التعليم السوري والذكاء الاصطناعي: دمشق تبحث مع “كلاسيرا” إطلاق منصة ذكية لتطوير المدارس

التعليم السوري والذكاء الاصطناعي: دمشق تبحث مع “كلاسيرا” إطلاق منصة ذكية لتطوير المدارس

مشروع منصة كلاسيرا التعليمية في سوريا يعد خطوة مفصلية نحو عصرنة القطاع التربوي؛ حيث شرعت وزارة التربية في دمشق بإجراء مباحثات مكثفة مع الشركة الرائدة عالمياً لدمج حلول الذكاء الاصطناعي ضمن البنية التحتية للمدارس، وهو ما يعكس رغبة حقيقية في تجاوز الأساليب التقليدية والانطلاق نحو بيئة رقمية تفاعلية شاملة تخدم الطالب والمعلم وتؤسس لمستقبل تقني واعد يواكب المتغيرات العالمية المتسارعة في هذا المجال الحيوي.

محاور تفعيل منصة كلاسيرا التعليمية في المدارس

جاءت المباحثات الرسمية بين الجانب الحكومي وممثلي الشركة لترسم خارطة طريق واضحة المعالم لتطوير التعليم؛ إذ التقى معاون وزير التربية يوسف عنان مع المستشار عبد الله غزال لمناقشة آليات تنفيذ هذا التحول الرقمي الكبير، وقد تمحور اللقاء حول كيفية استثمار الخبرات التقنية لردم الفجوة الرقمية الحالية، والعمل على بناء نظام إيكولوجي تعليمي مترابط لا يكتفي بنقل المعلومة بل يسعى لإدارتها بذكاء، وتضمنت النقاشات خططاً تفصيلية لضمان شمولية الحلول المقترحة لكافة أركان العملية التربوية من إدارة ومناهج وكوادر بشرية، وتشمل الركائز الأساسية التي تم الاتفاق مبدئياً على دراستها وتطبيقها عبر منصة كلاسيرا التعليمية النقاط الجوهرية التالية لضمان نجاح التجربة:

  • تحديث جذري لطرق التدريس التقليدية عبر دمج أدوات تفاعلية تجعل الطالب محور العملية التعليمية وتزيد من انخراطه وشغفه بالتعلم.
  • إطلاق برامج تدريبية مكثفة للمعلمين والكوادر الإدارية لتمكينهم من احتراف استخدام الأدوات الرقمية الحديثة وتوظيفها بفاعلية داخل الغرف الصفية.
  • تأسيس شبكة ربط إلكتروني موحدة تشمل الوزارة والمديريات والمدارس لتبسيط المعاملات الورقية وتسريع وتيرة العمل الإداري بدقة عالية.

التقنيات الذكية في منصة كلاسيرا التعليمية

تستند الشركة في حلولها إلى تاريخ عريق بدأ في وادي السيليكون عام 2012 وتوسع ليشمل أكثر من 45 دولة حول العالم؛ حيث تعتمد منصة كلاسيرا التعليمية على نظام إدارة التعلم (LMS) المعزز بأحدث خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتقديم تجربة مخصصة لكل متعلم، وتبرز قوة هذه المنظومة في قدرتها على تحليل سلوك الطالب واحتياجاته لتقديم المحتوى الأنسب لمستواه، كما نجحت الشركة في جذب استثمارات ضخمة تجاوزت 40 مليون دولار بقيادة “سنابل للاستثمار” التابعة لصندوق الاستثمارات العامة السعودي، وهو ما مكنها من تطوير باقة من الحلول المبتكرة التي تتجاوز مجرد إدارة الفصول الدراسية لتشمل جوانب الحياة المدرسية كافة، وتتميز هذه الحلول بالتنوع والقدرة على التكيف مع البيئات التعليمية المختلفة لتقديم قيمة مضافة حقيقية للمؤسسات التي تعتمدها.

توفر المنظومة تجربة غنية تعتمد على تقنيات الواقع المعزز والافتراضي التي تنقل الطالب إلى عوالم ثلاثية الأبعاد لفهم المواد المعقدة؛ إذ يتيح نظام (C-Reality) محاكاة التجارب العلمية والدروس التفاعلية بأسلوب مشوق، بينما يتولى المساعد الذكي الإجابة عن استفسارات الطلاب المعقدة في أي وقت، ويدعم النظام المعلمين عبر التصحيح الآلي وبناء الاختبارات التي تتوافق تلقائياً مع مستوى تحصيل الطلاب، وتكتمل هذه الدائرة التقنية عبر لوحات تحكم متطورة تمنح صناع القرار رؤية شاملة ودقيقة عن الأداء الأكاديمي والإداري لحظة بلحظة، مما يسهل عمليات التقويم والتطوير المستمر بناءً على بيانات واقعية وموثوقة بعيداً عن التقديرات الشخصية أو العشوائية.

أثر تطبيق منصة كلاسيرا التعليمية على المستقبل

يحمل هذا التعاون المرتقب في طياته وعوداً بنقلة نوعية هائلة للتعليم في سوريا؛ حيث أن اعتماد منصة كلاسيرا التعليمية سيؤدي إلى تقليص البيروقراطية الإدارية بشكل ملحوظ من خلال أتمتة العمليات اليومية، ويوفر النظام حلولاً مالية وإدارية متكاملة عبر تقنية (C-Smarter) لتخطيط الموارد و(C-Pay) للدفع الإلكتروني، وهذا التكامل يضمن بيئة مدرسية خالية من التعقيدات الروتينية، ويسمح للإدارات بالتركيز على الجانب التربوي بدلاً من الغرق في التفاصيل التشغيلية، ويوضح الجدول التالي أبرز الخدمات التقنية التي ستقدمها المنصة وكيفية انعكاسها المباشر على تطوير البيئة المدرسية وتحسين كفاءة العمليات اليومية:

الخدمة التقنية المقدمة الفائدة العملية المباشرة للمؤسسة التعليمية
نظام C-Smarter (ERP) إدارة الموارد المالية والبشرية بذكاء واتخاذ قرارات مبنية على البيانات
سوق EduMalls الإلكتروني توفير أحدث الوسائل التعليمية والتكنولوجية بأسعار تنافسية للمدارس
تقنية C-Reality تحويل المناهج النظرية إلى تجارب واقعية وتفاعلية تزيد من استيعاب الطلاب

إن التوجه الحكومي نحو تبني منصة كلاسيرا التعليمية يعكس إدراكاً عميقاً لضرورة إعداد الجيل القادم لمتطلبات الاقتصاد الرقمي؛ فالمشروع لا يقتصر على توفير أدوات تقنية فحسب بل يهدف إلى خلق ثقافة رقمية شاملة تربط المنزل بالمدرسة عبر قنوات تواصل فعالة، وتجعل من ولي الأمر شريكاً أساسياً في رحلة تعلم ابنه، مما يرفع من جودة المخرجات التعليمية ويعزز من تنافسية الكفاءات السورية في سوق العمل المستقبلي الذي يعتمد كلياً على المهارات التقنية والقدرة على التكيف مع التطورات التكنولوجية المتلاحقة.