المستثمرين المؤهلين في السوق الموازية باتوا يشكلون شريحة أوسع وأكثر تنوعاً بعد اعتماد مجلس هيئة السوق المالية السعودية حزمة من القرارات النوعية التي تفتح الباب أمام حملة درجة البكالوريوس في تخصصات محددة لدخول هذا المضمار الاستثماري، وتأتي هذه الخطوة الجريئة ضمن سعي المملكة الحثيث لتطوير بنيتها المالية وتخفيف القيود السابقة التي كانت تضع حواجز عالية أمام الراغبين في الانضمام إلى السوق؛ مما يبشر بمرحلة جديدة من السيولة والنشاط في بورصة “نمو”.
ذكرت وكالة الأنباء السعودية تفاصيل هذا التحول الاستراتيجي الذي تم إقراره ليل الأربعاء ضمن حزمة شاملة من التعديلات والتسهيلات التي طالت المعايير القديمة، وتهدف هذه التحديثات بشكل مباشر إلى تخفيف الاشتراطات الواجب استيفاؤها في المستثمر لكي يتم تصنيفه ضمن قائمة المستثمرين المؤهلين في السوق الموازية الذين يملكون حق التداول المباشر، ويصب هذا التوجه في مصلحة تعزيز عمق السوق ورفع كفاءته عبر زيادة عدد المشاركين فيه؛ مما سينعكس إيجاباً على الأداء العام للبورصة ويحقق التوازن المطلوب بين العرض والطلب.
تحديثات معايير المستثمرين المؤهلين في السوق الموازية الأكاديمية
أصبحت الفرصة متاحة الآن بموجب القرار النافذ فور صدوره لفئات أكاديمية جديدة للانضمام إلى ركب المستثمرين، حيث لم يعد الأمر مقتصراً على النخب الحاصلة على درجات عليا فقط بل امتد ليشمل خريجي البكالوريوس في مجالات حيوية ترتبط بشكل وثيق بعالم المال والأعمال، وهذا التوسع يعني إمكانية انضمام دماء شابة تمتلك الخلفية العلمية اللازمة لفهم تحركات الأسواق المالية والمخاطر المرتبطة بها؛ مما يعزز من كفاءة التداول ويخلق بيئة استثمارية قائمة على المعرفة والتحليل المالي الدقيق بدلاً من الاعتماد العشوائي.
يشمل القرار الجديد دمج فئات متنوعة من التخصصات والشهادات لتوسيع قاعدة المستثمرين المؤهلين في السوق الموازية لتتضمن الشرائح التالية:
- الحاصلون على درجة البكالوريوس في تخصصات التمويل والمحاسبة.
- خريجو كليات إدارة الأعمال المتخصصون في المالية والاستثمار.
- حملة درجة الماجستير في أي تخصص له علاقة بمجال الأوراق المالية (فئة مؤهلة مسبقاً).
- الحاصلون على شهادة زمالة الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين المعتمدة.
- أصحاب الشهادات المهنية المتخصصة والمعتمدة في مجالات أسواق المال.
يسمح هذا التعديل بدمج الخبرات الأكاديمية الحديثة مع الخبرات المهنية العريقة التي كانت موجودة سابقاً، فالنظام القديم كان يحصر الأهلية في نطاق ضيق يعتمد غالباً على الشهادات العليا أو الثروات الكبيرة، أما الآن فقد أصبح المعيار العلمي أكثر مرونة لاستيعاب الكفاءات الوطنية الشابة التي تخرجت حديثاً وتمتلك الأدوات المعرفية اللازمة لتقييم الفرص الاستثمارية في الشركات المدرجة ضمن منصة نمو؛ وهو ما يتماشى مع رؤية تطوير القطاع المالي في المملكة.
