روتين العناية بالبشرة وعلاقته باضطراب الهرمونات.. تحذير طبي من مكونات كيميائية شائعة

روتين العناية بالبشرة وعلاقته باضطراب الهرمونات.. تحذير طبي من مكونات كيميائية شائعة

تأثير عادات العناية بالبشرة على الهرمونات هو قضية صحية بالغة الأهمية قد تغيب عن أذهان الكثيرين أثناء سعيهم الحثيث للحصول على مظهر مثالي، فبينما ننشغل يوميًا بتطبيق روتين الجمال قد نقع دون قصد في فخ المبالغة واستخدام مستحضرات غير مدروسة تؤثر سلبًا على صحتنا الداخلية؛ حيث تشير التقارير الطبية الحديثة إلى أن الهوس بما يسمى “البشرة الزجاجية” قد يكون بوابة لمشاكل صحية غير متوقعة نتيجة التعرض لمواد كيميائية وسلوكيات خاطئة تتراكم آثارها بمرور الوقت لتعيث فسادًا في توازن الجسم الداخلي.

المواد الكيميائية وتأثير عادات العناية بالبشرة على الهرمونات

كشفت الدكتورة رينكي كابور، وهي خبيرة بارزة في الأمراض الجلدية، أن الروتين اليومي الذي نتبعه قد يحمل في طياته مخاطر جسيمة إذا لم يتم اختيار المنتجات بعناية فائقة، فالعديد من المستحضرات تعج بمكونات مثل الفثالات والعطور الاصطناعية التي تعرف بقدرتها على إحداث خلل في الغدد الصماء؛ حيث أظهرت أبحاث جمعية الغدد الصماء أن هذه المواد تتداخل بشكل مباشر مع إنتاج الهرمونات الحيوية وخاصة هرمون الإستروجين مما ينعكس سلبًا على نضارة الوجه ويجعله يبدو باهتًا، وقد أكدت دراسة في مجلة “آفاق الصحة البيئية” أن تأثير عادات العناية بالبشرة على الهرمونات يزداد خطورة مع التراكم الزمني لهذه المواد في الجسم، ولتوضيح العلاقة بين المكونات الشائعة وتأثيرها الداخلي يمكننا النظر إلى الجدول التالي الذي يبسط المخاطر المحتملة لبعض المواد:

المكون أو العادة التأثير الهرموني والصحي المحتمل
الفثالات والعطور الاصطناعية تداخل مع وظائف الغدد الصماء واضطراب الإستروجين
الرتينويدات الصناعية (دون استشارة) تأثير سلبي على العمليات الحساسة للهرمونات
إهمال واقي الشمس ارتفاع الكورتيزول وتأثر هرمونات الغدة الدرقية

تعد الرتينويدات سلاحًا ذو حدين في عالم التجميل، فعلى الرغم من شهرتها الواسعة في مكافحة الشيخوخة إلا أن استخدام الأنواع الصناعية منها سواء الموضعية أو الفموية دون إشراف طبي قد يؤدي إلى نتائج عكسية تمامًا؛ حيث تشير الخبيرة كابور إلى ضرورة وضع خطة علاجية محكمة بمساعدة طبيب مختص لتجنب أي تداخلات قد تضر بالعمليات الحيوية في الجسم، فالمسألة لا تتعلق فقط بالمظهر الخارجي بل تمتد لتشمل الحفاظ على التوازن الدقيق الذي يضمن صحة الجسم وسلامة وظائفه الحيوية على المدى الطويل.

