يناقش مسلسل “ميد تيرم” الذي يعرض حاليًا بطولة ياسمينا العبد ومجموعة من الوجوه الشابة عبر شاشة On E قضية استخدام الذكاء الاصطناعي كجزء محوري من حياة جيل Z وتجاربهم الجامعية المتنوعة، إذ يسلط الضوء على كيفية استعانة الطلاب بهذه التقنيات الحديثة للإجابة عن التساؤلات اليومية والأكاديمية دون بذل جهد يذكر؛ مع استعراض الآثار المترتبة على ذلك وكيفية تحويل هذا التعامل التقني إلى نمط صحي يخدم الطالب ولا يضره.
تطرق استشاري الصحة النفسية مصطفى الزريقي في حديثه عن هذه الظاهرة إلى أن استخدام الذكاء الاصطناعي يمثل سلاحًا ذا حدين؛ فهو من جهة أداة مساعدة قوية للغاية تقدم للطلاب خدمات متنوعة تشبه نصائح الأصدقاء، وتساهم في حل الواجبات الدراسية بضغطة زر واحدة؛ بالإضافة إلى تقديم أفكار مبتكرة لترتيب المنزل، وضمان النجاح في الحياة الجامعية، ومواكبة صيحات الموضة، وحتى اقتراح وصفات طعام جديدة؛ مما يجعل من الصعب حصر المجالات اليومية التي يلجأ فيها الطالب لهذه التطبيقات؛ وهو الأمر الذي قد يولد شعورًا زائفًا لدى المستخدم بعدم الحاجة للاعتماد على الذات طالما توفرت التكنولوجيا البديلة.
الآثار النفسية الناتجة عن استخدام الذكاء الاصطناعي بإفراط
أوضح استشاري الصحة النفسية المخاطر الجسيمة التي قد تترتب على الإفراط في استخدام الذكاء الاصطناعي؛ إذ تبدأ المشكلة بظهور حالة من الاعتمادية الزائدة لدى الطالب، فيتوقف العقل تدريجيًا عن التفكير المستقل والتحليل؛ مما يؤدي إلى تراجع ملموس في مهارات حل المشكلات واتخاذ القرارات الحاسمة وانخفاض مستوى الإبداع الشخصي؛ كما يمتد الأثر السلبي ليطال ثقة الفرد بنفسه، حيث يتسرب إليه اعتقاد خاطئ بأن هذه التطبيقات أذكى وأسرع منه؛ مما يزرع في داخله الخوف من خوض التجارب الجديدة أو ارتكاب الأخطاء التي هي جزء طبيعي من التعلم.
حذر الزريقي أيضًا من العزلة الاجتماعية التي قد تفرضها هذه التقنيات عندما تتحول إلى بديل للصديق أو شريك الحوار؛ حيث يجد البعض في استخدام الذكاء الاصطناعي وسيلة أسهل للتواصل مقارنة بالعلاقات البشرية التي قد يراها البعض “مجهدة”؛ وهذا بدوره يؤدي إلى ضعف مهارات التواصل الاجتماعي الحقيقية والانغلاق على الذات؛ وقد حدد الخبير النفسي مجموعة من المؤشرات التي تدل على أن التعامل مع هذه التقنيات قد وصل لمرحلة غير صحية، ويمكن تلخيص هذه العلامات والمقارنة بينها في الجدول التالي:
| المؤشر السلوكي | دلالة الخطر النفسي |
|---|---|
| طلب إجابات لأسئلة بديهية وبسيطة | توقف العقل عن التفكير المنطقي البسيط |
| العجز عن اتخاذ أي قرار دون التطبيق | فقدان الاستقلالية والثقة بالنفس |
| تفضيل محادثة التطبيق على البشر | بداية العزلة الاجتماعية والوحدة |
ضوابط استخدام الذكاء الاصطناعي بطريقة صحية وواعية
يكمن السر في الاستفادة من التكنولوجيا دون تضرر في تغيير عقلية التعامل معها، بحيث يكون استخدام الذكاء الاصطناعي بوصفه “مساعدًا” وليس “بديلًا” للعقل البشري؛ وينصح الاستشاري النفسي بضرورة أن يبدأ الشخص بالتفكير في المسألة أو المشكلة بنفسه أولًا ومحاولة صياغة حلول شخصية، ثم يأتي دور الأداة التقنية للتحقق من صحة المعلومات أو تحسين جودة الفكرة المطروحة؛ ومن الضروري جدًا تدوين الرأي الشخصي قبل طلب التعديل أو الاقتراح من التطبيق لضمان بقاء البصمة البشرية حاضرة؛ كما يجب وضع حدود زمنية ومكانية صارمة للتعامل مع هذه البرمجيات لضمان عدم سيطرتها على كافة جوانب الحياة اليومية.
توجد مجموعة من الخطوات العملية التي تساعد في الحد من الآثار السلبية لهذه التقنيات وجعل استخدام الذكاء الاصطناعي أكثر أمانًا وفائدة للصحة النفسية والعقلية للطالب الجامعي، وهي تتمثل في النقاط التالية:
- طرح سؤال “هل أحتاج فعلاً للذكاء الاصطناعي الآن؟” قبل فتح أي تطبيق.
- الامتناع تمامًا عن استخدام هذه التطبيقات أثناء تناول الطعام أو قبل النوم مباشرة.
- تحديد هدف واضح ومسبق قبل الدخول للتطبيق لتجنب الاندماج غير الواعي في اقتراحاته.
- كتابة المسودات الأولى للمشاريع والأفكار بجهد شخصي خالص قبل الاستعانة بالتقنية.
تعزيز الدور البشري أثناء استخدام الذكاء الاصطناعي في التعلم
يعتبر الحفاظ على التواصل الإنساني طوق النجاة من فخ الاعتمادية الكاملة على التقنية؛ لذا يوصى دائمًا بالبحث عن بديل بشري موازٍ وعدم الاكتفاء بما تقدمه الشاشات؛ حيث يجب تخصيص جزء من المشكلات والأفكار لمناقشتها مع صديق مقرب أو شخص مختص وجهًا لوجه؛ فهذا النوع من التفاعل يعزز مهارات الحوار المباشر وينمي الفهم العاطفي والاجتماعي الذي تعجز التقنيات مهما تطورت عن تعويضه؛ ويساعد ذلك في بقاء الطالب متصلًا بواقعه ومحيطه الاجتماعي بشكل سوي ومتوازن؛ كما يضمن عدم انزلاقه في دوامة العزلة الرقمية التي تضر بصحته النفسية على المدى الطويل.
أشار الاستشاري في ختام نصائحه إلى أهمية تحديد مجالات التطوير الشخصي بشكل دقيق ومنهجي بدلًا من البحث العشوائي؛ فعندما يحدد الفرد المهارات التي يحتاج لتنميتها فعليًا، يمكنه حينها توجيه استخدام الذكاء الاصطناعي لدعم هذا المسار التطويري بصورة واعية ومخطط لها؛ وبهذا الأسلوب تتحول التكنولوجيا من مجرد وسيلة سهلة للحصول على إجابات جاهزة ومصدر للتشتت، إلى أداة تعليمية فعالة تساهم في النمو المعرفي والشخصي للطالب دون أن تلغي شخصيته أو تضعف قدراته العقلية والاجتماعية.
