سوريا في تقرير الإيكونوميست: الهشاشة الاقتصادية تهدد بإشعال “اللهب تحت الرماد” وعودة الاضطرابات

سوريا في تقرير الإيكونوميست: الهشاشة الاقتصادية تهدد بإشعال “اللهب تحت الرماد” وعودة الاضطرابات

خطر انتفاضة جديدة في سوريا بات يلوح في الأفق بشكل جدي وفقًا لأحدث التحليلات الصادرة عن مجلة الإيكونوميست التي سلطت الضوء على هشاشة الوضع الراهن؛ إذ تشير المعطيات الميدانية والسياسية إلى أن استمرار التهميش الاقتصادي وفشل مشاريع إعادة الإعمار يخلقان بيئة خصبة للاضطرابات، وهو ما يجعل المشهد السوري معقدًا ومفتوحًا على احتمالات التصعيد العنيف مرة أخرى في ظل غياب حلول جذرية للأزمات المتراكمة التي تعصف بالبلاد منذ سنوات.

تداعيات الركود الطائفي على “خطر انتفاضة جديدة في سوريا”

ينبه المراسل غاريث براون المتخصص في الشأنين السوري واللبناني إلى أن القضايا الطائفية والسياسية العميقة التي لم تُعالج بعد تشكل الوقود الأساسي الذي يغذي خطر انتفاضة جديدة في سوريا؛ حيث يصف التقرير الحالة الراهنة بما يسمى “الركود الطائفي” الذي بدأت فيه التوترات المكبوتة تطفو على السطح مجددًا، وهذه التوترات لا تقتصر على فئة واحدة بل تمتد لتشمل الأقليات التي كانت تُحسب سابقًا كقاعدة صلبة للنظام القديم، وعلى رأسها الطائفة العلوية التي باتت تشعر بعزلة متزايدة وإقصاء ممنهج من قبل الترتيبات السياسية الجديدة، مما يضعف الثقة المتبادلة ويهدد بنسف الاستقرار الهش الذي تحقق بشق الأنفس على الصعيد الدولي.

تتصاعد المؤشرات المقلقة التي تعزز خطر انتفاضة جديدة في سوريا من خلال رصد تحركات ميدانية غير مسبوقة داخل المناطق التي كانت تعتبر آمنة وموالية؛ فقد شهدت المناطق الساحلية مجازر مروعة ومحاولات تمرد قادها مسلحون علويون تعبيرًا عن رفضهم للواقع الجديد، وبالتوازي مع ذلك برزت جهود خارجية لتجنيد ضباط سابقين من النظام القديم لاستغلال حالة السخط العام، وهذا الشعور المتنامي بالظلم لدى فئات تمثل ثلث الشعب السوري يؤكد أن الهدوء الحالي قد يكون مجرد استكانة مؤقتة نابعة من فكرة أن أي وضع أفضل من العهد السابق، لكنها قناعة بدأت تتآكل بسرعة مع تكشف ملامح الإقصاء وغياب العدالة الاجتماعية والسياسية.

المركزية السياسية والأزمة المعيشية تفاقمان “خطر انتفاضة جديدة في سوريا”

على الرغم من وجود بعض المكاسب المحدودة التي تحققت بعد التغيير مثل هامش حرية التعبير وتفكيك جهاز الأمن الذي كان مهيمنًا، إلا أن الواقع الاقتصادي المتردي يرفع من منسوب خطر انتفاضة جديدة في سوريا بشكل كبير؛ إذ يعاني معظم السوريين من تدهور حاد في مستويات المعيشة نتيجة القرارات القاسية التي شملت تسريح أعداد ضخمة من موظفي الدولة وتقليص الدعم الحكومي للسلع الأساسية، وهذه السياسات التقشفية تزامنت مع هيكلية سياسية جديدة يرسخها الرئيس “شراع” الذي يعمد إلى بناء نظام شديد المركزية يتمحور حول شخصه، معتمدًا في ذلك على مؤسسات موازية بديلة تسحب البساط من تحت أقدام الوزارات الرسمية وتفرغها من صلاحياتها الفعلية.

