ترامب يفنّد “مزاعم الـ20 مليار دولار” وينفي صحة رواية الزعيم الأوروبي

ترامب يفنّد “مزاعم الـ20 مليار دولار” وينفي صحة رواية الزعيم الأوروبي

طلب أوربان دعماً مالياً من ترامب بشكل صريح خلال التفاعلات الأخيرة بين الطرفين وهو الأمر الذي أثار اهتماماً واسعاً في الأوساط السياسية الدولية حيث أكد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في مقابلة حصرية مع موقع بوليتيكو الإخباري نُشرت يوم الثلاثاء أنه لم يقدم وعداً قاطعاً لرئيس الوزراء المجري بمنحه الأموال ومع ذلك فقد أقر بأن أوربان قد تقدم بهذا الطلب بالفعل وبشكل مؤكد وهو ما يسلط الضوء على طبيعة التحالفات والمصالح المشتركة التي تجمع بين الرجلين في ظل التوترات الأوروبية الراهنة.

خفايا طلب أوربان دعماً مالياً من ترامب ومفهوم الدرع المالي

كشفت التقارير الصحفية تفاصيل مثيرة حول ما دار خلف الكواليس السياسية إذ أخبر فيكتور أوربان أعضاء وفده المرافق في منتصف شهر نوفمبر الماضي عقب زيارته الهامة للبيت الأبيض بأن المجر باتت قادرة الآن على الاستناد إلى ما وصفه بالدرع المالي الأميركي القوي؛ وتأتي هذه الخطوة الاستراتيجية لتعزيز موقف بلاده الدفاعي والاقتصادي في مواجهة أي هجوم نظري أو سياسي محتمل قد يأتي من الخارج وفقاً لما تداولته وسائل الإعلام المجرية الموالية للحكومة التي رأت في تكرار طلب أوربان دعماً مالياً من ترامب وسيلة فعالة لتأمين استقرار البلاد وحمايتها من الضغوط الخارجية المتزايدة التي تحيط بها من كل جانب.

لم يتردد الزعيم المجري في التعبير عن ثقته الكبيرة بهذا المسار الجديد وتحديه للضغوط الأوروبية حيث عقب قائلاً بلهجة تحمل الكثير من الثقة هكذا أخطط للمستقبل وصباح الخير يا بروكسل في إشارة واضحة ومباشرة إلى الأموال الطائلة التي يحجبها الاتحاد الأوروبي عن بودابست؛ ويعود سبب هذا الحجب المستمر إلى مخاوف بروكسل العميقة والمتعلقة بملف سيادة القانون في المجر مما جعل فكرة طلب أوربان دعماً مالياً من ترامب بمثابة رسالة سياسية قوية موجهة إلى الشركاء الأوروبيين مفادها أن بودابست تمتلك بدائل وحلفاء أقوياء خارج القارة العجوز قادرين على تعويض النقص المالي المحتمل.

القيمة التقديرية في طلب أوربان دعماً مالياً من ترامب واستقرار الاقتصاد

تطورت الأحداث وتكشفت المزيد من الأرقام بعد بضعة أيام فقط من الزيارة حين حدد رئيس الوزراء المجري القيمة التقديرية للمبالغ التي يأمل في تأمينها لبلاده وذلك خلال مقابلة تلفزيونية أجراها مع قناة إيه تي في المحلية ورداً على استفسار دقيق حول ما إذا كان هناك سقف محدد لهذه المساعدات؛ نفى أوربان وجود حد أقصى للمطالب لكنه أشار بوضوح إلى أن الأمر لا يستدعي الكثير من الخيال للتوصل إلى الرقم المناسب حيث يتراوح المبلغ الذي تحتاجه البلاد لتحقيق الاستقرار الاقتصادي ما بين عشرة وعشرين مليار دولار أو يورو وهو رقم يعتبره بسيطاً ولا يمثل عبئاً كبيراً من وجهة النظر الأميركية في سياق حديثه عن طلب أوربان دعماً مالياً من ترامب لإنقاذ الموقف.