تقليص الاشتراطات المالية لفئة المستثمرين المؤهلين في السوق الموازية
تضمنت التعديلات المعتمدة إعادة هيكلة شاملة للشروط المالية المفروضة على الأفراد الراغبين في الدخول إلى السوق، حيث ركزت الهيئة على إزالة العقبات التي كانت تحول دون مشاركة صغار المستثمرين الأثرياء أو الناشطين في السوق الرئيسية، وقد شمل المشروع المعتمد تخفيضاً جوهرياً في حجم التعاملات المطلوبة وإلغاء القيود الزمنية المعقدة التي كانت تتطلب نشاطاً ربع سنوي مكثف، والجدول التالي يوضح الفروقات الجوهرية بين المعايير السابقة والمعايير الجديدة التي تم اعتمادها لتسهيل الدخول:
| وجه المقارنة | المعيار السابق (القديم) | المعيار الجديد (المعتمد) |
|---|---|---|
| قيمة الصفقات المطلوبة | 40 مليون ريال (10.66 مليون دولار) | 20 مليون ريال (5.33 مليون دولار) |
| الفترة الزمنية والتكرار | 10 صفقات ربعية على الأقل خلال 12 شهراً | مجموع صفقات سنوي خلال 12 شهراً (بدون شرط ربعي) |
بناءً على الجدول أعلاه يتضح أن الهيئة ألغت شرط تعدد الصفقات الربعية الذي كان يمثل عائقاً فنياً للكثيرين، واكتفت بالنظر إلى إجمالي حجم التداول السنوي مع خفض قيمته للنصف تماماً، كما تم تخصيص مصطلح “المستثمر المؤهل في السوق الموازية” ليكون وصفاً دقيقاً وخاصاً بالفئات التي تنطبق عليها هذه الشروط المخففة، وبالإضافة إلى ذلك شملت التسهيلات السماح لأعضاء مجالس الإدارة وأعضاء اللجان المتخصصة في الشركات المدرجة في السوق الموازية (سواء الحاليين أو السابقين) بالاستثمار المباشر؛ تقديراً لخبرتهم ودرايتهم بطبيعة هذه الشركات.
الأهداف الاستراتيجية لزيادة المستثمرين المؤهلين في السوق الموازية
جاءت هذه القرارات تتويجاً لمسار طويل من الدراسة والتحليل، حيث كانت هيئة السوق المالية قد طرحت مشروع “تطوير فئات المستثمرين” لاستطلاع الآراء عبر المنصة الإلكترونية الموحدة التابعة للمركز الوطني للتنافسية وموقع الهيئة في تاريخ 25 مارس 2025م، وقد هدفت تلك الخطوة إلى إشراك العموم والمهتمين في صياغة القرار قبل اعتماده لضمان خروجه بالشكل الذي يلبي تطلعات السوق؛ ويمكن للمهتمين الاطلاع على كافة اللوائح التفصيلية عبر القنوات الرسمية للهيئة لضمان الامتثال الكامل للأنظمة الجديدة.
تعد خطوة فتح المجال أمام فئات جديدة من المستثمرين المؤهلين في السوق الموازية ركيزة أساسية لتعزيز مستويات الشفافية وتعميق السيولة في البورصة السعودية، فهذه التعديلات لا تكتفي بزيادة الأعداد بل تحفز الشركات المدرجة على النمو والتوسع بفضل توفر التمويل وتنوع مصادره، ومن المتوقع أن يساهم هذا القرار في جذب استثمارات محلية وخارجية كانت مترددة سابقاً بسبب صرامة الشروط؛ مما يعزز الثقة في قدرة الاقتصاد السعودي على التكيف بمرونة مع المتغيرات وتلبية احتياجات كافة المتعاملين.
تأسست سوق “نمو” عام 2017 كمنصة حيوية لاحتضان الشركات الصغيرة والمتوسطة وتمكينها من التمويل بمرونة أكبر مقارنة بالسوق الرئيسية، وهي اليوم تعد أداة محورية لتنويع الاقتصاد الوطني وخلق فرص العمل عبر دعم ريادة الأعمال، وتأتي التعديلات الأخيرة لترسخ مكانة المملكة كصاحبة أكبر بورصة عربية قادرة على استقطاب المستثمرين المؤهلين في السوق الموازية ودعم نمو الشركات الواعدة.
