تفاصيل مفاوضات زيلينسكي في برلين تتصدر المشهد السياسي العالمي حاليًا بعد أن أمضى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يوم الإثنين ما يقرب من ثلاث ساعات في نقاشات مغلقة ومكثفة مع مسؤولين أمريكيين رفيعي المستوى؛ ورغم التعتيم الإعلامي وعدم صدور بيانات رسمية فورية فإن الأجواء العامة تشير إلى أن هذه المباحثات قد دخلت منعطفًا جديدًا وحاسمًا قد يغير مسار الحرب الدائرة بشكل جذري وسط ترقب دولي لنتائج هذا الحراك الدبلوماسي.
الضغوط الأمريكية ومستجدات تفاصيل مفاوضات زيلينسكي في برلين حول الأراضي
تشير التسريبات الصحفية التي نقلها مسؤولون لوكالة فرانس برس إلى أن الإدارة الأمريكية لا تزال متمسكة بموقفها الضاغط على القيادة الأوكرانية لتقديم تنازلات مؤلمة تتعلق بالأراضي؛ ويركز الجانب الأمريكي في طرحه على ضرورة أن تضحي كييف بالمناطق التي تسيطر عليها حاليًا في مقاطعتي لوغانسك ودونيتسك المعروفتين بإقليم دونباس كجزء من صفقة التسوية المحتملة وهو ما يمثل استجابة لأحد المطالب الروسية الجوهرية التي طالما تمسكت بها موسكو منذ بداية النزاع؛ ويعد هذا الشرط عقبة كأداء أمام المفاوض الأوكراني نظرًا للصعوبة البالغة في تسويقه داخليًا حيث تظهر استطلاعات الرأي العام أن الغالبية الساحقة من الشعب الأوكراني والتي تقدر بنحو ثلاثة أرباع السكان ترفض هذه الفكرة رفضًا قاطعًا وتعتبرها مساسًا بالسيادة الوطنية مما يضع زيلينسكي في موقف لا يحسد عليه.
وفي خضم هذه التجاذبات برز صوت أوروبي محذر من خطورة هذه التنازلات حيث نبهت كايا كالاس رئيسة الدبلوماسية الأوروبية من أن الرضوخ للمطالب الروسية ومنح موسكو أجزاء من دونباس التي فشلت في السيطرة عليها عسكريًا لن يؤدي إلى السلام بل سيشجع الكرملين على شن هجمات جديدة في المستقبل؛ وأوضحت كالاس في تصريحات نقلتها صحيفة تايمز البريطانية رؤيتها الاستراتيجية للموقف مؤكدة أن السيطرة على دونباس ليست نهاية المطاف بالنسبة للرئيس بوتين بل هي مجرد خطوة تكتيكية؛ وأضافت أنه في حال سقوط هذا الحصن الدفاعي فإن القوات الروسية ستتحرك بلا شك للسيطرة على كامل الأراضي الأوكرانية وهو ما يجعل تفاصيل مفاوضات زيلينسكي في برلين محفوفة بالمخاطر الوجودية بالنسبة لكييف وأوروبا على حد سواء.
ملف الناتو والضمانات الأمنية ضمن تفاصيل مفاوضات زيلينسكي في برلين
شهدت الجولة التفاوضية التي عقدت يوم الأحد واستمرت لنحو خمس ساعات ونصف تطورًا لافتًا في الموقف الأوكراني حيث أبدى الرئيس زيلينسكي مرونة غير مسبوقة تجاه مسألة الانضمام لحلف شمال الأطلسي؛ وأعلن زيلينسكي استعداد بلاده للتخلي عن حقها الدستوري في الانضمام للناتو وهو تحول استراتيجي كبير يخالف العقيدة السياسية التي تبنتها كييف في السنوات الأخيرة؛ ولكنه ربط هذا التنازل بضرورة حصول أوكرانيا على ضمانات أمنية صلبة وفعالة تماثل في قوتها الحماية التي توفرها المادة الخامسة من ميثاق الناتو لردع أي عدوان روسي مستقبلي؛ ولتوضيح أبرز النقاط التي يتم تداولها حاليًا على طاولة البحث يمكن تلخيص المحاور الأساسية للتسوية المقترحة في النقاط التالية:
- استعداد كييف لتعديل الدستور والتخلي عن طموح الانضمام لعضوية حلف الناتو بشكل دائم.
