زيلينسكي يرهن إجراء الانتخابات خلال 90 يوماً بتحقق شروط وضمانات لازمة

زيلينسكي يرهن إجراء الانتخابات خلال 90 يوماً بتحقق شروط وضمانات لازمة

إجراء الانتخابات في أوكرانيا يمثل التحدي السياسي والأمني الأكثر تعقيدًا الذي يواجه كييف في الوقت الراهن؛ حيث أثارت تصريحات الرئيس فولوديمير زيلينسكي الأخيرة جدلًا واسعًا بعدما أكد للصحفيين امتلاكه الإرادة الكاملة والاستعداد الشخصي لخوض هذا الاستحقاق رغم دوي المدافع؛ إذ تتشابك الرغبة السياسية في تجديد الشرعية مع واقع قانوني ودستوري صارم يفرض قيودًا غير مسبوقة بسبب استمرار الحرب الروسية التي عطلت المسار الديمقراطي الطبيعي منذ بدايتها.

تحركات زيلينسكي التشريعية لضمان إجراء الانتخابات في أوكرانيا

أعرب الرئيس الأوكراني بصراحة تامة عن موقفه الداعم للعملية الديمقراطية حين صرح للصحفيين بعبارة “لدي الإرادة والاستعداد الشخصي لذلك”؛ لكنه يدرك تمامًا أن الرغبات الرئاسية وحدها لا تكفي لتمرير هذا القرار المصيري الذي يصطدم بعقبات تشريعية ضخمة؛ ولذلك فقد انتقل زيلينسكي من مرحلة التصريحات إلى مرحلة الفعل السياسي عبر توجيه طلب رسمي ومباشر إلى نواب كتلته البرلمانية؛ حيث كلفهم بمهمة شاقة تتمثل في إعداد وصياغة التعديلات اللازمة على قانون الانتخابات الأوكراني الحالي؛ وتأتي هذه الخطوة في سياق محاولة استباقية لإيجاد ثغرة أو مخرج قانوني يسمح بتنظيم الاقتراع دون الإخلال بالنظام العام للدولة التي تخوض حرب استنزاف طويلة؛ إذ يتطلب الأمر توافقًا واسعًا داخل أروقة البرلمان لتغيير النصوص التي صُممت لظروف السلم وليس لظروف الحرب؛ وهو ما يجعل النقاش حول إجراء الانتخابات في أوكرانيا يتجاوز البعد السياسي ليصبح معضلة قانونية تبحث عن حلول مبتكرة وسريعة لضمان استمرار عمل مؤسسات الدولة بفعالية وشرعية كاملة أمام المجتمع الدولي والشعب الأوكراني على حد سواء.

العوائق الدستورية وقانون الأحكام العسكرية أمام إجراء الانتخابات في أوكرانيا

يواجه المشرع الأوكراني طريقًا مسدودًا عند النظر في النصوص القانونية الحاكمة لحالة الحرب؛ حيث ينص قانون الأحكام العسكرية المطبق حاليًا في البلاد بشكل قاطع على حظر تنظيم أي نوع من الاستحقاقات الديمقراطية؛ ويشمل هذا الحظر الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وحتى المجالس المحلية؛ ورغم أن البرلمان يمتلك نظريًا صلاحية تعديل قانون الأحكام العسكرية نفسه لتجاوز هذا المنع فإن العقبة الأكبر تكمن في الدستور الأوكراني الذي يعتبر الوثيقة الأسمى في البلاد؛ إذ يسمح الدستور بـ إجراء الانتخابات في أوكرانيا الخاصة بالبرلمان فقط بعد رفع حالة الأحكام العسكرية وانتهاء الحرب؛ مما يضع القيادة السياسية في مأزق حقيقي بين الرغبة في التجديد الديمقراطي وبين الالتزام بالنص الدستوري؛ كما أن الدستور يتضمن مادة تحصينية تمنع إجراء أي تعديل على بنوده أثناء سريان الحرب؛ مما يغلق الباب أمام أي محاولة لتغيير قواعد اللعبة الدستورية في الوقت الراهن ويفرض الالتزام بالمحددات التالية:

  • استحالة تعديل الدستور الأوكراني طالما استمرت حالة الحرب والعمليات القتالية.
  • حظر قانون الأحكام العسكرية الحالي لإجراء أي انتخابات رئاسية أو تشريعية أو محلية.
  • اشتراط الدستور رفع الأحكام العسكرية كخطوة سابقة ولازمة قبل الدعوة للانتخابات البرلمانية.

