إيجارات المكاتب السعودية تلامس 2750 ريالاً للمتر.. شح المعروض يضع الشركات أمام ضغوط سعرية متزايدة

إيجارات المكاتب السعودية تلامس 2750 ريالاً للمتر.. شح المعروض يضع الشركات أمام ضغوط سعرية متزايدة

إيجارات المكاتب في السعودية واصلت مسارها التصاعدي القوي لتسجل مستويات قياسية جديدة حيث كشف أحدث التقارير المتخصصة عن وصول سعر المتر المربع إلى 2,750 ريال سعودي، وهذا الارتفاع الملحوظ يأتي مدفوعاً بنقص حاد في المعروض من المساحات المكتبية عالية الجودة، بالتزامن مع طلب متنامٍ من الشركات العالمية والإقليمية التي تبحث عن مقرات تتوافق مع معايير الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، وهو ما يعكس حيوية المشهد الاقتصادي في المملكة والمنطقة ككل.

تأثير رؤية 2030 على إيجارات المكاتب في السعودية والرياض

تشهد العاصمة الرياض تحولات جذرية في البنية التحتية للأعمال، وهو ما انعكس بشكل مباشر على إيجارات المكاتب في السعودية وتحديداً في فئة الدرجة الأولى “أ”، حيث قفزت الأسعار بنسبة مذهلة بلغت 15.1% على أساس سنوي خلال الربع الثالث من عام 2025؛ ليقفز المتوسط السعري إلى حاجز 2,750 ريال للمتر المربع، وهذا الزخم الكبير لا يأتي من فراغ، بل يستند إلى ركائز متينة تتمثل في برنامج جذب المقرات الإقليمية للشركات العالمية الذي يعد أحد مخرجات رؤية 2030 الطموحة، وقد أدى هذا التدفق المستمر للشركات إلى ضغط هائل على المساحات المتاحة، مما دفع معدلات الإشغال إلى تجاوز نسبة 98% في المباني المتميزة، وهو رقم يعكس بوضوح الفجوة الحالية بين العرض والطلب المتزايد، ويجعل من الرياض واحدة من أكثر الأسواق نشاطاً في المنطقة، ويبدو أن الشركات مستعدة لدفع علاوات سعرية مقابل الحصول على مواقع استراتيجية تخدم خططها التوسعية في المملكة.

المؤشر العقاري نسبة النمو / القيمة المدينة / المنطقة
نمو إيجارات الفئة “أ” (سنوي) 15.1% الرياض
متوسط سعر المتر المربع 2,750 ريال الرياض
معدل الإشغال أكثر من 98% الرياض
نمو إيجارات الفئة “أ” (سنوي) 28% أبو ظبي

أداء الأسواق الخليجية مقارنة بمسار إيجارات المكاتب في السعودية

بينما تتصدر إيجارات المكاتب في السعودية المشهد من حيث الأهمية الاستراتيجية، فإن الأسواق المجاورة في دول مجلس التعاون الخليجي تشهد هي الأخرى طفرات سعرية مماثلة تعكس تعافي الاقتصاد الإقليمي وتنوعه، ففي دولة الإمارات العربية المتحدة، سجلت العاصمة أبو ظبي ارتفاعاً كبيراً في إيجارات المكاتب من الفئة “أ” بنسبة 28% على أساس سنوي، ولكن اللافت للنظر هو التحول الجغرافي في الطلب نحو مناطق كانت تعتبر ناشئة سابقاً؛ حيث شهدت مدينة أبو ظبي الصناعية زيادة فلكية في النشاط بلغت 412% على أساس ربعي، وهذا يشير إلى توسع القاعدة الصناعية واللوجستية بالتوازي مع المكاتب الإدارية، أما في دبي، فقد برزت واحة دبي للسيليكون كوجهة مفضلة لشركات التكنولوجيا وخدمات الأعمال، مسجلة نمواً في الإيجارات بنسبة 27% خلال الربع الثالث، وهذه المؤشرات تؤكد أن نمو إيجارات المكاتب في السعودية ليس حالة معزولة، بل هو جزء من حراك اقتصادي شامل يعم المنطقة بأسرها، مدعوماً بتوجهات حكومية لتنويع مصادر الدخل بعيداً عن النفط.

يعتمد هذا النمو المتسارع في المنطقة على عدة عوامل رئيسية محفزة للطلب:

  • التوجه نحو الجودة (Flight to Quality) حيث يفضل المستأجرون المباني الحديثة والمتطورة تقنياً.
  • الحاجة الملحة لمساحات عمل مستدامة تتوافق مع معايير ESG البيئية لتعزيز صورة الشركات عالمياً.
  • المرونة في المساحات المكتبية القابلة للتكيف مع تغيرات نماذج العمل الحديثة والهجينة.
  • الثقة العالية في الآفاق الاقتصادية لدول الخليج بفضل برامج التنويع الاقتصادي الحكومية.

مستقبل المعروض وتوازن إيجارات المكاتب في السعودية

أمام هذا الواقع الذي يفرض تحديات كبيرة على الشركات الباحثة عن مقرات، تتجه الأنظار نحو المشاريع المستقبلية التي قد تعيد التوازن إلى معادلة العرض والطلب وتؤثر على إيجارات المكاتب في السعودية خلال السنوات القادمة، حيث تشير التوقعات إلى أن الرياض مقبلة على ضخ كميات ضخمة من المساحات المكتبية، إذ من المتوقع أن يرتفع المعروض بنسبة 60% بحلول نهاية عام 2027، وهذا التدفق في المشاريع الجديدة يهدف لسد الفجوة الحالية وتلبية اشتراطات الشركات العالمية، وفي المقابل، تخطط دبي لإضافة ما يقارب 13.2 مليون قدم مربعة إلى سوقها المكتبي بحلول عام 2030، ومع ذلك، يرى الخبراء، ومنهم فيصل دوراني وجيمس هودجيتس من نايت فرانك، أن “التوجه نحو الجودة” سيظل هو المحرك الأساسي للسوق، مما يعني أن المكاتب القديمة قد تواجه تحديات، بينما ستظل المكاتب الحديثة والمستدامة تحافظ على مستويات سعرية مرتفعة، وبالتالي فإن إيجارات المكاتب في السعودية وتحديداً الفاخرة منها، ستبقى مؤشراً قوياً على صحة الاقتصاد وجاذبية بيئة الاستثمار، مع استمرار المبادرات الحكومية في تعزيز هذا الزخم الإيجابي ودعم استراتيجيات النمو بعيد المدى.