تيناسين سى.. البروتين المسؤول عن ترميم الأنسجة ووقف ضمور العضلات مع التقدم في العمر

تيناسين سى.. البروتين المسؤول عن ترميم الأنسجة ووقف ضمور العضلات مع التقدم في العمر

يعتبر ضمور العضلات المرتبط بالعمر مشكلة صحية جوهرية تؤرق الكثير من كبار السن حول العالم؛ إذ يتسبب هذا الانخفاض الملحوظ في الكتلة العضلية والمعروف علميًا باسم الساركوبينيا في تراجع جودة الحياة بشكل ملموس ويزيد من مخاطر التعرض للسقوط والكسور الخطيرة، وقد أشارت الدكتورة أليساندرا ساكو المتخصصة في العلوم الطبية الحيوية إلى أن فقدان وظيفة العضلات الهيكلية يعد مؤشرًا حيويًا يؤثر على فرص البقاء؛ مما يستدعي تطوير استراتيجيات علاجية مبتكرة لمواجهة هذا التحدي الصحي المتنامي.

دور بروتين تيناسين سي في علاج ضمور العضلات المرتبط بالعمر

نشرت مجلة “كوميونيكيشنز بيولوجي” نتائج دراسة حديثة قادتها ساكو وفريقها البحثي من مركز سانفورد بورنهام بريبيس؛ حيث سلطت الضوء على آلية بيولوجية قد تكون مفتاحًا لفهم وعلاج ضمور العضلات المرتبط بالعمر، وقد ركزت الدراسة على بروتين يسمى “تيناسين سي” (TnC) وهو مكون أساسي في المصفوفة خارج الخلية التي تعمل كسقالة هلامية بين الخلايا العضلية؛ إذ تبين أن هذا البروتين يلعب دورًا محوريًا في تعزيز نمو الخلايا الجذعية العضلية الوظيفية والضرورية لعملية التجديد والإصلاح الذاتي للأنسجة، وتوصل العلماء إلى أن مستويات هذا البروتين تكون مرتفعة للغاية خلال مرحلة التطور الجنيني لبناء العضلات؛ لكنها تنخفض بشكل طبيعي لدى البالغين ولا تعاود الارتفاع إلا في حالات الإصابة الحادة لتنشيط برامج الترميم؛ وهو ما يفتح آفاقًا جديدة لفهم كيفية تفاعل الجسم مع ضمور العضلات المرتبط بالعمر وتأثير الشيخوخة على هذه الآليات الدقيقة.

وفي سياق متصل أوضحت الأبحاث أن الكائنات الحية تعيد استخدام المسارات البيولوجية نفسها التي كانت نشطة في مرحلة الجنين عند الحاجة لإصلاح الأنسجة التالفة؛ إلا أن هذه القدرة تتراجع مع الزمن، وقد صرحت ساكو بأن الهدف الرئيسي كان فهم العلاقة بين بروتين TnC والخلايا الجذعية المسؤولة عن التجديد؛ وكيف تتأثر هذه الديناميكية بمرور الوقت مما يؤدي إلى تفاقم حالة ضمور العضلات المرتبط بالعمر، وتشير البيانات إلى أن ندرة هذا البروتين في العضلات السليمة للبالغين وارتفاعه السريع بعد الإصابة يؤكد وظيفته التنظيمية الحاسمة؛ التي يبدو أنها تتعطل أو تضعف مع دخول مرحلة الشيخوخة مما يعيق عملية الاستشفاء الطبيعي للعضلات.

