رهان مايكروسوفت Copilot يصطدم بالواقع.. مؤشرات الأداء تكشف عمق الأزمة داخل قطاع الذكاء الاصطناعي

رهان مايكروسوفت Copilot يصطدم بالواقع.. مؤشرات الأداء تكشف عمق الأزمة داخل قطاع الذكاء الاصطناعي

تحديات مايكروسوفت في الذكاء الاصطناعي باتت الشغل الشاغل للمراقبين في قطاع التقنية العالمي حاليًا؛ إذ تظهر مؤشرات متزايدة وشبه يومية حول وجود حالة من التخبط الإستراتيجي الواضح داخل أروقة الشركة تحت قيادة الرئيس التنفيذي ساتيا ناديلا، وذلك بالتزامن مع رصد تراجع ملحوظ في معدلات تفاعل المستخدمين مع المنتجات الاستهلاكية للشركة، بالإضافة إلى تباطؤ الزخم الكبير الذي كانت تعول عليه المؤسسة بشدة في حلولها الذكية طوال العامين الماضيين لتعزيز مكانتها السوقية.

تفاقم تحديات مايكروسوفت في الذكاء الاصطناعي وتراجع المبيعات

كشف تقرير حديث نشره موقع “ذا إنفورميشن” عن اضطرار الشركة إلى تخفيض توقعاتها الطموحة وأهدافها المتعلقة بمبيعات خدمات Azure AI السحابية؛ حيث يواجه فريق المبيعات صعوبات حقيقية في تلبية الأهداف المرسومة مسبقًا بسبب ضعف الطلب العام من قبل الشركات، ورغم نفي الإدارة لهذه الأنباء جملة وتفصيلاً إلا أن بيانات اتجاهات السوق تؤكد تقدم منظومة Gemini الخاصة بجوجل على حساب منظومة Copilot التابعة لمايكروسوفت بشكل ربع سنوي مستمر، وهو ما يعمق من تحديات مايكروسوفت في الذكاء الاصطناعي خاصة مع بقاء ChatGPT في الصدارة رغم المشكلات التقنية والإدارية المحيطة به.

أعلن الشريك الإستراتيجي الأساسي OpenAI مؤخرًا ما يشبه “حالة الطوارئ” الداخلية بسبب تراجع قدرات نموذجه اللغوي مقارنة بالإصدارات الحديثة والمتطورة من المنافسين؛ إذ تفوق نموذج Nano Banana الجديد في مجال توليد الصور ومعالجتها على نموذج DALL-E بوضوح تام، وتتزايد الشكوك حول استدامة النموذج الربحي لشركة OpenAI في ظل الضغوط المالية الهائلة التي تواجهها وتكاليف التشغيل المرتفعة، وهذا الأمر يضع شركة البرمجيات العملاقة في مأزق حقيقي ومعقد نظرًا لاعتماد قطاع واسع من خدماتها الحيوية والتجارية على شريك واحد فقط، مما يجعلها عرضة لأي اهتزازات قد تصيب هذا الحليف التقني.

المنافسة التقنية وتأثيرها على تحديات مايكروسوفت في الذكاء الاصطناعي

تتجلى الفوارق الجوهرية في البنية التحتية الصلبة التي تستند إليها كل شركة؛ فبينما تعتمد مايكروسوفت بشكل شبه كلي وحصري على رقاقات إنفيديا لبناء مراكز بياناتها العملاقة، تستثمر جوجل بسخاء في تطوير خوادمها القائمة على رقاقات Tensor الخاصة بها مما يمنحها سيطرة أكبر وتحكمًا أفضل في منظومتها، وتشير التقارير البحثية المتخصصة إلى أن أدوات مايكروسوفت المتقدمة تتطلب تدخلاً بشريًا متكررًا لإصلاح الأخطاء وتوجيه النتائج مما يرفع التكلفة التشغيلية ويقلل الكفاءة الإنتاجية، وهذا يوضح حجم تحديات مايكروسوفت في الذكاء الاصطناعي من الناحية التقنية البحتة مقارنة بمرونة وسلاسة أنظمة منافسيها.

