ارتفاع أسعار الرامات في الأسواق العالمية وصل مؤخرًا إلى مرحلة يمكن وصفها بالجنونية والخارجة عن السيطرة تمامًا بسبب السباق التقني المحموم، إذ تحول تركيز شركات الهاردوير التي كانت تتفاخر سابقًا بسرعات الذاكرة وقدرات التبريد العالية في كل موسم جديد إلى مجرد الفخر بتوفر القطع في المخزون، وهذا التحول الجذري وضع المستخدمين أمام واقع اقتصادي صعب جعل من ترقية الحواسيب أو بناء أجهزة جديدة مهمة شاقة تتطلب ميزانيات ضخمة وغير مسبوقة.
جنون ارتفاع أسعار الرامات ومقارنتها بمنصات الألعاب
لقد قفزت التكاليف في الآونة الأخيرة إلى مستويات قياسية جعلت من خيار شراء جهاز ألعاب منزلي يبدو وللمرة الأولى في التاريخ الخيار الاقتصادي الأكثر عقلانية، فمثلًا باتت شريحة واحدة فقط من ذكواكر DDR5 بسعة 64 جيجابايت تباع بسعر يلامس 500 دولار أمريكي؛ وهو رقم ضخم كفيل بجعل أي مستخدم يعيد النظر في كافة قراراته التقنية وحساباته المالية قبل الإقدام على الشراء، بينما إذا كانت احتياجاتك تتطلب طقمًا بسعة 128 جيجابايت فعليك الاستعداد لدفع مبلغ فلكي يصل إلى نحو 1485 دولارًا وهو ما يتجاوز سعر جهازين من نوع بلايستيشن 5 برو مع مجموعة من الإكسسوارات الإضافية، ويوضح الجدول التالي مقارنة بسيطة تبرز حجم الفجوة السعرية الحالية بين مكونات الحاسوب ومنصات الألعاب:
| المنتج / المكون | السعر التقديري (دولار) | ملاحظات المقارنة |
|---|---|---|
| شريحة رام DDR5 (64GB) | 500$ | تقارب سعر جهاز كونسول كامل |
| طقم رام (128GB) | 1485$ | أغلى من جهازين PS5 Pro |
| باقة رام متوسطة (2×32GB) | 599$ | أغلى من PS5 الأساسي بـ 150$ |
إن الأسوأ في هذا المشهد السوداوي هو أن هذه الأرقام الفلكية لا تتعلق حتى بالخيارات الفاخرة أو النسخ الموجهة للمحترفين فقط، بل إن تسونامي ارتفاع أسعار الرامات قد طال الفئات المتوسطة التي يعتمد عليها السواد الأعظم من اللاعبين والمستخدمين، حيث تجاوز سعر باقة الذاكرة المكونة من شريحتين بسعة 32 جيجابايت لكل منهما حاجز 599 دولارًا؛ وهي التي كانت تُعتبر المعيار الطبيعي والأساسي لأي تجميعة حاسوب حديثة، وهذا يعني أن الذاكرة وحدها أصبحت أغلى من جهاز بلايستيشن 5 النسخة الأساسية بفارق يقارب 150 دولارًا، مما يؤكد أن عملية تجميع جهاز PC باتت تتطلب ميزانية تضاهي ميزانية تأسيس استوديو مونتاج صغير.
دور الذكاء الاصطناعي في ارتفاع أسعار الرامات
تشير أصابع الاتهام في الأسواق العالمية ومتاجر البيع بالتجزئة مثل Newegg بوضوح إلى شركات تطوير الذكاء الاصطناعي كسبب رئيسي لهذه الأزمة، حيث تقوم هذه الشركات بشراء واستحواذ كل ما تقع عليه أيديهم من شرائح الذاكرة ومساحات التخزين لتغذية نماذج توليد النصوص والصور المتعطشة للموارد، وقد نتج عن هذا الطلب الهائل والمفاجئ ارتفاع أسعار الرامات بنسبة تجاوزت 190% خلال فترة قصيرة لا تتعدى شهرين فقط؛ وهي تعد أعلى نسبة زيادة تشهدها أسواق الهاردوير منذ سنوات طويلة، مما خلق فجوة كبيرة بين العرض والطلب أدت إلى هذا التضخم السعري الكبير الذي نعيشه اليوم.
هذا الغلاء الفاحش في المكونات الأساسية لم يؤثر فقط على عشاق الحواسيب الشخصية بل امتد تأثيره ليشمل قطاع الألعاب المنزلية بالكامل، حيث بدأت التسريبات والتوقعات تشير إلى احتمالية حقيقية لرفع أسعار أجهزة الكونسول الحالية والمستقبلية، وتتمثل أبرز التداعيات المتوقعة لاستمرار ارتفاع أسعار الرامات في النقاط التالية:
- احتمالية رفع أسعار أجهزة Xbox Series X/S في الفترة المقبلة لتعويض تكلفة التصنيع المتزايدة
- غموض مصير أجهزة Steam Machine المرتقبة التي كان يُروج لها كبديل اقتصادي للحواسيب
- تأجيل العديد من اللاعبين لخططهم في بناء تجميعات جديدة بسبب عدم جدوى الأسعار حاليًا
- تحول شريحة كبيرة من المستخدمين نحو الأجهزة المنزلية كحل مؤقت للهرب من تكاليف الذاكرة الباهظة
مستقبل ارتفاع أسعار الرامات والأجهزة المرتقبة
يواجه الجهاز المرتقب Steam Machine تحديًا وجوديًا حقيقيًا في ظل هذه المعطيات السوقية المعقدة، فبعد أن كان يتم الترويج له كخيار مثالي لمن يرغب في تجربة ألعاب الكونسول بجودة ودقة الحاسوب الشخصي ولكن بسعر معقول، أصبح السؤال الملح الآن يدور حول قدرته على الحفاظ على ميزة السعر المنخفض مقارنة بتكلفة تجميعة PC المتضخمة؛ أم أنه سينضم إلى قائمة الأحلام التقنية التي تم تأجيلها أو إلغاؤها بسبب استحالة طرحها بسعر يناسب المستهلك العادي في ظل استمرار ارتفاع أسعار الرامات ومكونات الهاردوير الأخرى، وهو ما يضع الشركات المصنعة أمام معضلة حقيقية في تسعير منتجاتها القادمة.
نحن نقف اليوم أمام مشهد تقني معقد يضع المستخدم بين خيارين أحلاهما مر إما دفع تكلفة 128 جيجابايت من الذاكرة أو شراء جهازين من أحدث منصات الألعاب، ويبدو أن هذه المعضلة التقنية الجديدة التي فرضها عصر الذكاء الاصطناعي لن تجد حلًا قريبًا سوى بتوفر ميزانية ضخمة لاقتناء العتاد المطلوب فورًا، أو التحلي بصبر طويل قد يمتد لسنوات ريثما تهدأ عاصفة الأسعار وتعود الأسواق إلى استقرارها المعهود.
