المدارس المصرية اليابانية تعد نموذجًا رائدًا للتطوير التعليمي في الجمهورية الجديدة، حيث نشر المركز الإعلامي لمجلس الوزراء مقطعًا مرئيًا يسلط الضوء على هذه التجربة الفريدة التي تتبناها الدولة للارتقاء بمنظومة التعليم؛ إذ يهدف هذا المشروع المحوري بشكل أساسي إلى بناء شخصية الطالب المصري وتنمية مهاراته الحياتية وترسيخ قيم الانضباط والعمل الجماعي من خلال بيئة تعليمية محفزة تحاكي النظم الدولية المتقدمة وفق منهجية دقيقة تضمن تخريج أجيال قادرة على مواجهة تحديات المستقبل.
خريطة انتشار المدارس المصرية اليابانية وتطور المشروع
استعرض الفيديو المنشور رحلة التوسع الكبيرة التي تشهدها المدارس المصرية اليابانية منذ انطلاقها، حيث أوضح مالك أحمد مدير وحدة المدارس بالوزارة أن الفكرة بدأت حيز التنفيذ الفعلي في عام 2018، وقد شهد العام الدراسي 2018/ 2019 التشغيل الفعلي لعدد 35 مدرسة كبداية قوية لهذا النمط التعليمي الجديد؛ واستمرت الدولة في ضخ الاستثمارات والتوسع في الإنشاءات ليصل عدد المدارس المستهدف تشغيلها بحلول العام الدراسي 2025/ 2026 إلى 69 مدرسة تغطي رقعة جغرافية واسعة من أرض الوطن، كما يظهر الجدول التالي تطور أعداد المدارس وتوزيعها الجغرافي وفقًا لما ورد في التصريحات الرسمية:
| المرحلة / البيان | التفاصيل والأرقام |
|---|---|
| بداية التنفيذ | عام 2018 |
| التشغيل الأولي (2018/2019) | 35 مدرسة |
| المستهدف (2025/2026) | 69 مدرسة |
| التغطية الجغرافية الحالية | 26 محافظة |
| التوسع المستقبلي | ضم محافظة الأقصر العام القادم لتغطية كامل الجمهورية |
أشار مدير الوحدة إلى أن هذا الانتشار الجغرافي الواسع الذي وصل إلى 26 محافظة حاليًا يستهدف ضمان وصول خدمات المدارس المصرية اليابانية إلى مختلف شرائح المجتمع، مؤكدًا أن التخطيط لضم محافظة الأقصر خلال العام القادم يأتي تتويجًا لجهود الدولة لتشمل هذه المنظومة التعليمية المتطورة كافة محافظات الجمهورية بلا استثناء؛ مما يعكس الإرادة السياسية الواضحة في تعميم تجربة التعليم القائم على الجودة وبناء الإنسان في كافة ربوع مصر.
دور الخبراء وتطبيق التوكاتسو في المدارس المصرية اليابانية
يعتمد نجاح هذه التجربة بشكل كبير على الشراكة الفعالة مع الجانب الياباني، حيث تضم منظومة المدارس المصرية اليابانية فريقًا متميزًا يتكون من نحو 15 خبيرًا يابانيًا يتولون مهام الإشراف الدقيق على تنفيذ الأنشطة التعليمية والتربوية داخل الفصول؛ وقد أوضح المسؤولون أن كل خبير يتولى مسؤولية متابعة مدرستين أو ثلاث مدارس بحسب النطاق الجغرافي، بينما أكدت الخبيرة اليابانية “أكيموتو” أن دورهم المحوري يتمثل في حضور الحصص الدراسية وتقديم الدعم الفني المستمر للمعلمين والإدارات المدرسية التي تتمتع بالفعل بخبرات ثرية، ويتم صقل هذه الخبرات عبر تبادل الآراء المستمر لمواجهة التحديات اليومية.
يشكل نظام “التوكاتسو” العمود الفقري للعملية التربوية داخل المدارس المصرية اليابانية، وهو نظام شامل يستهدف بناء مجتمع مدرسي متكامل ومترابط؛ حيث أوضحت الخبيرة اليابانية أن هذا النظام لا يقتصر على التعليم الأكاديمي فحسب بل يمتد ليشمل بناء شخصية الطالب من خلال المشاركة الجماعية في حل المشكلات وتحسين البيئة المدرسية، وهو ما أكدته رجاء زغلول، مدير المدرسة بزهراء مدينة نصر، مشيرة إلى أن تطبيق هذه الأنشطة يتم بتدرج مدروس يناسب المراحل العمرية المختلفة للطلاب بدءًا من المرحلة الابتدائية وصولًا إلى المرحلة الإعدادية لتشكيل وعيهم المهني والعملي، وتشمل أبرز أنشطة التوكاتسو المطبقة ما يلي:
- اجتماع الصباح: نشاط يومي لتعزيز التواصل والتنظيم بين الطلاب وبدء اليوم بحيوية.
- المناقشات التوجيهية: تهدف إلى تعزيز الدافعية الذاتية وبناء المهارات الفردية للطالب.
- مجلس الفصل: نشاط جماعي يدرب الطلاب على الحوار وتقبل الرأي الآخر وحل المشكلات.
- تشكيل المستقبل المهني: نشاط مخصص لطلاب المرحلة الإعدادية لمساعدتهم على تحديد أهدافهم.
المناهج المتطورة وتنمية المهارات في المدارس المصرية اليابانية
لا تتوقف مميزات هذا النموذج التعليمي عند الأنشطة التربوية فقط، بل تمتد لتشمل مناهج أكاديمية متطورة تواكب العصر الرقمي، حيث أكد معلمو المدارس المصرية اليابانية الاهتمام الكبير بتدريس البرمجة لطلاب الصفين الرابع والخامس الابتدائي؛ وذلك من خلال منهج خاص تم تطويره ليكون موازيًا لمنهج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (ICT) المطبق في المرحلة الثانوية باليابان، ولكن تم تكييفه وتطويره ببراعة ليتناسب مع القدرات العقلية والمراحل العمرية للطلاب المصريين الصغار، مما يساهم بشكل مباشر في تنمية مهارات التفكير المنطقي والإبداعي لديهم منذ الصغر ويعدهم لوظائف المستقبل.
تعتمد فلسفة التدريس في المدارس المصرية اليابانية على استراتيجيات التعلم النشط والتعلم من خلال اللعب كأدوات أساسية لتطوير المهارات، حيث يتم دمج اللعب الحر الذي يمنح الطفل مساحة للابتكار باستخدام الأدوات المتاحة في بيئته، واللعب المخطط الذي يتم تصميمه بعناية من قبل المعلمين لتحقيق أهداف تعليمية محددة؛ وفي هذا السياق فصلت الدكتورة سمية عبيد، مسئول التوكاتسو، الأهداف السلوكية للأنشطة المطبقة، موضحة أن نشاط “المناقشات التوجيهية” يعمل على بناء الشخصية المستقلة والدافعية الذاتية، في حين يركز نشاط “مجلس الفصل” على الجانب الاجتماعي من خلال تدريب الطلاب على احترام الآخرين وسماع وجهات النظر المختلفة، مما يخلق توازنًا دقيقًا بين بناء المهارات الفردية وتعزيز الروح الجماعية داخل المجتمع المدرسي.