يوضح الجدول التالي أبرز البيانات المالية والسياسية التي تم تداولها بخصوص المبالغ المطلوبة والموقف الأميركي منها:

عنصر البيانات التفاصيل والمواصفات
المبلغ المطلوب للتمويل ما بين 10 إلى 20 مليار (دولار أو يورو)
الهدف من التمويل تحقيق الاستقرار الاقتصادي ومواجهة الضغوط
وجهة النظر الأميركية للمبلغ مبلغ ليس كبيراً ولا يشكل عائقاً
الوضع القانوني للطلب تم تقديمه شفهياً ولم يتم وعد رسمي به بعد

لا تقتصر العلاقات المتنامية بين الطرفين على الجوانب النقدية فحسب بل تمتد لتشمل قطاعات حيوية أخرى بالغة الأهمية إذ منح ترامب المجر العضو في الاتحاد الأوروبي خلال الشهر الماضي تمديداً استثنائياً لمدة عام واحد؛ ويسمح هذا القرار الحيوي لبودابست بمواصلة استيراد إمدادات الطاقة الروسية على الرغم من العقوبات الأميركية الصارمة المفروضة على موسكو بسبب الحرب الدائرة في أوكرانيا مما يعكس عمق التفاهمات السياسية التي تتجاوز مجرد طلب أوربان دعماً مالياً من ترامب لتصل إلى تأمين شريان الحياة للطاقة في البلاد وضمان عدم انقطاع الموارد الأساسية عن الشعب المجري.

أبعاد طلب أوربان دعماً مالياً من ترامب في ظل أزمة الطاقة الروسية

يجب النظر إلى هذه التطورات المتسارعة من زاوية جيوسياسية أوسع وأكثر شمولاً حيث يُعرف أوربان بأنه أقوى حليف للرئيس الروسي فلاديمير بوتين داخل كتلة الاتحاد الأوروبي المكونة من سبع وعشرين دولة وهو موقف يضعه دائماً في مواجهة مع بروكسل؛ وقد دعا ترامب في مقابلته مع بوليتيكو إلى ضرورة استيعاب وفهم الوضع الخاص للمجر مشيراً إلى جغرافيتها الصعبة حيث أنها دولة حبيسة وغير ساحلية وبالتالي فإنها تواجه استحالة لوجستية في الحصول على واردات الطاقة عبر السفن وهذا ما يبرر استثناءات الطاقة التي حصلت عليها بالتوازي مع إصرارها على طلب أوربان دعماً مالياً من ترامب لتعزيز موقفها.

تستند مبررات المجر في تعاملها مع ملف الطاقة والعلاقات مع واشنطن وموسكو إلى عدة عوامل رئيسية تفرضها الطبيعة الجغرافية والسياسية:

  • المجر دولة حبيسة لا تطل على أي سواحل بحرية مما يمنعها من استقبال ناقلات الغاز الطبيعي المسال.
  • الاعتماد التاريخي والبنيوي الكبير على البنية التحتية للطاقة القادمة من روسيا عبر الأنابيب البرية.
  • الحاجة الماسة إلى غطاء مالي وسياسي بديل في ظل تجميد الاتحاد الأوروبي للمخصصات المالية.

تُظهر هذه التحركات الدبلوماسية والاقتصادية المكثفة رغبة واضحة من الجانب المجري في تنويع خياراته الاستراتيجية والبحث عن مظلة حماية جديدة بعيداً عن ضغوط بروكسل المستمرة والتلويح بقطع التمويل؛ وتؤكد التصريحات المتبادلة والوقائع على الأرض أن مسألة طلب أوربان دعماً مالياً من ترامب ليست مجرد رغبة عابرة أو حديث عابر بل هي جزء من خطة شاملة تهدف إلى تعزيز استقلال المجر المالي وضمان أمنها الطاقي في ظل بيئة دولية شديدة التعقيد والتقلب تتطلب تحالفات مرنة وجريئة.