المضادات الحيوية لا تؤثر في الفيروسات.. “تاج الدين” يوضح حدود العلاج ومخاطر الاستخدام العشوائي

المضادات الحيوية لا تؤثر في الفيروسات.. “تاج الدين” يوضح حدود العلاج ومخاطر الاستخدام العشوائي

الاستخدام العشوائي للمضادات الحيوية يمثل قنبلة موقوتة تهدد الاستقرار الصحي في مصر؛ حيث أطلق الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار رئيس الجمهورية لشؤون الصحة والوقاية تحذيرات شديدة اللهجة من تصاعد هذه الظاهرة الخطيرة التي باتت تزداد تعقيدًا بمرور الوقت، مشيرًا إلى أن التعامل مع العقاقير الطبية لا يجب أن يكون خاضعًا للتجارب الفردية أو التوصيات العائلية غير المتخصصة بل يجب أن يستند إلى أسس علمية صارمة وضوابط طبية محددة لضمان سلامة المرضى وتجنب الكوارث الصحية التي قد تنجم عن سوء التقدير في تناول الجرعات الدوائية دون استشارة المختصين.

خطورة الاستخدام العشوائي للمضادات الحيوية على الصحة العامة

أكد الدكتور تاج الدين في حديثه الإعلامي أن الاستخدام العشوائي للمضادات الحيوية يعكس ثقافة قديمة مغلوطة لا تزال تسيطر على قطاع كبير من المواطنين؛ إذ يعتمد الكثيرون على تبادل الأدوية فيما بينهم لمجرد تشابه الأعراض الظاهرية وهو ما يعد خطأً جسيمًا قد يودي بحياة المريض، موضحًا أن المضاد الحيوي الذي يتم وصفه لمريض داخل العناية المركزة أو المستشفى يختلف كليًا عن النوع الذي يمكن تناوله في المنزل؛ فكل سلالة بكتيرية تتطلب نوعًا محددًا من المضادات بتركيزات وفترات زمنية دقيقة للغاية لا يمكن تحديدها إلا بواسطة الطبيب المعالج بناءً على الفحوصات والتشخيص الدقيق للحالة المرضية وليس بناءً على التخمين.

في سياق توضيح الفروقات الجوهرية بين مسببات الأمراض وكيفية علاجها، يجب فهم الجدول التالي الذي يبين الفرق بين العدوى البكتيرية والفيروسية وعلاقتها بالعلاج:

نوع العدوى المسبب العلاج المناسب دور المضاد الحيوي
العدوى البكتيرية بكتيريا وجراثيم مضادات حيوية محددة فعال ويقضي على البكتيريا
العدوى الفيروسية فيروسات (مثل الإنفلونزا) راحة، سوائل، خافض حرارة غير فعال نهائياً ولا يعالج الفيروس

تداعيات الاستخدام العشوائي للمضادات الحيوية ومقاومة البكتيريا

شدد مستشار الرئيس على أن الاستخدام العشوائي للمضادات الحيوية لا يتوقف ضرره عند عدم الشفاء فحسب؛ بل يمتد ليشمل كارثة طبية تعرف بمقاومة البكتيريا للأدوية، منوهًا إلى خطورة توقف المريض عن إكمال كورس العلاج بمجرد شعوره بتحسن طفيف أو زوال أعراض ارتفاع الحرارة؛ لأن هذا التصرف يمنح البكتيريا فرصة ذهبية للتحور وإعادة بناء دفاعاتها لتصبح سلالات شرسة قادرة على مقاومة أقوى العقاقير في المستقبل، مما يجعل علاج أبسط الالتهابات أمرًا في غاية الصعوبة والتعقيد سواء للشخص نفسه أو للمجتمع الذي تنتقل إليه هذه العدوى المتحورة.

للتغلب على هذه المعضلة وتجنب خلق سلالات بكتيرية لا تقهر، يجب الالتزام بمجموعة من القواعد الصارمة التي تضمن فعالية الدواء وتحمي الصحة العامة من المخاطر طويلة الأمد، وتتمثل هذه النقاط الجوهرية فيما يلي:

  • الالتزام التام بالجرعة الموصوفة من قبل الطبيب وعدم تجاوزها أو تقليلها تحت أي ظرف.
  • إكمال المدة الزمنية المحددة للعلاج (الكورس) حتى لو شعر المريض بالتحسن وزوال الأعراض تمامًا.
  • الامتناع عن مشاركة المضادات الحيوية مع الآخرين أو استخدام وصفات طبية قديمة لأعراض مشابهة.
  • عدم الضغط على الطبيب لوصف مضاد حيوي في حالات نزلات البرد والإنفلونزا الفيروسية.

دور اللقاحات في الحد من الاستخدام العشوائي للمضادات الحيوية

أوضح الدكتور تاج الدين أن التمييز بين الفيروسات والبكتيريا يعد حجر الزاوية في مكافحة الاستخدام العشوائي للمضادات الحيوية؛ حيث أن الغالبية العظمى من الأمراض المنتشرة حاليًا هي نزلات برد وإنفلونزا موسمية تسببها فيروسات لا تتأثر بالمضادات الحيوية، مؤكدًا أن هذه الأمراض تأخذ دورتها الطبيعية داخل الجسم والتي تستمر لمدة أسبوع تقريبًا وتشفى عن طريق الراحة وتقوية المناعة، ولا يكون للمضاد الحيوي أي دور علاجي فيها إلا في حالات نادرة تحدث فيها مضاعفات بكتيرية ثانوية مثل الالتهاب الرئوي أو الصديد على اللوزتين، وهو قرار طبي بحت لا يملكه المريض.

تطرق الحديث إلى أهمية اللقاحات كوسيلة وقائية فعالة تقلل من الحاجة إلى الأدوية وبالتالي تحد من الاستخدام العشوائي للمضادات الحيوية بشكل غير مباشر؛ حيث أشار إلى أن فيروسات الإنفلونزا من النوعين A و B تتميز بقدرتها على التحور السنوي المستمر، مما يستدعي تحديث الأمصال واللقاحات بشكل دوري لتتناسب مع السلالات الجينية الجديدة للفيروس مثل مصل عام 2024-2025، وشدد على ضرورة اعتبار اللقاح خط الدفاع الأول الذي يقي الجسم من العدوى الشديدة ويقلل من احتمالية حدوث مضاعفات قد تضطر الأطباء لاستخدام علاجات مكثفة.

الالتزام بالوصفات الطبية المعتمدة وعدم الانجراف وراء العادات المجتمعية الخاطئة هو السبيل الوحيد للنجاة من الآثار الجانبية الخطيرة للأدوية والحفاظ على فعالية المضادات الحيوية للأجيال القادمة.