ترامب يحذر أوروبا من “مسارات خطرة” قد تكلف القارة ثمنًا استراتيجيًا باهظًا

ترامب يحذر أوروبا من “مسارات خطرة” قد تكلف القارة ثمنًا استراتيجيًا باهظًا

انتقادات ترامب للاتحاد الأوروبي عادت لتتصدر واجهة الأحداث العالمية وتثير الجدل الدبلوماسي بعد تعليقه اللاذع على الغرامة المالية التي فرضتها المفوضية الأوروبية على منصة “إكس” بقيمة 140 مليون دولار، حيث وصف الرئيس الأمريكي هذا الإجراء بأنه “كريه” وغير مبرر، محذرًا القادة الأوروبيين من الاستمرار في سياساتهم الحالية التي يراها تقود القارة نحو منزلقات خطرة وتهدد هويتها الثقافية والاقتصادية بشكل غير مسبوق في التاريخ الحديث.

تصعيد انتقادات ترامب للاتحاد الأوروبي بسبب غرامة إكس

أثار القرار الأوروبي الأخير بفرض عقوبات مالية على شركة إيلون ماسك حفيظة البيت الأبيض بشكل واضح، حيث جاءت انتقادات ترامب للاتحاد الأوروبي لتسلط الضوء على الفجوة المتسعة بين واشنطن وبروكسل، وقد صرح ترامب للصحفيين بأنه رغم عدم إلمامه الكامل بكل التفاصيل التقنية للغرامة إلا أنه يرى فيها مؤشرًا سلبيًا للغاية يستوجب الحذر، مؤكدًا أن الولايات المتحدة ترغب في أن تبقى أوروبا محافظة على جوهرها دون أن تتغير إلى الحد الذي يجعلها تسير في اتجاهات سيئة جدًا لشعوبها، ويتناغم هذا الموقف الرسمي تمامًا مع رؤية حليفه المقرب إيلون ماسك الذي لم يتردد في إطلاق تصريحات نارية دعا فيها إلى حل التكتل الأوروبي بالكامل بعد صدور الغرامة، وهي الدعوات التي وصفتها الدوائر الرسمية في بروكسل بأنها جنونية وتفتقر للمنطق، وبينما أوضح الرئيس الأمريكي أن ماسك لم يتصل به طلبًا للمساعدة المباشرة في هذا الملف، إلا أنه أكد عزمه على الاطلاع على المزيد من التفاصيل لاحقًا؛ مما يوحي بأن ملف الغرامة قد يتحول إلى نقطة خلاف جوهرية في العلاقات العابرة للأطلسي خلال الفترة المقبلة.

أبعاد انتقادات ترامب للاتحاد الأوروبي في استراتيجية الأمن القومي

لم تتوقف الهجمات اللفظية عند حدود المؤتمرات الصحفية بل تم توثيق انتقادات ترامب للاتحاد الأوروبي بشكل رسمي وممنهج ضمن وثيقة استراتيجية الأمن القومي الجديدة التي أطلقتها إدارته مؤخرًا تحت شعار “أمريكا أولًا”، وتضمنت هذه الاستراتيجية تشخيصًا قاسيًا للوضع في القارة العجوز مشيرة إلى تراجع حصة أوروبا في الاقتصاد العالمي بشكل ملحوظ نتيجة صعود قوى منافسة مثل الصين، والأخطر من ذلك هو تحذير الوثيقة من أن هذا التراجع الاقتصادي يطغى عليه خطر وجودي يتمثل في “المحو الحضاري” المحتمل، حيث تتوقع الإدارة الأمريكية أنه إذا استمرت الاتجاهات الحالية فلن يكون من الممكن التعرف على القارة بملامحها المعروفة في غضون عشرين عامًا أو أقل، وتعهدت واشنطن بموجب هذه الرؤية بدعم الجهات المعارضة للقيم التي يقودها الاتحاد حاليًا، وقد ارتكزت الاستراتيجية الجديدة على عدة محاور رئيسية تصطدم بالسياسات الأوروبية:

  • دعم التيارات السياسية المعارضة لسياسات الهجرة المفتوحة والقيم الليبرالية الحالية في أوروبا.
  • العمل على محو الانطباع السائد بأن حلف الناتو هو تحالف يتمدد بلا انقطاع ومنع تجسد ذلك واقعيًا.
  • التركيز على حماية المصالح الأمريكية عبر استغلال ضعف الحلفاء الأوروبيين الاقتصادي والسياسي.

تأثير انتقادات ترامب للاتحاد الأوروبي على ملفي أوكرانيا وروسيا

تتداخل انتقادات ترامب للاتحاد الأوروبي بشكل مباشر مع رؤيته الجيوسياسية لإنهاء الصراع الدائر في أوكرانيا، ففي الوقت الذي تتهم فيه الاستراتيجية الأمريكية الحلفاء الأوروبيين بالضعف تسعى واشنطن لفرض خطة سلام قد تمنح روسيا سيطرة على مزيد من الأراضي، وهو توجه يتعارض جذريًا مع الموقف الأوروبي الداعم لكييف، وقد لاقت هذه التحولات ترحيبًا حارًا من موسكو التي اعتبرت أن الاستراتيجية الأمريكية الجديدة تتماشى إلى حد بعيد مع رؤيتها الخاصة للنظام الدولي، وهذا التقارب الأمريكي الروسي المبطن يزيد من عزلة الموقف الأوروبي ويضع بروكسل في موقف دفاعي صعب، خاصة مع تأكيد ترامب المستمر على أن الغرامة المفروضة على منصة “إكس” ليست سوى عرض لمرض أكبر تعاني منه المؤسسات الأوروبية، ويمكن تلخيص التباين الحاد في ردود الفعل الدولية تجاه هذه السياسات الأمريكية الجديدة عبر المقارنة التالية:

الطرف الدولي الموقف من استراتيجية ترامب وتصريحاته
روسيا رحبت بالاستراتيجية واعتبرتها متوافقة مع مصالحها ورؤيتها
الاتحاد الأوروبي اعتبر التصريحات والدعوات لحل التكتل “جنونية بالكامل” وخطيرة

تستمر حالة الترقب المشوب بالقلق في الأوساط الدبلوماسية لمعرفة المدى الذي ستصل إليه انتقادات ترامب للاتحاد الأوروبي وتأثيرها الفعلي على الأرض، خاصة أن الإدارة الأمريكية عازمة على دعم القوى التي ترفض التغييرات الديموغرافية في أوروبا؛ مما ينذر بمرحلة جديدة من التوتر قد تعيد تشكيل التحالفات التقليدية وتغير وجه العلاقات الدولية لسنوات قادمة.