مخاطر الزيوت والتقشير المفرط على التوازن الهرموني

إن الرغبة الملحة في رؤية نتائج فورية تدفع الكثيرين نحو الإفراط في تقشير البشرة، وهو ما حذرت منه التقارير الطبية بشدة نظرًا لأن هذه الممارسة العنيفة تدمر الحاجز الطبيعي للجلد وتسبب التهابات مزمنة ترفع مستويات الكورتيزول في الدم؛ ومن المعروف أن الكورتيزول هو هرمون التوتر الأساسي الذي لا يكتفي بجعل الوجه يبدو متعبًا وباهتًا بل يمتد تأثيره ليعبث بهرمونات أخرى مسؤولة عن تنظيم النوم والمزاج وحتى عمليات التمثيل الغذائي، وهنا يتضح جليًا تأثير عادات العناية بالبشرة على الهرمونات بشكل مباشر وملموس، ولتجنب هذه الدوامة من المشاكل الصحية ينصح الخبراء باتباع مجموعة من الإرشادات الوقائية الهامة التي تضمن سلامتك:

  • قصر عملية التقشير على مرتين إلى ثلاث مرات أسبوعيًا كحد أقصى للسماح للبشرة بتجديد نفسها.
  • الحرص على تخفيف الزيوت العطرية بشكل جيد قبل الاستخدام وعدم وضعها مباشرة بتركيزات عالية.
  • مراقبة ردود فعل الجسم عند استخدام زيت شجرة الشاي لتجنب تأثيراته المشابهة للإستروجين.
  • الحصول على قسط كافٍ من النوم لتعزيز تعافي الجلد والحفاظ على التوازن الهرموني.

على صعيد آخر اكتسبت الزيوت العطرية سمعة طيبة كبدائل طبيعية، ولكن ليست كل الزيوت آمنة تمامًا كما يعتقد البعض، فقد كشفت دراسة نشرت في مجلة “Frontiers in Environmental Science” أن بعض الزيوت مثل زيت شجرة الشاي قد تمتلك تأثيرات تحاكي هرمون الإستروجين وتعوق عمل الهرمونات الذكرية عند استخدامها بإفراط؛ بل وسُجلت حالات نادرة لنمو الثدي لدى الأولاد الصغار نتيجة الاستخدام المكثف لهذه الزيوت، مما يستدعي الحذر الشديد والوعي بأن كل قطرة توضع على الجلد لها مسار محتمل نحو مجرى الدم والتأثير على النظام الهرموني بأكمله.

إهمال الوقاية من الشمس وعلاقته بصحة الغدد الصماء

يغفل الكثيرون عن أن تأثير عادات العناية بالبشرة على الهرمونات لا يقتصر فقط على ما نضعه على وجوهنا بل يشمل أيضًا ما نغفل عن وضعه مثل واقي الشمس، فقضاء وقت طويل تحت أشعة الشمس دون حماية كافية يعرض الجلد للإجهاد التأكسدي الذي يعد محفزًا رئيسيًا للالتهابات في الجسم؛ وهذا النوع من الالتهاب يؤثر بشكل مباشر وسلبي على هرمونات حيوية مثل الكورتيزول وهرمونات الغدة الدرقية، مما يخل بتوازن الجسم العام وقدرته على أداء وظائفه الأساسية بكفاءة، فالأمر يتجاوز مجرد حروق شمسية سطحية ليصل إلى عمق الصحة الهرمونية.

علاوة على ذلك فإن الأشعة فوق البنفسجية الضارة قد تتداخل مع قدرة الجلد على إنتاج فيتامين د بالشكل الصحيح، وهو الفيتامين الذي يلعب دورًا محوريًا وجوهريًا في تكوين وتنظيم العديد من الهرمونات في الجسم؛ لذا فإن استخدام واقي شمس ذو معامل حماية عالٍ يوميًا ليس مجرد رفاهية تجميلية بل هو ضرورة طبية ملحة لدعم صحة الغدد الصماء وحماية الجسم من تقلبات هرمونية قد تكون لها عواقب وخيمة، فالعناية الحقيقية تبدأ من الفهم العميق لاحتياجات الجسم وتجنب كل ما قد يعكر صفو توازنه الداخلي لضمان صحة مستدامة وجمال طبيعي ينبع من الداخل.