركة تهدف إلى تفعيل منظومة متكاملة للتصدي لهذه الظاهرة، حيث أن القوانين الحالية ورغم وجودها تحتاج إلى مراجعة مستمرة لتواكب تطور أساليب نشر الأكاذيب وسرعة انتشارها عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات المختلفة.
وكشف المتحدث باسم مجلس الوزراء عن وجود نظرة تشريعية قيد الدراسة والبحث حاليًا تهدف إلى تعديل النصوص القانونية بما يسمح بتشديد العقوبات ضد أي شخص يسيء للمجتمع أو يحاول الإضرار بالاقتصاد الوطني عبر نشر معلومات مضللة، مؤكدًا أن هذا المقترح لا يزال في طور البحث لضمان خروجه بالشكل الذي يحقق الردع العام والخاص، ويحمي المجتمع من مخاطر الانزلاق وراء شائعات قد تعصف بالاستقرار، خاصة وأن هذه الممارسات لم تعد مجرد أخطاء فردية بل أصبحت أدوات تستخدم في إطار حروب الجيل الرابع التي تعتمد على هدم الروح المعنوية وبث حالة من الانهزامية واليأس بين المواطنين، مما يجعل المواجهة القانونية ضرورة ملحة لا غنى عنها بالتوازي مع التوعية المجتمعية.
دور وعي المواطن كحائط صد في مواجهة الشائعات
لا يمكن للجهود الحكومية وحدها أن تنجح في القضاء على هذه الظاهرة دون وجود ظهير شعبي واعي ومدرك لخطورة الموقف، لذا شدد الحمصاني على أن للمواطن دورًا محوريًا وحاسمًا في إنجاح خطة مواجهة الشائعات والحد من انتشارها، ويتمثل هذا الدور في ضرورة التحلي بالمسؤولية عند التعامل مع أي معلومة يتم تداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو المنصات غير الرسمية، وعدم الانسياق وراء العناوين البراقة أو الأخبار التي تهدف لإثارة المشاعر دون الاستناد إلى وقائع حقيقية، فالوعي المجتمعي هو خط الدفاع الأول الذي تتحطم عليه محاولات التزييف والتضليل التي يمارسها البعض سواء عن جهل أو سوء نية للإضرار بالدولة ومؤسساتها.
وحدد المتحدث الرسمي مجموعة من الخطوات والإجراءات التي يجب على كل مواطن الالتزام بها عند تعرضه لأي خبر أو معلومة، لضمان عدم مشاركته في نشر الفوضى المعلوماتية، ويمكن تلخيص هذه الخطوات في النقاط التالية:
- التأكد التام من مصدر المعلومة قبل الشروع في نشرها أو تداولها مع الآخرين.
- الامتناع نهائيًا عن نشر أي معلومات مجهولة المصدر أو غير منسوبة لجهات رسمية موثوقة.
- الرجوع دائمًا إلى الصفحات والبيانات الرسمية للوزارات والهيئات المعنية للتأكد من صحة الأخبار.
- انتظار البيان الرسمي عند ظهور أي واقعة جدلية لمعرفة التفاصيل الكاملة والملابسات الحقيقية.
إن التحديات التي تفرضها حروب الجيل الرابع ومحاولات بث الروح الانهزامية تستلزم تكاتفًا حقيقيًا وتعاونًا وثيقًا بين أجهزة الدولة والمواطن المصري، فالهدف النهائي من هذه الشائعات هو ضرب السلم الاجتماعي وزعزعة الثقة بين الشعب ومؤسساته، وهو ما يتطلب يقظة دائمة وعدم السماح لهذه المخططات بالنفاذ إلى عقول المواطنين، فالتحقق من المعلومة قبل نشرها ليس مجرد إجراء وقائي بل هو واجب وطني يساهم في حماية الاقتصاد والحفاظ على استقرار المجتمع وأمنه.
