أهلي جدة يكرس العقدة التاريخية أمام القادسية ويواصل سطوته في المواجهات المباشرة

أهلي جدة يكرس العقدة التاريخية أمام القادسية ويواصل سطوته في المواجهات المباشرة
عقدة كبرى.. أهلي جدة لا يعرف الرحمة أمام القادسية

فوز أهلي جدة الدرامي على القادسية لم يكن مجرد حدث عابر في منافسات كأس خادم الحرمين الشريفين بل تحول إلى ملحمة كروية جسدت روح الإصرار والتحدي التي يتمتع بها “الراقي” هذا الموسم؛ فقد حبست هذه المباراة أنفاس الجماهير حتى اللحظات الأخيرة بعد أن نجح الفريق في قلب تأخره الكبير إلى انتصار تاريخي بركلات الترجيح ليحجز مقعده في نصف النهائي ويؤكد للجميع أن الاستسلام ليس خيارًا مطروحًا في قاموسه الكروي مهما كانت صعوبة الموقف أو قوة المنافس الذي واجهه بشراسة.

كواليس فوز أهلي جدة الدرامي على القادسية في الكأس

بدأت أحداث الليلة الكروية الصاخبة بسيناريو مغاير تمامًا للتوقعات حيث دخل الضيوف المباراة بطموح عالٍ ورغبة جامحة في إقصاء حامل اللقب الآسيوي مستغلين تنظيمهم الهجومي المحكم للتقدم في النتيجة بثلاثة أهداف مقابل هدف واحد؛ هذا التقدم الصريح وضع الفريق الأهلاوي تحت ضغط هائل وكاد أن ينهي آماله مبكرًا في ظل الأداء الفني المميز الذي قدمه المنافس وسيطرته على أجزاء واسعة من اللعب مما جعل مهمة العودة تبدو شبه مستحيلة في نظر الكثير من المتابعين والنقاد الذين ظنوا أن المباراة قد حسمت عمليًا.

لم يستسلم لاعبو “الراقي” لهذا الواقع المرير بل استجمعوا قواهم واستحضروا شخصية البطل التي تميزهم لتبدأ رحلة البحث عن تقليص الفارق وتعديل الأوتار في الشوط الثاني الذي شهد انتفاضة هجومية كاسحة؛ تكللت هذه الجهود بتسجيل هدفين متتاليين أعادا المباراة إلى نقطة البداية عند التعادل بثلاثة أهداف لمثلها ليفرض أهلي جدة شوطين إضافيين زادا من اشتعال المنافسة وتوتر الأعصاب في الملعب والمدرجات على حد سواء، ليتحقق في النهاية فوز أهلي جدة الدرامي على القادسية عبر ركلات الترجيح التي ابتسمت لأصحاب الأرض (5-4) بعد تألق حراس المرمى في الذود عن مرماهم خلال الأوقات الإضافية.

تاريخ العقدة يعزز فوز أهلي جدة الدرامي على القادسية

بالنظر إلى مسار الموسم الحالي نجد أن القادسية يعاني من أزمة حقيقية وعقدة نفسية مستعصية كلما واجه نظيره الأهلاوي الذي تفوق عليه في ثلاث مناسبات مختلفة وبطولات متنوعة؛ البداية كانت في بطولة السوبر المحلي التي أقيمت في هونج كونج حيث أظهر الأهلي تفوقًا كاسحًا وفاز بنتيجة عريضة قوامها خمسة أهداف مقابل هدف وحيد في لقاء كشف الفوارق الفنية الكبيرة بين الجانبين وأعطى مؤشرًا مبكرًا على سطوة “الراقي” وقدرته على حسم المواجهات المباشرة لصالحه بكل اقتدار.