هذه التشابكات القانونية تجعل من الصعب للغاية تحديد موعد واقعي لفتح صناديق الاقتراع؛ حيث يتطلب الأمر إما إنهاء الحرب أولًا أو البحث عن صيغة توافقية نادرة قد تبدو مستحيلة في ظل الظروف الميدانية المشتعلة؛ وهو ما يعزز حالة الجمود السياسي الحالية ويجعل الأنظار تتجه نحو المحكمة الدستورية والبرلمان لإيجاد تفسيرات قد تسمح بمرونة أكبر في المستقبل.

الجدول الزمني المنقضي ومستقبل إجراء الانتخابات في أوكرانيا

تعيش المؤسسات السياسية في كييف حالة من الفراغ الدستوري المؤقت نتيجة توقف الحياة الانتخابية منذ الغزو الروسي في فبراير 2022؛ حيث لم تشهد البلاد أي عملية اقتراع منذ ذلك التاريخ؛ وقد أدى هذا التجميد الإجباري للمسار الديمقراطي إلى انقضاء الفترات القانونية للرئاسة والبرلمان دون انتخاب بدلاء؛ فقد انتهت الولاية الدستورية للرئيس فولوديمير زيلينسكي رسميًا في شهر مايو من عام 2024؛ بينما لحقته الهيئة التشريعية بانتهاء ولاية البرلمان في شهر أغسطس من العام نفسه 2024؛ وهذه التواريخ المنقضية تضع شرعية السلطة القائمة في دائرة الضوء رغم استمرارها بحكم الأمر الواقع وضرورات الحرب؛ وفيما يلي جدول يوضح المحطات الزمنية الرئيسية التي تأثرت بالحرب وتواريخ الاستحقاقات التي تم تجاوزها أو تلك المجدولة في ملف إجراء الانتخابات في أوكرانيا:

الحدث السياسي/الانتخابي التاريخ المحدد أو الحالة
آخر انتخابات قبل الحرب توقفت منذ فبراير 2022
انتهاء ولاية الرئيس زيلينسكي مايو 2024 (منقضية)
انتهاء ولاية البرلمان الأوكراني أغسطس 2024 (منقضية)
موعد الانتخابات المحلية المفترض أواخر أكتوبر 2025

كان الجدول الزمني الطبيعي يفترض تنظيم انتخابات محلية في خريف عام 2025؛ إلا أن المؤشرات الحالية تستبعد حدوث ذلك ما لم يحدث تغيير جذري في المشهد العسكري؛ ومن المهم الإشارة إلى أن تعذر إقامة الانتخابات في ظل قوانين الطوارئ والأحكام العسكرية لا يعد بدعة أوكرانية؛ بل هو إجراء احترازي تعتمده العديد من الدول الديمقراطية حول العالم لحماية أمنها القومي وضمان سلامة مواطنيها؛ حيث تُعطى الأولوية القصوى لبقاء الدولة وتماسك جبهتها الداخلية على حساب المواعيد الدورية للاستحقاقات السياسية التي يمكن ترحيلها لفترات أكثر استقرارًا.

يظل ملف إجراء الانتخابات في أوكرانيا معلقًا بين مطرقة الحرب وسندان الدستور؛ حيث تتوقف أي خطوات عملية على قدرة كييف على الموازنة بين الحفاظ على صورتها الديمقراطية وبين حماية سيادتها الوطنية في ظل ظروف استثنائية قاهرة تفرض واقعًا جديدًا كل يوم.