التغيرات الفسيولوجية أثناء النوم بين 3 و5 فجراً.. حقيقة نشاط الجسم والدماغ في ساعات الفجر الأولى

التغيرات الفسيولوجية أثناء النوم بين 3 و5 فجراً.. حقيقة نشاط الجسم والدماغ في ساعات الفجر الأولى

الاستيقاظ بين 3 و5 فجرًا يمثل لغزًا محيرًا للكثيرين ممن يجدون أنفسهم فجأة خارج عالم الأحلام في هذا الوقت بالتحديد دون أي منبه خارجي، وهذه الظاهرة التي تتكرر بشكل يومي أو شبه يومي لا تعبر بالضرورة عن مجرد أرق عابر أو نمط حياة غير صحي فحسب، بل إن خبراء النوم والصحة النفسية يشيرون إلى أنها تحمل رسائل جسدية ونفسية عميقة يرسلها الجسم في ساعات السكون الأولى، حيث تتداخل العوامل البيولوجية مع الحالة الذهنية لتؤدي إلى كسر دورة النوم الطبيعية في أعمق مراحلها، مما يتطلب فهمًا دقيقًا للأسباب الكامنة وراء هذا التوقيت الغامض.

ماذا يحدث للجسم عند الاستيقاظ بين 3 و5 فجرًا؟

يعمل الجسم البشري وفق منظومة دقيقة للغاية تسمى الساعة البيولوجية، وهي التي تدير عملياتنا الحيوية بانتظام شديد، فعندما يحدث الاستيقاظ بين 3 و5 فجرًا فإن ذلك يتعارض مع الطبيعة الفسيولوجية للجسم في هذا التوقيت، حيث من المفترض أن تكون درجة حرارة الجسم قد وصلت إلى أدنى مستوياتها وينخفض ضغط الدم ويتباطأ معدل الأيض لترميم الخلايا وتجديد الطاقة؛ إلا أن التوتر النفسي والإجهاد الذهني يعطلان هذه العملية السلسة، فيصبح الجسم في حالة تأهب قصوى بدلاً من الاسترخاء، وتتحول أعمق مراحل النوم التي ينبغي أن تكون الأكثر هدوءًا إلى مرحلة استيقاظ مفاجئ نتيجة حساسية الجسم المفرطة تجاه أي اضطراب داخلي أو خارجي في هذه الساعات الحرجة.

تلعب الهرمونات دورًا محوريًا في هذه المعضلة، وتحديدًا هرمون الكورتيزول المعروف بهرمون التوتر، ففي الحالات الطبيعية يبدأ هذا الهرمون بالارتفاع التدريجي قبيل شروق الشمس استعدادًا للاستيقاظ الطبيعي والنشاط الصباحي؛ ولكن لدى الأشخاص الذين يعانون من القلق المزمن أو الضغوط النفسية المستمرة يختل هذا التوازن الهرموني بشكل ملحوظ، فيرتفع الكورتيزول في وقت مبكر جدًا وبمستويات غير متوازنة، مما يؤدي إلى تسارع ضربات القلب وزيادة النشاط الذهني المفاجئ وصعوبة شديدة في العودة للنوم، وهذه الحالة ترتبط بمفهوم ثقافي ونفسي يُعرف باسم “ساعة الذئب” في بعض الثقافات الأوروبية، وهو مصطلح يرمز إلى الفترة التي تبلغ فيها الهشاشة النفسية ذروتها وتتضخم المشاعر السلبية والمخاوف والكوابيس بسبب الصمت المطبق والظلام الدامس الذي يحيط بالشخص المستيقظ.