نتائج الدراسة حول تأثير الشيخوخة على ضمور العضلات المرتبط بالعمر

اعتمد فريق البحث في تجربته الجديدة على استخدام فئران معدلة جينيًا تفتقر إلى بروتين تيناسين سي لمقارنتها بفئران طبيعية؛ وقد أظهرت النتائج وجود علاقة وطيدة بين غياب هذا البروتين وتسارع وتيرة ضمور العضلات المرتبط بالعمر، حيث لوحظ أن الفئران التي تفتقر للبروتين تعاني من نقص حاد في عدد الخلايا الجذعية العضلية؛ بالإضافة إلى عجز هذه الخلايا عن توليد خلايا جديدة أو الحفاظ على مخزون كافٍ منها لضمان استمرارية عمل العضلات، وقد كشفت التجارب المخبرية الدقيقة مجموعة من الملاحظات الهامة التي تلخص تأثير غياب هذا البروتين على الصحة العضلية:

  • انخفاض ملحوظ في قدرة العضلات على إصلاح نفسها بعد التعرض للإصابات أو الإجهاد البدني مقارنة بالفئران الطبيعية.
  • ظهور أعراض الشيخوخة المبكرة على الفئران التي تفتقر إلى بروتين TnC؛ مما يحاكي حالة ضمور العضلات المرتبط بالعمر لدى البشر.
  • تراجع كفاءة الخلايا الجذعية في الانتقال إلى مواقع الإصابة العضلية للمساهمة في عملية البناء والترميم.
  • إمكانية تصحيح الخلل الوظيفي في الخلايا الجذعية المسنة عند معالجتها وإمدادها ببروتين تيناسين سي خارجيًا.

واستكمالًا للبحث في أسباب ضمور العضلات المرتبط بالعمر؛ قام العلماء بدراسة مستويات البروتين في الأنسجة العضلية للفئران المسنة؛ وتبين أن التقدم في العمر يصاحبه انخفاض طبيعي في كمية TnC؛ وهو ما يفسر ضعف القدرة التجديدية للعضلات الهيكلية لدى كبار السن، وقد أثبتت التجارب أن إعادة تزويد الخلايا الجذعية العضلية الهرمة بهذا البروتين يمكن أن يعيد إليها حيويتها وقدرتها على العمل؛ مما يثبت أن البيئة المحيطة بالخلايا تلعب دورًا لا يقل أهمية عن الخلايا نفسها في الحفاظ على صحة النسيج العضلي ومقاومة التدهور الزمني.

آفاق وتحديات علاج ضمور العضلات المرتبط بالعمر

تفتح النتائج التي توصلت إليها الدكتورة ساكو وفريقها باب الأمل لتطوير علاجات ثورية تستهدف ضمور العضلات المرتبط بالعمر من خلال استعادة مستويات بروتين تيناسين سي؛ إذ يمكن اعتبار هذا النهج استراتيجية علاجية واعدة للحفاظ على الكتلة العضلية ومنع التدهور البدني لدى المسنين، ومع ذلك لا تزال هناك عقبات تقنية تواجه تطبيق هذا الاكتشاف سريريًا؛ فالبروتين يتميز بحجمه الكبير الذي يجعله غير مناسب للصيغ الدوائية التقليدية، ويوضح الجدول التالي المقارنة بين الحالة الطبيعية وحالة النقص لتوضيح أهمية إيجاد حلول لتوصيل البروتين:

الحالة البيولوجية التأثير على تجديد العضلات
وجود مستويات طبيعية من TnC (مرحلة الشباب/الإصابة) تجديد عضلي فعال، نشاط عالي للخلايا الجذعية، قدرة سريعة على الإصلاح.
نقص مستويات TnC (الشيخوخة/ضمور العضلات المرتبط بالعمر) تجديد بطيء أو معدوم، انخفاض عدد الخلايا الجذعية، ضعف البنية العضلية.

تؤكد الدراسة أن استعادة هذا البروتين قد تكون الحل الجذري لمشكلة ضمور العضلات المرتبط بالعمر؛ إلا أن التحدي الحالي يكمن في ابتكار طرق توصيل ذكية وفعالة، وبما أن الحقن المباشر أو الحبوب قد لا تكون مجدية بسبب خصائص البروتين الفيزيائية؛ فإن العلماء بحاجة إلى تكثيف الجهود لتطوير نواقل دقيقة أو تقنيات نانوية قادرة على إيصال TnC مباشرة إلى الأنسجة العضلية المتضررة؛ لضمان استعادة الوظائف الحيوية وتحسين جودة حياة المرضى الذين يعانون من ضعف العضلات والشيخوخة المبكرة.