الحصار الأمريكي على ناقلات النفط الفنزويلية بات العنوان الأبرز للصراع المتصاعد في منطقة الكاريبي بعد سلسلة من التحركات العسكرية والقرارات السياسية المفاجئة، إذ بدأت هذه المرحلة الجديدة عقب قيام القوات الأميركية بعملية نوعية تمثلت في الاستيلاء على سفينة شحن قبالة السواحل الفنزويلية، وهي خطوة وصفت بأنها غير معتادة وتزامنت مع حشود عسكرية ضخمة مهدت لإعلان الرئيس دونالد ترامب عن إجراءات صارمة تهدف إلى خنق الموارد المالية لكراكاس واستعادة ما وصفه بالأصول المسروقة.
أبعاد قرار الحصار الأمريكي على ناقلات النفط الفنزويلية وتصريحات ترامب
جاء الإعلان عن هذه الإجراءات الحاسمة عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث كشف ترامب في منشور له مساء الثلاثاء عن بدء تنفيذ خطة تطويق بحري شاملة، زاعماً أن النظام في فنزويلا يعتمد بشكل أساسي على العوائد المالية الناتجة عن بيع الذهب الأسود لتمويل عمليات تهريب المخدرات ودعم أنشطة إجرامية متنوعة تهدد الأمن الإقليمي، وقد أوضح في منشوره على منصة “تروث سوشيال” أنه أصدر أمراً تنفيذياً بفرض طوق كامل وشامل يستهدف كافة السفن الخاضعة للعقوبات التي تحاول الدخول إلى المياه الفنزويلية أو الخروج منها، مؤكداً أن الأسطول البحري الأميركي المنتشر في المنطقة سيزداد حجماً وقوة لضمان تنفيذ هذه التعليمات بدقة متناهية حتى تتم إعادة الأصول والأراضي التي يدعي أن فنزويلا سرقتها من الولايات المتحدة سابقاً.
وفي سياق تبرير هذا التصعيد العسكري غير المسبوق، صرحت الإدارة الأميركية بأنها صنفت النظام الفنزويلي كمنظمة إرهابية أجنبية، مما يستدعي التعامل معه بأقصى درجات الحزم والقوة العسكرية، وأشار الرئيس الأميركي إلى أن فنزويلا أصبحت الآن محاصرة بالكامل بأكبر أسطول بحري تم تجميعه في تاريخ قارة أميركا الجنوبية، مشدداً على أن البلاد ستتلقى صدمة لم تشهدها من قبل، وأضاف أن نظام نيكولاس مادورو الذي وصفه بغير الشرعي يستغل النفط المستخرج من الحقول التي يعتبرها ترامب مسروقة لتمويل أنشطته المشبوهة، ويمكن تلخيص المبررات الأميركية لهذا التحرك في النقاط التالية:
- استخدام عائدات النفط في تمويل شبكات تهريب المخدرات والجريمة المنظمة.
- استعادة الأصول النفطية والأراضي التي تدعي واشنطن أن كراكاس استولت عليها.
- منع النظام الفنزويلي المصنف كمنظمة إرهابية من الاستفادة من الموارد الطبيعية.
- تطبيق العقوبات الصارمة على السفن التي تنتهك الحظر المفروض في المنطقة.
الرد الدبلوماسي على الحصار الأمريكي على ناقلات النفط الفنزويلية في الأمم المتحدة
لم تقف الحكومة الفنزويلية مكتوفة الأيدي أمام هذه الإجراءات، بل سارعت إلى تقديم شكوى رسمية وتنديد شديد اللهجة أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، واصفة عملية السيطرة على السفينة التي وقعت في العاشر من ديسمبر بأنها عملية “سرقة” موصوفة قامت بها الولايات المتحدة خلال تحرك عسكري عدواني، وتأتي هذه الشكوى في ظل ضغوط متزايدة تمارسها إدارة ترامب منذ أشهر طويلة، شملت تعزيزات بحرية وضربات استهدفت قوارب تتهمها واشنطن بنقل الممنوعات، وهي عمليات أسفرت وفقاً للإحصائيات المتداولة عن مقتل ما لا يقل عن خمسة وتسعين شخصاً، واعتبرت كراكاس أن هذه الممارسات تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وسيادة الدول.
وقد وجهت فنزويلا رسالة عاجلة إلى الدبلوماسي السلوفيني صامويل زبوغار الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية لمجلس الأمن، حضت فيها المجلس على إدانة ما وصفته بأنه عمل من أعمال القرصنة التي تتم برعاية دولة، واستخدام غير مشروع ومفرط للقوة العسكرية ضد سفينة خاصة، وسرقة شحنة ناتجة عن تجارة دولية مشروعة لا غبار عليها، كما طالبت السلطات الأميركية بالإفراج الفوري عن أفراد طاقم السفينة الذين وصفتهم بالمخطوفين، وفيما يلي جدول يوضح تفاصيل الحادثة والاتهامات المتبادلة بين الطرفين:
| عنصر المقارنة | الرواية الأميركية | الرواية الفنزويلية |
|---|---|---|
| وصف الحادثة | إنفاذ للقانون ومصادرة شحنة غير شرعية | قرصنة برعاية دولة وسرقة موصوفة |
| الهدف المعلن | مكافحة تهريب المخدرات وتمويل الإرهاب | إطاحة النظام وسرقة الموارد النفطية |
| مصير الشحنة | الاحتفاظ بها ومصادرتها لصالح واشنطن | المطالبة باستعادتها لأنها تجارة مشروعة |
تداعيات الحصار الأمريكي على ناقلات النفط الفنزويلية وتأثيره الاقتصادي
من جهته اعتبر الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو أن الانتشار العسكري الأميركي المكثف على مسافة قريبة جداً من حدود بلاده هو جزء من خطة ممنهجة تهدف إلى إطاحة نظامه والسيطرة على الثروات الطبيعية، مؤكداً أن واشنطن تسعى لسرقة النفط الفنزويلي الوفير تحت ستار ذريعة مكافحة المخدرات الواهية، وقد جاء هذا التصريح بعد أن استولت القوات الأميركية الأسبوع الماضي أيضاً على ناقلة نفط أخرى اتهمتها بنقل الخام من السوق السوداء في انتهاك للحظر المفروض، وأكدت واشنطن عزمها الاحتفاظ بتلك الشحنة المصادرة، مما يزيد من تعقيد المشهد الاقتصادي للدولة التي تمتلك أكبر احتياطات نفطية مؤكدة في العالم.
وتواجه صناعة الطاقة في فنزويلا تحديات وجودية بسبب استمرار الحصار الأمريكي على ناقلات النفط الفنزويلية وتضييق الخناق على قنوات التصدير الرسمية، فعلى الرغم من أن البلاد تنتج حوالي مليون برميل من النفط يومياً، إلا أنها تجد صعوبة بالغة في تصريف هذه الكميات عبر الطرق التقليدية منذ فرض الحظر في عام 2019، مما يجبرها على اللجوء إلى بيع مخزونها في السوق السوداء بأسعار مخفضة جداً لضمان استمرار تدفق الحد الأدنى من السيولة المالية اللازمة لتسيير شؤون الدولة، وهو ما يعزز الاتهامات الأميركية ويمنح واشنطن ذريعة لاستمرار مطاردة السفن في المياه الدولية وتشديد القبضة العسكرية حول الموانئ الفنزويلية.
