أوروبا تعيد رسم استراتيجيتها الدفاعية.. ضغوط الواقع تفرض استدعاء قواعد الحرب الباردة لمواجهة المخاطر المتصاعدة

أوروبا تعيد رسم استراتيجيتها الدفاعية.. ضغوط الواقع تفرض استدعاء قواعد الحرب الباردة لمواجهة المخاطر المتصاعدة

مستقبل الأمن الأوروبي والتهديدات الروسية بات يشكل الشغل الشاغل للقادة في القارة العجوز وسط محاولات الكرملين لبعث رسائل طمأنة يؤكد فيها عدم وجود نية لإحياء الاتحاد السوفيتي أو مهاجمة الناتو؛ إلا أن هذه التأكيدات لم تجد صدىً واسعاً لدى العواصم الأوروبية التي تخشى من هشاشة الوضع الأمني في حال تقديم أي تنازلات لموسكو بشأن أوكرانيا وهو ما يعكس عمق أزمة الثقة الحالية وتزايد المخاوف من اتساع رقعة الصراع مستقبلاً لتشمل دولاً أخرى في المحيط الأوروبي.

مستقبل الأمن الأوروبي والتهديدات الروسية في ظل التباين مع واشنطن

يشير الخبير الأمني مصطفى العمار إلى وجود ما يشبه الفراق الفكري المتزايد بين ضفتي الأطلسي والذي تغذيه الاختلافات السياسية بين المستشار الألماني والرئيس الأمريكي دونالد ترامب؛ ورغم رفضه وصف هذا التباين بالقطيعة الكاملة خاصة في أوقات الأعياد التي تدعو للمصالحة إلا أن الواقع يفرض نفسه حيث تنشغل الولايات المتحدة بملفات شائكة في آسيا والشرق الأوسط ولا تبدو متحمسة لتحمل أعباء إضافية ناتجة عن الخلافات الداخلية للقارة؛ وهذا الوضع المعقد يضع مستقبل الأمن الأوروبي والتهديدات الروسية أمام مفترق طرق يتطلب من الأوروبيين تبني واقعية سياسية صارمة للتعامل مع ملفاتهم المشتركة دون الاعتماد الكلي على الحليف الأمريكي الذي يمتلك حالياً الغالبية العظمى من القدرات اللوجستية والاستخباراتية داخل الحلف.

الاستراتيجية الألمانية لمواجهة تحديات مستقبل الأمن الأوروبي والتهديدات الروسية

كشفت تقارير حديثة أن مجلس الأمن القومي الألماني قد شرع فعلياً في مناقشة سيناريوهات شديدة الخطورة بالتنسيق مع القيادات العسكرية لوضع خطط لا تقتصر على حماية ألمانيا فحسب بل تمتد لتشمل الشركاء في الناتو؛ وتستند هذه التحركات إلى معلومات استخباراتية دقيقة تحذر من خطط روسية قد تستهدف برلين بشكل خاص ما جعل الحكومة تدق ناقوس الخطر وتتجه نحو إجراءات استباقية حازمة لضمان مستقبل الأمن الأوروبي والتهديدات الروسية التي لم تعد مجرد تكهنات؛ وقد تطلب هذا التحول إعادة النظر في إرث السنوات الماضية حيث لم تنجح سياسة التغيير عبر التجارة التي انتهجتها ميركل في كبح جماح الكرملين الذي استغل ضعف الإدارات الغربية الحالية لفرض واقع جديد يتطلب اليوم ميزانيات ضخمة وإنفاقاً عسكرياً غير مسبوق لعام 2026 كما يوضح الجدول التالي:

البند التفاصيل
ميزانية الدفاع المستهدفة لعام 2026 82.7 مليار يورو
الهدف الاستراتيجي رفع جاهزية الجيش الألماني وتعزيز إنفاق الناتو

خطط الجاهزية لعام 2029 وتطورات مستقبل الأمن الأوروبي والتهديدات الروسية

تدرك برلين جيداً أنها ليست في حالة حرب مباشرة تقليدية لكنها تواجه خصماً يرى نفسه في معركة وجودية مع الغرب؛ لذا تم وضع خطة استراتيجية شاملة تهدف للوصول إلى الجاهزية التامة بحلول عام 2029 لمواجهة أدوات الحرب الحديثة التي تشمل التخريب والهجمات السيبرانية والطائرات المسيرة؛ ويؤكد الخبراء أن مستقبل الأمن الأوروبي والتهديدات الروسية يحتم رفض أي تسوية تجبر أوكرانيا على التنازل عن أراضيها لأن ذلك سيفتح شهية موسكو لتهديد دول البلقان لاحقاً ويعيد إنتاج السيناريو ذاته؛ وفيما يلي أبرز التهديدات غير التقليدية التي يتم الاستعداد لها ضمن الاستراتيجية الجديدة:

  • الهجمات السيبرانية المعقدة على البنية التحتية الحيوية
  • عمليات التجسس والتخريب الممنهج داخل الأراضي الأوروبية
  • تهديدات الطائرات المسيرة والحروب الهجينة غير النظامية

تتجه الأنظار الآن نحو بناء منظومة دفاعية تعتمد على التكنولوجيا العالية والشراكة بين الدولة والقطاع الصناعي مع العمل على تقليل البيروقراطية لضمان سرعة الاستجابة كما حدث في إنشاء وحدة مكافحة المسيرات؛ ورغم الطموح المشروع نحو استقلالية القارة إلا أن التخلي عن واشنطن يبدو مستحيلاً في الوقت الراهن نظراً لوجود خمسة وأربعين ألف جندي أمريكي ورؤوس نووية تابعة للحلف لا يمكن استخدامها دون موافقة أمريكية؛ ويبقى الهدف الأسمى هو تعزيز القدرات الذاتية تدريجياً لضمان حماية مستقبل الأمن الأوروبي والتهديدات الروسية بأسلوب يردع أي عدوان محتمل ويحمي القيم الديمقراطية.