ملايين الأجهزة عالقة مع ويندوز 10.. تقرير “ديل” يرصد صعوبة الترقية قبل وقف الدعم

ملايين الأجهزة عالقة مع ويندوز 10.. تقرير “ديل” يرصد صعوبة الترقية قبل وقف الدعم

أسباب تباطؤ الترقية إلى ويندوز 11 باتت واضحة للعيان من خلال المؤشرات الجديدة التي ترصد سلوك المستخدمين في التعامل مع أنظمة التشغيل؛ حيث يظهر قطاع عريض من الجمهور تفضيلًا صريحًا للبقاء ضمن بيئة ويندوز 10 المستقرة وتأجيل الانتقال إلى النسخة الأحدث على الرغم من اقتراب موعد انتهاء الدعم الرسمي للنظام القديم، ويعكس هذا التوجه المستمر منذ إطلاق النظام قبل عشر سنوات مدى الثقة التي اكتسبها ويندوز 10 لدى المستهلكين والشركات مقابل وتيرة انتشار أقل سرعة بكثير للنظام الجديد.

إحصائيات الأجهزة وتأثيرها على تباطؤ الترقية إلى ويندوز 11

كشفت البيانات المالية الأخيرة لشركات التقنية الكبرى عن أرقام صادمة تفسر بشكل دقيق واقع تباطؤ الترقية إلى ويندوز 11 في الأسواق العالمية؛ فقد أوضح جيفري كلارك مدير العمليات في شركة “ديل” تفاصيل دقيقة حول جاهزية الأجهزة الحاسوبية حول العالم للتعامل مع النظام الجديد، وتشير هذه البيانات إلى وجود فجوة هائلة بين الأجهزة الموجودة فعليًا في الخدمة وبين تلك المؤهلة تقنيًا لاستقبال التحديثات الحديثة من مايكروسوفت، وهذه الأرقام تعد المرة الأولى التي يتم فيها الإفصاح بشفافية عن حجم الأجهزة التي تعجز عن الترقية أو التي يرفض أصحابها القيام بها، مما يؤكد أن النظام القديم لا يزال اللاعب الأقوى والمسيطر على المشهد التقني سواء في المنازل أو داخل أروقة المؤسسات الكبرى التي تخشى المخاطرة بتغيير بيئة عملها المستقرة.

ويمكن تلخيص وضع الأجهزة الحالي وعلاقته بمسألة تباطؤ الترقية إلى ويندوز 11 من خلال البيانات التي استعرضها المسؤولون في قطاع الحاسوب، والتي تظهر انقسامًا كبيرًا في قاعدة المستخدمين العالمية كما هو موضح في الجدول التالي:

حالة الجهاز العدد المقدر (مليون جهاز) الوضع الحالي للنظام
أجهزة قادرة ومؤهلة 500 ما زالت تعمل بنظام ويندوز 10 رغم قدرتها على الترقية
أجهزة غير مؤهلة 500 غير قادرة على تشغيل ويندوز 11 بسبب متطلبات العتاد

تفتح هذه الأرقام الباب واسعًا أمام تساؤلات مشروعة حول المعايير التي تعتمدها مايكروسوفت في قياس نجاح نظامها الجديد؛ فبينما صرح بافان دافالوري رئيس ويندوز بأن هناك نحو مليار شخص يعتمدون على النظام الحديث، إلا أن عدم توضيح المقصود الدقيق بكلمة “الاعتماد” وترك المساحة ضبابية مقارنة بتقارير الأجهزة النشطة شهريًا التي اعتادت الشركة نشرها سابقًا يخلق حالة من الغموض، وهذا التضارب يعزز من فرضية أن تباطؤ الترقية إلى ويندوز 11 ليس مجرد تكهنات بل هو واقع رقمي ملموس تدعمه بيانات الأجهزة غير المتوافقة أو تلك التي يختار أصحابها عدم التحديث طواعية.

