إمبراطورية العليان تمثل نموذجاً استثنائياً للنجاح الاقتصادي العائلي الذي تجاوز الحدود المحلية ليصل إلى العالمية، فقد كشف تقرير مفصل لوكالة بلومبرغ عن خفايا هذه القوة المالية الهائلة التي تقودها الشقيقتان لبنى وحذام بكفاءة نادرة، حيث استطاعتا شق طريق الريادة في بيئة كانت تفتقر سابقاً للوجود النسائي الفعال في قطاع المال والأعمال؛ مما جعل هذه المجموعة ركيزة أساسية في الاقتصاد السعودي وحلقة وصل حيوية مع الأسواق الغربية الكبرى، لتثبت المرأة السعودية قدرتها على إدارة أضخم المحافظ الاستثمارية.
نهج الحوكمة والريادة في إمبراطورية العليان
واجهت الشقيقتان تحديات كبيرة في بداية المسيرة المهنية تمثلت في غياب أبسط الخدمات اللوجستية مثل عدم وجود مرافق مخصصة للنساء في المصانع أو قاعات الاجتماعات، لكن لبنى العليان لم تعتمد الأسلوب الصدامي في مواجهة هذه العقبات، بل تبنت فلسفة تعتمد على التفاوض والأخذ والعطاء والمثابرة الصامتة لإثبات الكفاءة المهنية؛ مما أجبر المجتمع الاقتصادي في النهاية على الاعتراف بوجودهن كقوة لا يستهان بها، وقد ساهم هذا الصبر الاستراتيجي في تمهيد الطريق لأجيال قادمة من السيدات لاختراق السقف الزجاجي في زمن كانت فيه المرأة تحتاج لإذن ولي الأمر لاستصدار جواز سفر أو قيادة السيارة.
تتميز إمبراطورية العليان بقدرة فائقة على مأسسة العمل العائلي والابتعاد عن الإدارة التقليدية القائمة على الإرث فقط، حيث أدخلت الشقيقتان أطر حوكمة الشركات وفق أعلى المعايير العالمية الاحترافية، وهو ما حصن المجموعة ضد الهزات الاقتصادية والسياسية المختلفة، بما في ذلك تجاوز تداعيات أحداث فندق ريتز كارلتون عام 2017 دون أن يمس سمعة الشركة أو استقرارها أي سوء؛ بفضل العمل المؤسسي الرصين والسمعة الطيبة التي بنتها العائلة على مدار عقود، لتتحول الشركة من كيان محلي إلى عملاق يعمل بعقلية الصناديق السيادية العالمية في إدارة السندات والملكية الخاصة.
حجم الأصول والثروة ضمن إمبراطورية العليان
تمتلك المجموعة نفوذاً مالياً هائلاً يضعها في مصاف أثرياء العالم، حيث تشير التقديرات إلى أرقام فلكية تجعل العائلة تتفوق في الثراء على شخصيات بارزة مثل الأمير الوليد بن طلال، وتدير إمبراطورية العليان محفظة أسهم ضخمة في الولايات المتحدة الأمريكية تضاهي في حجمها وتنوعها استثمارات الصناديق السيادية الرسمية، وتشمل حصصاً استراتيجية في كبرى شركات التكنولوجيا والمال العالمية؛ مما يعكس عمق الرؤية الاستثمارية التي تتمتع بها القيادة النسائية للمجموعة وقدرتها على تنمية الأصول عبر الحدود.
| بيانات الثروة والاستثمار | التفاصيل والتقديرات المالية |
|---|---|
| تقديرات الثروة الإجمالية | تتراوح بين 50 مليار دولار (بلومبرغ) وتصل إلى 100 مليار دولار وفق مصادر مطلعة |
| قيمة محفظة الأسهم الأمريكية | تبلغ حوالي 12.7 مليار دولار (تقترب من استثمارات الصندوق السيادي السعودي البالغة 19 مليار دولار) |
| أبرز الاستثمارات العالمية | حصص في بلاك روك، جيه بي مورغان، مايكروسوفت، أمازون، وعضوية مجلس إدارة بروكفيلد |
تلعب الشقيقتان دوراً محورياً كسفيرات للاقتصاد السعودي في المحافل الدولية، حيث تعتبر إمبراطورية العليان الجسر الأقوى الذي يربط “وول ستريت” بالعاصمة الرياض، فظهور لبنى العليان بجانب إيلون ماسك في عشاء بالبيت الأبيض وترؤسها لمجلس الأعمال الأمريكي السعودي يؤكد مكانتها الدولية، بينما تشغل حذام عضوية مجالس إدارة شركات عالمية كبرى، مما يعزز من حضور المملكة في دوائر صنع القرار المالي العالمي؛ ويؤكد أن القوة الحقيقية للمرأة القيادية تكمن في التأثير الفعلي والنتائج المالية الملموسة بعيداً عن البهرجة الإعلامية.
الهيكل العائلي ومستقبل إمبراطورية العليان
تتوزع المهام القيادية داخل العائلة بتناغم دقيق يضمن استمرار النجاح، فبعد وفاة المؤسس سليمان العليان عام 2002، تولى الشقيق خالد العليان رئاسة المجموعة، بينما تقاسمت الشقيقتان لبنى وحذام إدارة القطاعات الحيوية، حيث تدير لبنى أعمال الشرق الأوسط، وتتولى حذام قيادة شركة “Olayan America” في الولايات المتحدة، ورغم أن الشقيقتين تجاوزتا السبعين من العمر، إلا أنهما تواصلان العمل بنشاط وحيوية تعكس الالتزام العميق تجاه إرث العائلة؛ مع الحفاظ على نهج السرية والكتمان الذي يميز أسلوب حياة العائلة بعيداً عن مظاهر البذخ المعتادة لدى المليارديرات.
ترتكز استراتيجية العائلة على مجموعة من المبادئ الراسخة التي ضمنت لها البقاء والنمو المستدام في ظل المتغيرات المتسارعة، ويمكن تلخيص أبرز ركائز نجاح إمبراطورية العليان واستمراريتها في النقاط الجوهرية التالية التي شكلت هويتها التجارية والوطنية:
- الولاء المطلق للمملكة ودعم المشاريع الوطنية الكبرى مثل المساهمة الفعالة في اكتتاب شركة أرامكو السعودية.
- اعتماد سياسة “الاقتصاد والاعتدال” والتركيز على نمو الاستثمارات بدلاً من الصرف البذخي والظهور الاجتماعي.
- كسر الصورة النمطية عن قدرة المرأة على إدارة الاستثمارات المعقدة والملفات المالية الشائكة بنجاح باهر.
قدمت الشقيقتان من خلال إمبراطورية العليان نموذجاً ملهماً للريادة التي تفضل العمل بصمت وتحقيق النتائج على أرض الواقع، مثبتتين أن التأثير الاقتصادي الحقيقي لا يحتاج إلى أضواء كاشفة بل إلى عقلية استثمارية فذة وإرادة صلبة.
