إعصار ديتواه يضرب سريلانكا: مئات القتلى ونزوح مئات الآلاف في كارثة إنسانية متفاقمة

إعصار ديتواه يضرب سريلانكا: مئات القتلى ونزوح مئات الآلاف في كارثة إنسانية متفاقمة

إعصار ديتواه في سريلانكا يضرب بقوة ليعصف بكل آمال التعافي التي كانت تلوح في الأفق؛ حيث تواجه البلاد حالياً ما يصنفه المراقبون بأنه الكارثة الأكثر تدميراً وإيلاماً في تاريخها المعاصر بعد أن خلف وراءه دماراً واسعاً وأرقاماً مفزعة من الضحايا والمفقودين وسط مخاوف حقيقية من انزلاق الاقتصاد نحو هاوية جديدة يصعب الخروج منها قريباً.

حجم الكارثة الإنسانية جراء إعصار ديتواه في سريلانكا

كشفت التقارير الميدانية عن مشهد مروع تعيشه الجزيرة الآسيوية؛ إذ لم يكتفِ هذا الإعصار العاتي بتدمير البنية التحتية بل حصد أرواح ما لا يقل عن 355 شخصاً بينما لا يزال مصير 366 آخرين مجهولاً وسط عمليات بحث مضنية ومعقدة؛ وتشير الإحصاءات الأولية إلى أن التأثيرات المباشرة طالت أكثر من مليون مواطن وجدوا أنفسهم محاصرين بمياه الفيضانات والانهيارات الأرضية التي غيّرت معالم العديد من المناطق السكنية والقرى النائية في أكثر من نصف مقاطعات البلاد المنكوبة.

تسببت الرياح العاتية والأمطار الطوفانية المصاحبة للكارثة في شلل تام لمرافق الحياة اليومية؛ حيث تعرض أكثر من 15,000 منزل لأضرار جسيمة تنوعت بين الهدم الكلي والجزئي مما اضطر السلطات إلى تنفيذ عمليات إجلاء واسعة النطاق لإنقاذ ما يمكن إنقاذه؛ وقد أدى هذا الوضع إلى انقطاع حاد في شبكات الاتصالات وتوقف شبه كامل لوسائل النقل الحيوية مما وضع أجهزة الطوارئ والإغاثة تحت ضغط هائل يفوق قدراتها المتاحة خاصة أن الدولة لا تزال تلملم جراحها من أزمة الديون السيادية التي عصفت بها عام 2022.

تأثير إعصار ديتواه في سريلانكا على القطاعات الاقتصادية

تمثل هذه الكارثة الطبيعية ضربة قاصمة لجهود الإصلاح الاقتصادي؛ فقد تلقى قطاع السياحة الذي يُعد شريان الحياة الرئيسي للعملة الصعبة والركيزة الأساسية للناتج المحلي صدمة موجعة ستستمر تداعياتها لفترات طويلة؛ فالدمار لم يقتصر على المنازل بل امتد ليشمل الفنادق والمنشآت السياحية وشبكات الطرق المؤدية إليها بالإضافة إلى إلغاء آلاف الرحلات الجوية مما يعمق حالة عدم الاستقرار المالي ويفاقم من العجز الذي كانت الحكومة تحاول جاهدة تقليصه عبر برامج الإصلاح المالي الصارمة.

لم يسلم قطاع الزراعة الحيوي من بطش إعصار ديتواه في سريلانكا حيث تعرضت مزارع الشاي التي تشتهر بها البلاد لدمار واسع النطاق؛ وتعد هذه الصناعة العمود الفقري للصادرات الوطنية ومصدراً لا غنى عنه للدخل القومي؛ وتشير التقديرات الأولية إلى خسائر مليارية ستؤثر بشكل مباشر على الميزانية العامة وتستنزف الموارد المخصصة للتنمية؛ وفيما يلي جدول يوضح التقديرات الأولية للخسائر المالية المتوقعة في القطاعات المتضررة وفقاً للبيانات المتاحة:

القطاع المتضرر قيمة الخسائر المقدرة (دولار أمريكي)
قطاع الزراعة (شامل محاصيل الشاي) أكثر من 1.3 مليار دولار
تكاليف إعادة الإعمار والتعويضات تتجاوز 500 مليون دولار

مستقبل التعافي الاقتصادي بعد إعصار ديتواه في سريلانكا

يحذر المحللون الماليون من أن المسار نحو الاستقرار بات أكثر وعورة بعد هذه الأحداث؛ فالأضرار التي لحقت بالبنية التحتية الزراعية ستؤدي حتماً إلى اضطرابات في سلاسل التوريد العالمية خاصة تلك التي تعتمد على الشاي السيلاني ومنتجات المنطقة الأخرى؛ ورغم أن التأثير المباشر على الاقتصاد العالمي ودول الخليج قد يبدو محدوداً وقصير الأجل إلا أن استمرار تعطل الصادرات قد يخلق فجوة في الأسواق تتطلب وقتاً لترميمها؛ وتتمثل أبرز التحديات والاحتياجات العاجلة للمرحلة المقبلة في النقاط التالية:

  • ضرورة وضع خطة استثمار دولية مستدامة لدعم البنية التحتية المتهالكة.
  • تأمين تمويلات عاجلة لتغطية تكاليف إعادة الإعمار التي تفوق قدرة الميزانية المحلية.
  • إعادة هيكلة قطاع الزراعة لضمان استمرار تدفق الصادرات وتوفير العملة الصعبة.

يواجه الاقتصاد السريلانكي اختباراً هو الأصعب منذ سنوات؛ فبينما كانت المؤشرات توحي ببدء مرحلة التعافي جاء إعصار ديتواه في سريلانكا ليعيد ترتيب الأولويات ويفرض واقعاً جديداً يتطلب تكاتفاً دولياً ودعماً مالياً ضخماً لتجاوز الخسائر الهيكلية العميقة؛ إن التباطؤ المتوقع في النمو الاقتصادي والضغط المتزايد على الموارد المحدودة يجعل من العودة إلى مسار الاستقرار مهمة شاقة محفوفة بالمخاطر والتحديات الجسيمة.

Exit mobile version