أسباب حدوث البرق والرعد تشغل بال الكثير من المواطنين في هذه الأوقات التي تشهد فيها البلاد موجة ملحوظة من عدم الاستقرار في الأحوال الجوية المترافقة مع أجواء شتوية ممطرة، حيث تزايدت التحذيرات الرسمية من خطورة التعرض للصواعق أو التواجد في أماكن مكشوفة أثناء العواصف، مما دفع الجميع للبحث عن التفسير العلمي الدقيق لهذه الظواهر الطبيعية وكيفية تشكلها داخل الغلاف الجوي المشحون بالطاقة الكهربائية؛ لفهم طبيعة المخاطر المحتملة واتخاذ التدابير اللازمة للوقاية منها.
المفهوم العلمي وتفاصيل أسباب حدوث البرق والرعد
كشفت التقارير الصادرة عن هيئة الأرصاد الجوية تفاصيل دقيقة توضح طبيعة هذه الظواهر، حيث يُعرف البرق بأنه ظاهرة بصرية طبيعية تظهر في السماء على هيئة شرارة كهربائية لامعة، وتنشأ هذه الشرارة نتيجة عملية تفريغ مفاجئة وعنيفة للشحنات الكهربائية في مناطق الغلاف الجوي المشحونة، وغالباً ما تتشكل هذه الومضات أثناء هبوب العواصف الرعدية القوية؛ في حين يُعرف الرعد بأنه الصوت الناتج عن موجة الصدمة التي يسببها الازدياد المفاجئ في ضغط الجزيئات الغازية، وعندما يكون هذا التفريغ الكهربائي شديداً بين السحب وبين جسم مشحون على سطح الأرض يطلق على أسباب حدوث البرق والرعد المصاحب له في هذه الحالة اسم “الصاعقة”، ولتوضيح الفروقات الجوهرية بين هذه المصطلحات المتداخلة يمكن الاطلاع على الجدول التالي الذي يلخص طبيعة كل ظاهرة:
| الظاهرة | الوصف العلمي والطبيعة |
|---|---|
| البرق | ظاهرة بصرية تظهر كشرارة كهربائية ناتجة عن تفريغ الشحنات في الجو |
| الرعد | موجة صوتية ناتجة عن تمدد الهواء وزيادة الضغط بسبب حرارة البرق |
| الصاعقة | تفريغ كهربائي عنيف يحدث بين السحاب وجسم مشحون على سطح الأرض |
الظروف المناخية وعوامل أسباب حدوث البرق والرعد
تتضافر مجموعة من العوامل البيئية والظروف الجوية المعقدة لتشكل البيئة المثالية لظهور هذه الظواهر، حيث لا تقتصر أسباب حدوث البرق والرعد على مجرد تفريغ الشحنات بل ترتبط ارتباطاً وثيقاً بحالة الطقس السائدة، فوجود اضطرابات جوية عنيفة يعد محفزاً أساسياً لبدء هذه السلسلة من التفاعلات الفيزيائية في السماء، وتتعدد الظواهر المصاحبة التي تهيئ الغلاف الجوي لحدوث هذا النشاط الكهربائي، ومن أبرز هذه الظروف الجوية التي رصدها خبراء الأرصاد ما يلي:
- هبوب الرياح الشديدة التي تساهم في حركة السحب واحتكاكها لتوليد الشحنات
- هطول الأمطار الغزيرة التي تزيد من كثافة العمليات الفيزيائية داخل الغيوم
- تساقط الثلوج أو حبات البرد التي تلعب دوراً في تعزيز عدم استقرار الطبقات الجوية
- تشكل الكوارث الطبيعية مثل الأعاصير والفيضانات المفاجئة في الحالات الشديدة
وقد تتطور هذه الحالة الجوية في بعض الأحيان لتتسبب في كوارث طبيعية خطيرة تتجاوز مجرد الإضاءة والصوت، مثل تشكل الأعاصير المدمرة أو حدوث طوفان مفاجئ نتيجة غزارة الأمطار المصاحبة للعواصف الرعدية الشديدة، ورغم أن هذه الظواهر قد تأتي مجتمعة؛ إلا أنه في بعض الحالات النادرة قد تحدث العواصف الكهربائية دون أن تصحبها أي من هذه الظواهر المطرية أو الثلجية بشكل مباشر، ولكن يبقى العامل المشترك هو وجود شحنات كهربائية هائلة تبحث عن مسار للتفريغ.
التفسير الفيزيائي والحراري وراء أسباب حدوث البرق والرعد
يعتمد التفسير الفيزيائي لهذه الظاهرة على فهم آلية عمل الطاقة داخل الغيوم، حيث يُعرف البرق بأنه تفريغ هائل للشحنات الكهربائية الكامنة التي تحملها السحب، وهذا التفريغ لا يمر بسلام بل يتسبب في توليد طاقة حرارية عالية جداً تعمل على تسخين الهواء المحيط بمسار الصاعقة بشكل فوري ولحظي، لتصل درجة الحرارة إلى ما يقارب 30,000 درجة مئوية؛ وهو رقم مهول يؤدي حتماً إلى تمدد الهواء بسرعة انفجارية، وينتج عن هذا التمدد السريع موجات صوتية عنيفة ودوي هائل نسمعه ونعرفه باسم الرعد، مما يفسر الارتباط الوثيق واللحظي بين الضوء والحرارة والصوت في هذه العملية المعقدة التي تتكرر في سماء الشتاء.
ويرافق وميض البرق دائماً تلك الموجات الصوتية التي نطلق عليها الرعد، والتي تنتج أساساً عن تسخين البرق للهواء والتسبب بتمدده العنيف، ومن الملاحظ علمياً أن الرعد يحدث زمنياً بعد ظهور ومضة البرق مباشرة؛ إلا أننا نرى الضوء أولاً بسبب سرعة الضوء الفائقة مقارنة بسرعة الصوت، أما فيما يخص الأصوات المترددة للرعد التي نسمعها كهدير متواصل؛ فيعود السبب في ذلك لوصول الموجات الصوتية القادمة من الأجزاء البعيدة من مسار البرق متأخرة قليلاً عن تلك القادمة من الأجزاء القريبة، وهذا التأخير الزمني الحاصل هو ما يسبب الفرق الملحوظ بين رؤية الوميض وسماع الصوت، حيث قدّر العلماء هذه الفترة الزمنية بحوالي 3 ثوانٍ لكل كيلومتر واحد من المسافة الفاصلة.