وجه المقارنة مايكروسوفت (Microsoft) جوجل (Google)
البنية التحتية للرقاقات اعتماد شبه كلي على Nvidia استثمار في رقاقات Tensor الخاصة
أداء المساعد الذكي Copilot يفتقد لبعض المزايا الطبيعية Gemini أدق وأكثر تكاملاً في التطبيقات
الاستقلالية التقنية منخفضة (اعتماد كبير على OpenAI) عالية (تحكم كامل في المنظومة)

تؤكد تجارب المستخدمين اليومية تفوق أدوات جوجل بوضوح في مهام إبداعية وعملية مثل تحرير الصور وتكامل التطبيقات المكتبية؛ إذ يقدم Gemini داخل بيئة عمل تطبيقات جوجل أداءً أكثر دقة وعملية مقارنة بمساعد Copilot المدمج في حزمة Microsoft 365، ويفتقد الأخير حتى الآن لمزايا أساسية وبسيطة يتوقعها المستخدمون مثل إمكانية جدولة الاجتماعات وتنظيم المواعيد باستخدام اللغة الطبيعية دون أوامر معقدة، وهو ما يعكس عدم اكتراث الشركة ببعض جوانب القصور في التصميم الحالي لمنتجاتها رغم المنافسة الشرسة التي تفرض ضرورة تقديم تجربة مستخدم مثالية.

محاولات التعافي ومستقبل تحديات مايكروسوفت في الذكاء الاصطناعي

تسعى الشركة جاهدة لتدارك الموقف عبر خطوات عملية تهدف لتقليل الاعتماد المفرط على الأطراف الخارجية واستعادة زمام المبادرة التقنية في المستقبل القريب؛ حيث تعمل بجدية على تطوير رقاقاتها الخاصة وتنمية بعض القطاعات الناجحة لديها لضمان عدم فقدان السيطرة، ويمكن تلخيص أبرز نقاط القوة الحالية والتحركات الإستراتيجية للشركة لاستعادة توازنها في النقاط التالية:

  • تسجيل نمو قوي ومستمر في منتج Github Copilot الموجه للمبرمجين والمطورين.
  • العمل المكثف على تطوير وتصنيع رقاقات Maia و Cobalt لتقليل الاعتماد على إنفيديا.
  • محاولات فك الارتباط التدريجي وتقليل الاعتماد الحصري على تقنيات شركة OpenAI.

يحذر المحللون الماليون والتقنيون من أن غياب التركيز على الجودة الابتكارية قد يحول الشركة تدريجيًا إلى مجرد “وسيط للخوادم” يقوم بإعادة بيع تقنيات الشركات الأخرى عبر سحابتها؛ وبينما يرحب المساهمون بنموذج الأعمال الحالي الذي يضمن أرباحًا مستقرة وتدفقات نقدية ثابتة، يرى الخبراء أن استمرار هذا النهج دون حل جذري لملف تحديات مايكروسوفت في الذكاء الاصطناعي قد يطمس إرث الابتكار العريق الذي ميز الشركة لعقود طويلة، ويحولها من قائد للسوق إلى مجرد مزود للبنية التحتية الخلفية التي تشغل ابتكارات الآخرين.

يبقى المشهد المستقبلي للشركة مرهونًا بقدرتها الحقيقية على الموازنة بين ضغوط السوق والحاجة الماسة للابتكار الأصيل بعيدًا عن الاستحواذات؛ إذ أن الاعتماد المستمر على تقنيات الشركاء قد يضعف موقفها التنافسي على المدى الطويل ويجعلها تابعة لتقلباتهم، ومع تسارع وتيرة التطور في نماذج الذكاء التوليدي لدى المنافسين، يتعين على الإدارة اتخاذ قرارات حاسمة وصعبة لاستعادة الثقة في منتجاتها وتجاوز مرحلة الارتباك الحالية قبل فوات الأوان.