- مطالبة واشنطن بتقديم ضمانات أمنية مكتوبة وملزمة تحاكي مبدأ الدفاع المشترك.
- مناقشة مصير الأراضي في إقليم دونباس كجزء من ثمن الصفقة الأمنية الشاملة.
وتعزيزًا لمسار التسوية صرح ستيف ويتكوف المبعوث الخاص للرئيس ترامب بأن الأطراف المعنية حققت تقدمًا ملموسًا وكبيرًا خلال اليوم الأول من المحادثات مما يعكس رغبة أمريكية قوية في إحداث خرق دبلوماسي؛ وفي سياق متصل نقل موقع أكسيوس الإخباري عن مسؤول أمريكي كبير تأكيده أن واشنطن تدرس بجدية عرض ضمانات أمنية على أوكرانيا شبيهة بتلك المنصوص عليها في المادة الخامسة؛ واستدرك المسؤول موضحًا أن الإدارة الأمريكية تريد صياغة ضمان قوي بما يكفي لطمأنة كييف دون أن يكون شيكًا على بياض يورط واشنطن تلقائيًا؛ كما أشار إلى استعدادهم الكامل لإحالة هذه الضمانات إلى الكونغرس للتصويت عليها وإكسابها الشرعية القانونية اللازمة لتكون جزءًا فاعلًا في تفاصيل مفاوضات زيلينسكي في برلين والترتيبات المستقبلية.
ويمكن تلخيص المواقف المتباينة للأطراف الرئيسية الفاعلة في هذه المفاوضات المعقدة من خلال الجدول التالي الذي يوضح الأولويات الاستراتيجية لكل طرف:
| الطرف | الموقف التفاوضي والأولويات |
|---|---|
| الولايات المتحدة الأمريكية | تضغط لتقديم تنازلات جغرافية مقابل ضمانات أمنية قوية تمر عبر الكونغرس. |
| أوكرانيا | مستعدة للتخلي عن الناتو بشرط الحصول على حماية تماثل المادة الخامسة. |
| روسيا | تنتظر النتائج النهائية وتتمسك بالسيطرة على إقليم دونباس كمطلب أساسي. |
ردود الفعل الروسية والغموض حول تفاصيل مفاوضات زيلينسكي في برلين
على الجانب الآخر من المعادلة السياسية يسود نوع من الترقب الحذر في موسكو حيث صرح ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين يوم الإثنين بأن الإدارة الأمريكية لا تطلع القيادة الروسية بشكل مباشر على مجريات ما يدور خلف الأبواب المغلقة في العاصمة الألمانية؛ وأكد بيسكوف في تصريحاته الصحفية أن موسكو تعيش حالة من الانتظار لتلقي المعلومات الرسمية والدقيقة من الجانب الأمريكي فور انتهاء الجولة الحالية من المحادثات؛ وهذا التصريح يعكس حالة من الغموض الاستراتيجي ويشير إلى أن الكرملين يراقب عن كثب تفاصيل مفاوضات زيلينسكي في برلين ليبني على الشيء مقتضاه ويحدد خطواته التالية بناءً على حجم التنازلات والضمانات التي سيتم التوافق عليها بين واشنطن وكييف.
تتجه الأنظار الآن نحو النتائج النهائية لهذه المباحثات الماراثونية التي قد ترسم ملامح خريطة أمنية جديدة لأوروبا الشرقية وتنهي فصلًا داميًا من الصراع؛ ومع استمرار تدفق التسريبات تظل الأسئلة مفتوحة حول مدى قدرة زيلينسكي على إقناع شعبه بهذه التنازلات المؤلمة ومدى جدية الضمانات الأمريكية في لجم الأطماع الروسية المستقبلية.
