الكلاب المدربة لرعاية مرضى السكري تعد اليوم واحدة من أهم الاكتشافات المساعدة في المجال الطبي الحديث، حيث كشف تقرير نشره موقع “فوكس نيوز” عن قدرات استثنائية تمتلكها هذه الحيوانات الأليفة في رصد التغيرات البيولوجية الدقيقة داخل جسم الإنسان، مما يجعلها تتفوق في سرعة الاستجابة والإنذار المبكر على العديد من الأجهزة الإلكترونية المتطورة التي يرتديها المصابون لهذا الغرض الحيوي والدقيق.
على الرغم من الطفرة الهائلة التي شهدتها التكنولوجيا الطبية المخصصة لمتابعة الحالات المزمنة خلال السنوات القليلة الماضية، والتي تجلت بوضوح في ابتكار أجهزة مراقبة الجلوكوز المستمرة ومضخات الأنسولين الذكية بالإضافة إلى أنظمة التنبيه المعتمدة على خوارزميات الذكاء الاصطناعي، إلا أن الخبراء والمختصين يرون أن حاسة الشم القوية لدى الكلاب قد تتجاوز دقة هذه الآلات في مواقف معينة، فالكلاب تمتلك مستقبلات شمية فائقة الحساسية تمكنها من التقاط الروائح الكيميائية التي يفرزها الجسم عند حدوث اضطراب في مستويات السكر، وهو ما يوفر طبقة أمان إضافية للمرضى الذين قد لا تسعفهم التكنولوجيا وحدها في اللحظات الحرجة أو أثناء النوم العميق.
فعالية الكلاب المدربة لرعاية مرضى السكري مقارنة بالأجهزة
لتقريب الصورة بشكل عملي حول كفاءة هذه الكائنات، يمكننا النظر إلى تجربة الكلب “كونا” وهو من فصيلة لابرادور ريتريفر ويبلغ من العمر عامًا واحدًا فقط، حيث يلعب دورًا محوريًا في حياة صاحبته الطفلة “كينيدي بيرس” البالغة من العمر سبع سنوات، إذ يقوم كونا بتنبيه العائلة فور استشعاره لأي ارتفاع أو انخفاض مفاجئ في مستوى السكر بدم الطفلة، وذلك عن طريق وضع مخلبه برفق ولطف على ذراعها كإشارة تحذيرية، والمثير للاهتمام أن كونا يتمكن غالبًا من إصدار هذا التنبيه قبل حوالي 30 دقيقة كاملة من تسجيل جهاز المراقبة الإلكتروني لوجود أي مشكلة، مما يمنح الأهل وقتًا ثمينًا للتصرف، وبعد خضوعه لبرنامج تدريبي مكثف استمر لمدة شهرين لاكتشاف الروائح، أصبح كونا يعمل كحارس يقظ على مدار الساعة، مثله مثل مئات الكلاب المدربة لرعاية مرضى السكري التي توفر الدعم وتنفذ مهامًا محددة منها:
- استشعار التغيرات الهرمونية والكيميائية التي تسبق ظهور الأعراض الجسدية على المريض.
- إصدار تنبيهات ملموسة عبر اللمس أو حركات معينة لضمان انتباه المريض أو ذويه للخطر القادم.
- توفير شعور مستمر بالأمان والراحة النفسية للعائلات التي تعاني من قلق دائم بشأن نوبات السكر المفاجئة.
العلم وراء قدرات الكلاب المدربة لرعاية مرضى السكري
يؤكد الأشخاص الذين يتعايشون مع هذه الحيوانات الذكية أن وجودها يمثل لهم طوق نجاة ورفيقًا دائمًا يستشعر الخطر قبل وقوعه، وبحسب “ليندسي بيرس” والدة الطفلة كينيدي فإن الكلب كونا يستطيع الشعور بالتغيير الداخلي قبل أن تشعر ابنتها بأي شيء على الإطلاق، وفي كثير من الأحيان يسبق تنبيهه اكتشاف أي خلل في تكنولوجية الأجهزة التي ترتديها الطفلة، ويعود التفسير العلمي لهذه الظاهرة إلى أن انخفاض أو ارتفاع مستوى السكر في الدم يسبب تغيرات كيميائية معقدة في جسم الإنسان تُنتج روائح دقيقة لا يستطيع البشر شمها، بينما تنجح الكلاب المدربة لرعاية مرضى السكري في تمييز هذه الروائح بوضوح وتنبيه أصحابها من خلال سلوكيات مكتسبة مثل الخدش أو اللعق وفقًا لما أكده نادي بيت الكلب الأمريكي، ويوضح الجدول التالي أبرز الفروقات بين قدرات هذه الكلاب والأجهزة التقنية:
| وجه المقارنة | الكلاب المدربة (مثل كونا) | الأجهزة الطبية الإلكترونية |
|---|---|---|
| سرعة الاستجابة | تكتشف التغيرات قبل الأجهزة بمدة تصل لـ 30 دقيقة | قد تعاني من فجوة زمنية في معالجة الإشارات |
| آلية الرصد | شم التغيرات الكيميائية والهرمونية المباشرة | قياس مستويات الجلوكوز في السائل الخلالي |
الرأي الطبي في الاعتماد على الكلاب المدربة لرعاية مرضى السكري
من وجهة نظر طبية متخصصة، أوضح الدكتور “فرانك دومونت” طبيب الأمراض الباطنية أن الأمر يتلخص في كيفية معالجة الجسم والتكنولوجيا للإشارات الحيوية، مشيرًا إلى أن أحد القيود الرئيسية للأجهزة الطبية الحالية يكمن في الفجوة الزمنية بين التغيرات التي تحدث فعليًا في الدم وبين قراءة المستشعر لها، وفي المقابل تتمتع الكلاب المدربة لرعاية مرضى السكري بقدرة فطرية على اكتشاف التحولات في مستوى الجلوكوز في الوقت الفعلي، وتستجيب للتغيرات الهرمونية قبل أن تلتقطها أجهزة الاستشعار، ويعد هذا الاكتشاف المبكر بالغ الأهمية بشكل خاص للأشخاص الذين تنخفض لديهم مستويات السكر فجأة أو تصل لمستويات خطيرة أثناء النوم، مما قد يسبب نوبات تشنجية أو غيبوبة أو حتى الوفاة لا قدر الله.
رغم أن الكلاب المدربة لرعاية مرضى السكري تقدم تحذيرات مبكرة حاسمة قد تنقذ الأرواح، إلا أن الخبراء يجمعون على أنها لا يمكن أن تحل محل الأجهزة الطبية أو المراقبة المستمرة بشكل كامل، حيث تكمن أهميتها في كونها نظام إنذار مبكر يعزز السلامة، لكنها لا تستطيع توفير أرقام وقياسات دقيقة لنسبة السكر في الدم التي تظل ضرورية لتحديد جرعات العلاج المناسبة.
