تعد مشكلة زيادة الوزن في الشتاء من أكثر التحديات الصحية التي تواجه الكثيرين مع انخفاض درجات الحرارة والميل الطبيعي لتناول الأطعمة الدسمة والمشروبات الساخنة الغنية بالسعرات الحرارية طلبًا للدفء، وهو الأمر الذي يتفاقم بوضوح مع قلة الحركة وتراجع النشاط البدني مما يؤدي إلى اكتساب كيلوجرامات إضافية دون الانتباه لذلك، إلا أن الخبراء يؤكدون أن الحفاظ على الرشاقة والوزن المثالي لا يتطلب الحرمان القاسي بل يحتاج فقط إلى الموازنة الذكية بين التدفئة والتغذية السليمة واتباع منهج علمي مدروس.
حقيقة أسباب زيادة الوزن في الشتاء وتأثير الهرمونات
أوضحت الدكتورة مروة شعير في تحليلها لأسباب هذه الظاهرة أن العامل الرئيسي الذي يؤدي إلى زيادة الوزن في الشتاء يعود بشكل أساسي إلى تناول كميات من الطعام تحتوي على سعرات حرارية تفوق احتياجات الجسم اليومية الفعلية، ويقترن ذلك بقلة المجهود البدني المبطول؛ لكن الأمر لا يتوقف عند الطعام فقط، فهناك عوامل هرمونية مؤثرة قد تلعب دورًا محوريًا في بعض الحالات مثل وجود قصور أو ضعف في نشاط الغدة الدرقية مما يخفض معدلات الحرق الطبيعية للجسم، إضافة إلى عامل الضغط النفسي والتوتر الذي يدفع فئة كبيرة من الناس إلى “الأكل العاطفي” كوسيلة للتنفيس عن مشاعر القلق، مما ينعكس سلبًا ويتسبب في تراكم الدهون بشكل ملحوظ.
علاقة توقيت الطعام والأنظمة القاسية بمشكلة زيادة الوزن في الشتاء
يتساءل الكثيرون عن حقيقة منع الأكل ليلاً، حيث تشير التوصيات الغذائية إلى ضرورة التوقف عن تناول الطعام بعد الثامنة مساءً ليس لأن الأكل يتحول لدهون سحريًا، بل لإعطاء الجهاز الهضمي فرصة للراحة وإتمام عملية الهضم قبل النوم بوقت كافٍ لتجنب مشاكل القولون وارتجاع المريء وحرقان المعدة، ويفضل اعتماد مبدأ الصيام المتقطع المصغر بالتوقف عن الأكل من 8 مساءً حتى 8 صباحًا للسماح للجسم بحرق السكر الزائد والدهون المختزنة، ومن جهة أخرى يُحذر بشدة من اتباع “الدايت القاسي” لأنه يؤدي لنتائج عكسية تمامًا تتمثل في فقدان سريع للماء والكتلة العضلية وليس الدهون، مما يسبب استعادة الوزن المفقود وأكثر بمجرد التوقف، ليكون الحل الأمثل هو نظام حساب السعرات الحرارية المتوازن الذي يراعي الفروق الفردية لكل جسم حسب السن والحالة الصحية والنشاط البدني لتجنب زيادة الوزن في الشتاء بطريقة صحية.
استراتيجيات فعالة للسيطرة على الشهية والوزن
للتعامل مع الجوع المستمر وبرودة الطقس، يجب التفريق بين الجوع الحقيقي والجوع الوهمي المرتبط بالشتاء، وللحد من زيادة الوزن في الشتاء ينصح بتناول وجبات خفيفة (سناكس) في منتصف اليوم تكون غنية بالألياف وخالية من السكر والدهون والملح لتعزيز الشبع، مع ضرورة شرب الماء بكميات كافية يتم حسابها بقسمة وزن الجسم على رقم 8 ليعطيك عدد الأكواب المطلوبة يوميًا، ولتوضيح الفروقات بين أنواع الجوع التي تسبب السمنة في هذا الفصل يمكن النظر للجدول التالي الذي يوضح الفروق الجوهرية:
| نوع الجوع | السبب والخصائص |
|---|---|
| الجوع الحقيقي | يحدث نتيجة عدم تناول إحدى الوجبات الأساسية الثلاث، ويستدعي تزويد الجسم بالطاقة. |
| جوع الشتاء (العاطفي) | يظهر رغم تناول الوجبات الكاملة، ويكون دافعه البحث عن التسلية أو الدفء وتناول السكريات. |
ولمواجهة “نهم آخر الليل” الذي يعد المسبب الأول لظاهرة زيادة الوزن في الشتاء، يجب عدم إهمال وجبة الإفطار والحرص على تناول وجبة عشاء مشبعة ومفيدة تمنح الدفء دون سعرات عالية، حيث يمكن الاعتماد على خيارات غذائية ذكية تحتوي على البروتين النباتي والألياف المعقدة التي تستغرق وقتًا طويلاً في الهضم وتعطي شعورًا ممتدًا بالامتلاء، ومن أهم هذه الخيارات المقترحة لوجبة عشاء شتوية مثالية:
- طبق من شوربة العدس الدافئة الغنية بالبروتين.
- كوب من حمص الشام المتبل بالليمون والكمون.
- طبق من الفول المدمس بزيت خفيف وسلطة.
- وعاء كبير من شوربة الخضار المتنوعة.
تكمن خطورة بعض العادات اليومية في أنها تتسلل إلى نمط حياتنا دون أن ندرك أثرها المدمر على الصحة والرشاقة، ولعل أخطر هذه العادات التي حذرت منها خبيرة التغذية هي إهمال شرب الماء ظنًا بعدم الحاجة إليه في البرد، والبدء بتناول السكريات والمخبوزات في الصباح الباكر مما يرفع الأنسولين ويفتح الشهية طوال اليوم، بالإضافة إلى إهمال تناول الخضراوات الطازجة وعدم ممارسة أي نشاط رياضي، وهي العادات التي يجب تغييرها فورًا لضمان عدم زيادة الوزن في الشتاء والحفاظ على جسم سليم ومعافى.
