فيتامين د أثناء الحمل يحصن أسنان الطفل مستقبلاً ويخفض احتمالية إصابتها بالتسوس

فيتامين د أثناء الحمل يحصن أسنان الطفل مستقبلاً ويخفض احتمالية إصابتها بالتسوس

تسوس الأسنان عند الأطفال يعتبر قضية صحية تؤرق الملايين من الأسر حول العالم، وقد كشفت دراسة طبية حديثة أجراها فريق من الباحثين في كلية الطب بجامعة تشجيانج الصينية عن وجود رابط قوي ومباشر بين مستويات فيتامين د لدى الأمهات خلال فترة الحمل وبين صحة الفم لدى أبنائهم لاحقاً، حيث أظهرت النتائج أن ارتفاع نسبة هذا الفيتامين الحيوي في بلازما دم الأم يساهم بشكل فعال في تقليل احتمالات إصابة الصغار بالنخر السني في سنوات طفولتهم المبكرة، مما يسلط الضوء على أهمية التغذية الوقائية قبل الولادة لضمان صحة أسنان الأجيال القادمة.

معدلات انتشار تسوس الأسنان عند الأطفال عالمياً

تُظهر الإحصائيات العالمية أرقاماً مقلقة فيما يتعلق بصحة الفم لدى الصغار، فوفاً لتقييم شامل غطى 193 دولة من أعضاء الأمم المتحدة في الفترة الممتدة بين عامي 2007 و2017، تبين أن متوسط انتشار تسوس الأسنان عند الأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة بلغ نحو 23.8% لدى الفئة العمرية التي تقل عن ثلاث سنوات، بينما قفزت هذه النسبة بشكل ملحوظ لتصل إلى 57.3% لدى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 3 و6 سنوات؛ وتعد هذه الأرقام مؤشراً خطيراً على العبء الصحي الذي يواجهه الأطفال، خاصة في دول مثل الصين التي سجلت في مسحها الوطني الرابع لصحة الفم لعام 2015 نسبة إصابة وصلت إلى 71.9% بين الأطفال في سن الخامسة، مما يستدعي تدخلاً مبكراً واستراتيجيات وقائية فعالة تبدأ من مراحل التكوين الأولى للجنين.

العلاقة البيولوجية بين الحمل وتسوس الأسنان عند الأطفال

تبدأ عملية تمعدن الأسنان وتكوينها فعلياً أثناء وجود الجنين في الرحم، حيث أشارت الأبحاث العلمية المتخصصة إلى أن الأسابيع الممتدة من الأسبوع الثالث عشر وحتى السابع عشر من الحمل تمثل فترة حرجة وحساسة للغاية لتمعدن الأسنان الأمامية العلوية، كما أن معظم الأسنان اللبنية تبدأ في اكتساب صلابتها وتمعدنها بداية من الثلث الثاني وصولاً إلى الثلث الثالث من الحمل؛ وهنا يبرز الدور المحوري لفيتامين د الذي يعمل على دعم توازن عنصري الكالسيوم والفوسفات الضروريين لتكوين طبقة المينا الصلبة، حيث تتواجد مستقبلات فيتامين د الوظيفية بكثافة في الخلايا المسؤولة عن بناء المينا والعاج لضمان تنظيم مصفوفة الأسنان بشكل سليم، ولهذا السبب توصي الجهات الطبية بضرورة الحفاظ على مستويات 25-هيدروكسي فيتامين د لدى الأم فوق حاجز 30 نانوجرام/مل طوال فترة الحمل لتعزيز مناعة الأسنان المستقبلية ضد التسوس.

وفيما يلي أبرز النقاط الزمنية الحرجة لتكوين الأسنان وعلاقتها بالفيتامينات:

  • الأسابيع 13-17 من الحمل: فترة حرجة لتمعدن الأسنان الأمامية.
  • الثلث الثاني والثالث من الحمل: مرحلة تمعدن غالبية الأسنان اللبنية.
  • مرحلة ما بعد الولادة: استمرار الحاجة لفيتامين د لإعادة التمعدن بعد البزوغ.

نتائج الدراسة وتأثيرها على تسوس الأسنان عند الأطفال

نُشرت هذه الدراسة الهامة في شبكة “JAMA Network Open” تحت عنوان “مستويات فيتامين د أثناء الحمل وتسوس الأسنان عند النسل”، حيث قام الباحثون بتتبع دقيق لمستويات 25-هيدروكسي فيتامين د لدى مجموعة كبيرة من الأمهات في مدينة تشوشان بمقاطعة تشجيانغ، وشملت العينة 4109 من الأزواج (الأمهات وأطفالهن) دون وجود مجموعات علاجية خارجية، وقد تم ربط قياسات الدم التي أُخذت خلال الثلث الأول والثاني والثالث من الحمل بفحوصات الأسنان اللاحقة للأطفال؛ وأظهرت التحليلات الوبائية أن الأمهات اللواتي حافظن على مستويات مرتفعة من فيتامين د، وتحديداً في النصف الثاني من الحمل، كان أطفالهن أقل عرضة بشكل ملحوظ للمعالجة السنية أو فقدان الأسنان، حيث ارتبط كل ارتفاع في نسبة الفيتامين بانخفاض احتمالية الإصابة، بينما عانى أطفال الأمهات اللواتي عانين من نقص الفيتامين (أقل من 20 نانوجرام/مل) من معدلات إصابة أعلى.

يوضح الجدول التالي توزيع عينة الدراسة وعلاقتها بحالات الإصابة:

فئة العينة العدد الإجمالي
إجمالي الأطفال المشاركين 4109 طفل
أطفال ظهر لديهم تسوس مبكر 960 طفل
أطفال خاليين من التسوس 3149 طفل

تؤكد البيانات المستخلصة من هذه الدراسة الموسعة أن العناية بصحة الأم الحامل وتناول المكملات الغذائية المناسبة، خاصة في الثلثين الثاني والثالث، تمثل استراتيجية وقائية فعالة لتقليل مخاطر وشدة تسوس الأسنان عند الأطفال في المستقبل.

Exit mobile version