يتجلى هذا النهج السلطوي في إنشاء هيئات مثل “مكتب الشؤون السياسية” الذي يعمل دون أي رقابة دستورية واضحة، مما يثير مخاوف حقيقية من استنساخ النظام القديم في قالب جديد، وهو ما يسرع من وتيرة خطر انتفاضة جديدة في سوريا؛ حيث يرى المراقبون أن استبدال الاستبداد الأمني باستبداد إداري وهيكلي لا يحل المشكلة بل يعيد إنتاجها، ولتوضيح التباين بين المكاسب الشكلية والمخاطر الجوهرية التي يواجهها النظام الجديد والشعب على حد سواء، يمكن النظر إلى الجدول التالي الذي يلخص المشهد المعقد:

المكاسب “المحدودة” الحالية المحفزات الرئيسية للاضطرابات
زيادة نسبية في حرية التعبير تسريح واسع لموظفي الدولة
إقصاء جهاز الأمن القديم المهيمن مركزية السلطة بيد الرئيس “شراع”
تراجع العمليات العسكرية الكبرى عمل مؤسسات موازية دون رقابة دستورية

غياب العدالة الانتقالية ومسار “خطر انتفاضة جديدة في سوريا”

يخلص التحليل الاقتصادي والسياسي إلى أن الفشل الذريع للحكومة في ملف العدالة الانتقالية يعد أحد أبرز العوامل التي تزيد من خطر انتفاضة جديدة في سوريا؛ فبدلاً من محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات السابقة، يتمتع مجرمو الحرب من العهد القديم بملاذات آمنة في المنفى بل إن بعضهم لا يزال يشغل مناصب مؤثرة، وهذا الوضع الشاذ يغذي مشاعر الإحباط والرغبة في الانتقام لدى الضحايا وذويهم، مما يخلق بيئة مشحونة بالكراهية والعنف الكامن الذي ينتظر شرارة الانطلاق، ويؤكد المراسل الذي غطى الأحداث ميدانيًا منذ سقوط نظام الأسد أن تجاهل هذه المظالم العميقة سيؤدي حتمًا إلى تفكك النظام الحالي وانهياره تحت وطأة الغضب الشعبي المتراكم.

لا يمكن تجاهل حقيقة أن خطر انتفاضة جديدة في سوريا لا يرتبط فقط بالجانب الاقتصادي، بل هو نتاج خليط معقد من المظالم التي لم يعالجها الرئيس “شراع”؛ وتتضافر عدة عوامل رئيسية لتجعل من سيناريو التمرد المتجدد الاحتمال الأقرب للواقع ما لم يتم تدارك الموقف بشكل عاجل، وتتمثل هذه العوامل الجوهرية التي تهدد بنسف الاستقرار في النقاط التالية:

  • استمرار تهميش الأقليات والشعور بالإقصاء السياسي والاجتماعي.
  • غياب التمثيل الحقيقي لمختلف فئات الشعب في مؤسسات صنع القرار.
  • تفاقم الفجوة الاقتصادية وغياب العدالة في توزيع الموارد والفرص.
  • هيمنة المؤسسات الموازية غير الدستورية على مفاصل الدولة.

يبقى الرهان على قدرة النظام الجديد في الصمود مرهونًا بمعالجة جذور الأزمة وليس أعراضها، فكلما استمر تجاهل مطالب الفئات المهمشة وتكريس السلطة الفردية، تضاعف خطر انتفاضة جديدة في سوريا قد تكون أكثر عنفًا وتنظيمًا من سابقاتها؛ حيث يرى المحللون أن الوقت ينفد أمام الرئيس “شراع” لإثبات جديته في الإصلاح قبل أن تخرج الأمور عن السيطرة تمامًا وتعود البلاد إلى المربع الأول من الصراع الدموي المفتوح.