أسباب صحية ونفسية وراء الاستيقاظ بين 3 و5 فجرًا

لا يقتصر الأمر على مجرد توتر عابر، بل إن تكرار الاستيقاظ بين 3 و5 فجرًا قد يكون جرس إنذار لمشاكل صحية وعضوية تتطلب الانتباه، فقد يرتبط الأمر باضطرابات في مستويات السكر في الدم التي تنخفض ليلًا وتحفز الجسم على الاستيقاظ لطلب الطاقة، أو نتيجة تغيرات هرمونية خاصة لدى النساء، بالإضافة إلى اضطرابات النوم الشائعة مثل انقطاع النفس الانسدادي الذي يوقظ الدماغ قسرًا للتنفس؛ كما أن العقل الباطن يلعب دورًا خفيًا وخطيرًا، حيث يحمل الشخص معه إلى السرير أعباء اليوم من مهام غير منتهية وقلق بشأن المستقبل ومشاكل مالية أو عاطفية، فتظهر هذه الأفكار المكبوتة بقوة في ساعات الفجر الأولى عندما تكون الدفاعات النفسية في أضعف حالاتها.

لفهم العلاقة بين ما نشعر به وما يحدث في أجسادنا ويؤدي إلى هذا الاستيقاظ المزعج، يمكننا النظر إلى الجدول التالي الذي يوضح أبرز المسببات وتأثيرها المباشر:

المسبب الرئيسي تأثيره المباشر على النوم فجرًا
ارتفاع الكورتيزول المبكر يؤدي إلى تسارع النبض واليقظة الذهنية المفاجئة وصعوبة الاسترخاء
الأفكار المكبوتة والقلق تنتقل للعقل الباطن وتظهر كأحلام مزعجة أو شعور بالضيق عند الاستيقاظ
انخفاض سكر الدم يحفز إفراز الأدرينالين لتنبيه الجسم والحصول على الجلوكوز

خطوات عملية لعلاج الاستيقاظ بين 3 و5 فجرًا

التخلص من هذه العادة المزعجة يتطلب استراتيجية ذكية تبدأ قبل الذهاب إلى الفراش وتستمر حتى اللحظة التي تفتح فيها عينيك، فالهدف هو إعادة برمجة ساعتك البيولوجية لتعود إلى مسارها الطبيعي وتتجاوز مرحلة الاستيقاظ بين 3 و5 فجرًا بسلام؛ ولتحقيق ذلك يجب اتباع روتين ليلي يفرغ العقل من المشحنات اليومية، والتعامل بحكمة مع لحظات الاستيقاظ المفاجئ لضمان العودة السريعة للنوم بدلاً من الدخول في دوامة الأرق والتفكير الزائد التي تزيد الطين بلة وتفاقم الشعور بالإرهاق في اليوم التالي.

إليك مجموعة من النصائح الفعالة والمجربة التي يوصي بها الخبراء للتعامل مع هذه الحالة:

  • قم بتفريغ ذهنك قبل النوم عبر كتابة المهام والأفكار المقلقة في ورقة خارجية لتقليل العبء على عقلك الباطن
  • مارس تمارين التنفس العميق أو التأمل لمدة 10 دقائق لتهدئة الجهاز العصبي وخفض مستويات التوتر
  • تجنب تمامًا النظر إلى الساعة أو الهاتف المحمول عند الاستيقاظ المفاجئ لأن الضوء الأزرق ومعرفة الوقت يزيدان من القلق
  • ابتعد عن تناول الوجبات الثقيلة والكافيين في ساعات المساء المتأخرة لتجنب الاضطرابات الهضمية وتنبيه الدماغ
  • ذكّر نفسك عند الاستيقاظ أن هذه الحالة مؤقتة وليست خطرًا ومارس تنفسًا بطيئًا لتهدئة ضربات القلب

يجب الانتباه جيدًا إلى أن استمرار هذه الحالة لفترات طويلة قد يستدعي تدخلاً طبيًا متخصصًا، فإذا لاحظت أن الاستيقاظ المبكر استمر لأكثر من ثلاثة أسابيع متواصلة أو كان مصحوبًا بإرهاق شديد يعيق أداءك اليومي والمهني، أو ترافقت معه أعراض اكتئاب وقلق مستمر؛ حينها يصبح الاحتفاظ بمفكرة نوم لتدوين مواعيد الاستيقاظ والمشاعر المصاحبة لها خطوة ضرورية لمساعدة الطبيب المختص على تشخيص الحالة بدقة ووصف العلاج المناسب لاستعادة جودة نومك وحياتك.

Exit mobile version