لم يتوقف الأمر عند السوبر بل امتد ليشمل منافسات الدوري السعودي للمحترفين وتحديدًا في الجولة التاسعة حينما التقى الفريقان مجددًا ليجدد الأهلي تفوقه بنتيجة هدفين لهدف في مباراة درامية أخرى؛ المثير في تلك المواجهة أن الأهلي خاض الشوط الثاني كاملًا بعشرة لاعبين فقط بعد طرد أحد ركائزه الأساسية ورغم هذا النقص العددي لم يتراجع الفريق بل كان الطرف الأخطر والأكثر فاعلية وتمكن من تحويل تأخره إلى انتصار ثمين أكد علو كعبه، والجدول التالي يوضح تفاصيل هذه المواجهات الثلاث التي انتهت جميعها بتفوق أهلاوي صريح:

البطولة نتيجة المباراة تفاصيل السيناريو
كأس السوبر 5 – 1 للأهلي سيطرة فنية كاملة وفوز عريض
الدوري السعودي 2 – 1 للأهلي ريمونتادا بعشرة لاعبين فقط
كأس الملك 3 – 3 (5-4 ركلات ترجيح) عودة تاريخية من تأخر 1-3

تكرار السيناريوهات المعقدة التي تنتهي دائمًا بانتصار الأهلي جعل من فوز أهلي جدة الدرامي على القادسية في الكأس بمثابة المسمار الأخير في نعش طموحات المنافس هذا الموسم؛ فكلما اقترب القادسية من تذوق طعم الانتصار أو الخروج بنتيجة إيجابية يجد نفسه أمام طوفان أهلاوي يجرف كل شيء أمامه ويعيد الأمور إلى نصابها، مما رسخ قناعة بأن الأهلي بات يشكل عقدة “فنية ونفسية” يصعب فك طلاسمها، خاصة عندما يتعلق الأمر بالمباريات الإقصائية والحاسمة التي تتطلب ثباتًا انفعاليًا عاليًا.

تأثير فوز أهلي جدة الدرامي على القادسية فنيًا ومعنويًا

استحق الأهلي عن جدارة لقب “ملك الريمونتادا” هذا الموسم ليس فقط بسبب مواجهاته مع القادسية بل لسجله الحافل بالعودة من بعيد في مباريات كبرى ومسابقات مختلفة؛ فقد شهدنا عودته المذهلة في دوري أبطال آسيا للنخبة أمام ناساف الأوزبكي حينما حول تأخره بهدفين إلى مهرجان أهداف انتهى بتسجيله رباعية، إضافة إلى الكلاسيكو الجنوني أمام الهلال الذي عاد فيه من تأخر بثلاثية نظيفة لينهي اللقاء بالتعادل الإيجابي، وهذه العودات المتتالية منحت الفريق مكتسبات فنية وذهنية هائلة يمكن تلخيص أبرزها في النقاط التالية:

  • تعزيز الثقة بالنفس لدى اللاعبين وإيمانهم بالقدرة على تغيير النتيجة في أي وقت
  • إثبات عمق التشكيلة وقدرة اللاعبين البدلاء على صناعة الفارق وقلب الموازين
  • خلق رهبة نفسية لدى الخصوم تجعلهم يخشون ردة فعل الأهلي حتى وهم متقدمون في النتيجة

تراكم هذه الخبرات والقدرة على التعامل مع الظروف الصعبة جعل من فوز أهلي جدة الدرامي على القادسية نقطة تحول محورية في مسيرة الفريق نحو المنافسة على الألقاب؛ فالمدرب والجهاز الفني أصبحوا يمتلكون مرونة تكتيكية أكبر في إدارة المباريات دون الذعر من استقبال أهداف مبكرة، كما أن الجماهير باتت أكثر ثقة في فريقها الذي أثبت أن صافرة النهاية هي الحكم الوحيد، وأن التراجع في النتيجة هو مجرد بداية لقصة عودة جديدة ومثيرة.

يبقى التحدي الأكبر أمام الجهاز الفني هو معالجة ظاهرة البدايات المتعثرة التي تضطر الفريق لبذل مجهود مضاعف للعودة في كل مرة؛ فإذا تمكن الأهلي من الجمع بين هذه الشخصية القوية والبدايات المركزة والحادة، فسيكون بلا شك الرقم الأصعب في المعادلة الكروية السعودية هذا الموسم، وسيشكل فوز أهلي جدة الدرامي على القادسية حجر الأساس لموسم استثنائي قد يتوج بالذهب.