دور متطلبات العتاد الصارمة في تباطؤ الترقية إلى ويندوز 11

يرى المحللون والخبراء التقنيون أن السبب الجوهري الكامن خلف تباطؤ الترقية إلى ويندوز 11 يعود في المقام الأول إلى الشروط القاسية التي وضعتها مايكروسوفت فيما يخص العتاد الداخلي للحواسيب؛ حيث وضعت الشركة حاجزًا تقنيًا جعل ملايين الأجهزة خارج دائرة التحديثات الممكنة، ورغم أن الشركة تبرر هذه الخطوات برغبتها في تعزيز مستويات الأمان ورفع كفاءة الأداء العام للنظام، إلا أن النتيجة المباشرة كانت عزل شريحة واسعة جدًا من المستخدمين الذين يملكون أجهزة تعمل بكفاءة لكنها لا تستوفي المعايير الجديدة، مما خلق فجوة واضحة بين ما هو متاح في سوق الأجهزة الحالي وبين ما يتطلبه النظام الجديد للعمل، وتتجلى هذه العقبات التقنية في عدة نقاط جوهرية تمنع المستخدمين من الانتقال السلس للنظام الحديث:

  • اشتراط وجود معالجات حديثة من أجيال محددة لا تتوفر في الحواسيب التي تم شراؤها قبل بضع سنوات فقط
  • إلزامية دعم اللوحة الأم وشريحة الأمان لوحدات TPM 2.0 وهو ما تفتقده ملايين الأجهزة العاملة حاليًا
  • متطلبات الذاكرة العشوائية ومساحة التخزين التي قد لا تتناسب مع الأجهزة الاقتصادية القديمة
  • صرامة معايير الأمان التي تمنع التثبيت اليدوي للنظام على الأجهزة غير المدعومة دون حلول التفافية معقدة

هذه المتطلبات لم تترك للمستخدمين خيارًا سوى البقاء على النظام القديم مما ساهم بشكل مباشر في تباطؤ الترقية إلى ويندوز 11 وزيادة التمسك بويندوز 10؛ حيث يرى جيفري كلارك من “ديل” أن هذا الوضع، رغم كونه عقبة حالية، قد يشكل فرصة مستقبلية لدفع عجلة شراء أجهزة جديدة كليًا، إلا أنه عاد وحذر من أن سوق الحواسيب لن يشهد قفزات نوعية سريعة بل سيظل شبه ثابت خلال الفترة القادمة، مما يعني أن عملية استبدال الأجهزة القديمة بأخرى حديثة تدعم النظام الجديد ستستغرق وقتًا طويلًا ولن تكون الحل السحري السريع لزيادة معدلات انتشار النظام.

العامل النفسي والاستقرار التقني رغم تباطؤ الترقية إلى ويندوز 11

لا يمكن إغفال الجانب النفسي والعملي عند الحديث عن ظاهرة تباطؤ الترقية إلى ويندوز 11 المستمرة؛ إذ يلعب الاعتياد دورًا محوريًا في قرارات المستخدمين الأفراد والمؤسسات على حد سواء، فالكثيرون يفضلون البقاء في “منطقة الراحة” التي يوفرها ويندوز 10 بفضل واجهته المألوفة واستقراره المثبت عبر سنوات من الاستخدام والتحديثات، وتظهر هذه الحالة بوضوح أكبر في القطاعات التجارية والشركات التي تعتمد بنيتها التحتية على برمجيات مصممة خصيصًا للعمل في بيئة ويندوز 10، وتخشى هذه المؤسسات من أن تؤدي الترقية إلى النظام الجديد إلى مشاكل في التوافق أو توقف مفاجئ للعمليات الحيوية، وهو ما يجعل قرار الترقية مؤجلًا لأطول فترة ممكنة حتى مع توفر الإمكانيات المادية والتقنية للقيام بذلك.

تحاول مايكروسوفت وشركاؤها في تصنيع العتاد كسر حاجز الجمود هذا ومعالجة أزمة تباطؤ الترقية إلى ويندوز 11 من خلال استراتيجيات تسويقية جديدة؛ حيث يتم التركيز حاليًا على الترويج لمفهوم “حواسيب الذكاء الاصطناعي” كحافز رئيسي للانتقال، وتعد الشركة المستخدمين بتحسينات جوهرية في الأداء وتوافق أفضل مع التطبيقات الحديثة عند الانتقال إلى الأجهزة الجديدة المصممة خصيصًا للنظام، وتسعى من خلال هذه الحملات إلى إقناع المستخدمين بأن الترقية ليست مجرد تغيير في شكل النظام بل هي قفزة ضرورية للاستفادة من قدرات الحوسبة المتقدمة والذكاء الاصطناعي التي باتت جزءًا لا يتجزأ من رؤية الشركة لمستقبل أنظمة التشغيل.