شيب الشعر الناتج عن التوتر.. كيف تستنزف الضغوط النفسية الخلايا المسؤولة عن لون شعرك؟

شيب الشعر الناتج عن التوتر.. كيف تستنزف الضغوط النفسية الخلايا المسؤولة عن لون شعرك؟

شيب الشعر المبكر بسبب التوتر بات ظاهرة مقلقة تلاحق الكثيرين في ظل إيقاع الحياة المتسارع؛ إذ يتعرض الأفراد يوميًا لدوامة من مواعيد العمل غير المنتظمة والأزمات المالية الخانقة ناهيك عن التفكير المفرط الذي يسلبهم القدرة على النوم بانتظام، مما جعل التوتر رفيقًا دائمًا يؤثر سلباً على صحة الجسم بشكل عام وعلى حيوية الشعر بشكل خاص، ولم يعد الأمر مقتصرًا على ضعف البصيلات أو تساقطها فحسب؛ بل أثبتت المعطيات الطبية والواقعية أن الضغوط النفسية المستمرة تعمل كمحفز قوي يسرع من وتيرة تحول الشعر إلى اللون الأبيض في وقت سابق لأوانه بكثير.

كيفية حدوث شيب الشعر المبكر بسبب التوتر علميًا

تشرح الدكتورة بريا أخصائية الأمراض الجلدية في الهند الآلية الدقيقة التي تتحكم في لون شعرنا؛ حيث توضح أن اللون الأصلي سواء كان أسود أو بنيًا أو أشقر يعتمد كليًا على مادة الميلانين التي تنتجها خلايا صبغية متخصصة موجودة داخل كل بصيلة شعر، وفي الوضع الطبيعي ومع التقدم في السن ينخفض نشاط هذه الخلايا الصبغية بشكل تدريجي ويبطئ إنتاج الميلانين مما يؤدي إلى ظهور الشعر الرمادي أو الأبيض فيما يعرف بعملية الشيب المرتبط بالعمر، إلا أن ما يحدث في حالة شيب الشعر المبكر بسبب التوتر هو اختلال كامل لهذه الساعة البيولوجية؛ إذ يتدخل العامل النفسي ليعطل وظائف الخلايا قبل وقتها الافتراضي وفقًا لما ورد في تقرير نشره الموقع الطبي “أونلي ماي هيلث”.

تضيف خبيرة الأمراض الجلدية تفاصيل أعمق حول العلاقة بين الحالة النفسية وتلف الشعر؛ مؤكدة أن القلق المزمن يلعب دورًا محوريًا في الإسراع من فقدان الشعر لونه الطبيعي خاصة إذا كان الشخص يمتلك استعدادًا وراثيًا لذلك، وتكمن الخطورة في أن زيادة مستويات التوتر تؤدي إلى إفراز كميات كبيرة من الهرمونات والمواد الكيميائية التي تلحق ضررًا مباشرًا بالخلايا الجذعية الصبغية المسؤولة عن تجديد اللون، وبمجرد استنفاد مخزون هذه الخلايا أو تضررها يفقد الشعر قدرته على استعادة صبغته مما يمهد الطريق لظهور شيب الشعر المبكر بسبب التوتر بشكل لافت، وقد دعمت دراسات علمية نشرت في مجلة “نيتشر” المرموقة هذه الحقيقة؛ كاشفة أن التوتر ينشط الجهاز العصبي ويطلق مادة كيميائية تسمى “النورإبينفرين” تجبر الخلايا المنتجة للصبغة على مغادرة بصيلات الشعر والرحيل عنها، مما يترك الشعر بلا لون ويحوله للأبيض بسرعة أكبر من المعدلات الطبيعية.

مؤشرات تحذيرية وعوامل تفاقم شيب الشعر المبكر بسبب التوتر

رصدت الدكتورة بريا مجموعة من العلامات الجسدية التي تؤكد أن الضغط النفسي بدأ يؤثر فعليًا على صحة شعرك؛ ومن أبرز هذه الإشارات ملاحظة زيادة مفاجئة في معدل تساقط الشعر وترقق الخصلات بشكل ملحوظ، بالإضافة إلى بهتان الشعر وفقدان لمعانه وقلة كثافته الإجمالية، وتعتبر فروة الرأس وبصيلات الشعر من أكثر أجزاء الجسم حساسية للتغيرات في الهرمونات الداخلية وعوامل نمط الحياة الخارجية؛ فعندما يظل الجسم في حالة ترقب دائم واستنفار عصبي تتضرر صحة الشعر وتظهر مشكلة شيب الشعر المبكر بسبب التوتر كأحد الأعراض الجانبية المزعجة، ولا يقف الأمر عند التوتر فقط؛ بل تتضافر عوامل نقص التغذية والعادات السيئة لتسريع هذه العملية كما يوضح الجدول التالي:

عوامل نقص التغذية والفيتامينات عوامل نمط الحياة والأمراض
نقص فيتامين ب12 وفيتامين د التدخين المفرط والإجهاد التأكسدي
انخفاض مخزون الحديد والبروتين الإصابة بأمراض المناعة الذاتية

استراتيجيات فعالة لعلاج شيب الشعر المبكر بسبب التوتر

تقدم أخصائية الأمراض الجلدية خارطة طريق علاجية ووقائية تهدف إلى إبطاء عملية تحول الشعر للون الأبيض الناتجة عن الضغوط الحياتية؛ حيث يمكن من خلال تبني عادات صحية وسلوكيات يومية منضبطة التخفيف من حدة شيب الشعر المبكر بسبب التوتر والحفاظ على شباب الشعر لأطول فترة ممكنة، وتعتمد هذه النصائح بشكل أساسي على إعادة التوازن للجسم وتقليل المحفزات العصبية التي تضر بالخلايا الجذعية، وفيما يلي أهم الخطوات العملية التي يجب اتباعها بانتظام لضمان أفضل النتائج:

  • الحرص على أخذ قسط كافٍ من النوم العميق يوميًا لمدة لا تقل عن سبع إلى ثماني ساعات لمنح الجسم فرصة للتعافي وتجديد الخلايا.
  • الالتزام بنظام غذائي متكامل وغني بالعناصر الضرورية لصحة الشعر مثل الأطعمة المحتوية على فيتامين ب12 وأحماض أوميجا 3 والحديد والبروتين عالي الجودة.
  • ممارسة تقنيات الاسترخاء وتخفيف الضغط العصبي بشكل دوري مثل جلسات التأمل الواعي أو تمارين التنفس العميق لتقليل مستويات هرمونات التوتر.
  • الابتعاد تمامًا عن التدخين أو التقليل منه قدر الإمكان؛ لما له من دور سلبي في زيادة الإجهاد التأكسدي وتدمير بصيلات الشعر.

إن السعي لتحسين التوازن الهرموني في الجسم من خلال ممارسة التمارين الرياضية بانتظام يعد حجر الزاوية في محاربة الآثار السلبية للقلق؛ فالرياضة لا تحسن الحالة المزاجية فحسب بل تعزز الدورة الدموية وتضمن وصول المغذيات للبصيلات، مما يقلل فرص ظهور شيب الشعر المبكر بسبب التوتر ويحافظ على رونق الشعر وصحته.