تطوير محيط القلعة ومنطقة الزبالين: مقترحات حكومية تعيد رسم الخريطة العمرانية للمنطقة التاريخية

تطوير محيط القلعة ومنطقة الزبالين: مقترحات حكومية تعيد رسم الخريطة العمرانية للمنطقة التاريخية

تطوير المنطقة المحيطة بالقلعة ومنطقة الزبالين يمثل حجر الزاوية في خطة الحكومة المصرية الحالية لإعادة صياغة الوجه الحضاري للقاهرة التاريخية؛ حيث عقد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء اجتماعاً موسعاً اليوم لمناقشة آليات تنفيذ هذا المشروع الضخم في حي منشأة ناصر، وذلك بحضور الدكتورة منال عوض وزيرة التنمية المحلية والدكتور إبراهيم صابر محافظ القاهرة، ويأتي هذا التحرك الجاد ضمن سلسلة من الإجراءات الحكومية الهادفة إلى معالجة ملف المناطق غير المخططة جذرياً.

أبعاد استراتيجية تطوير المنطقة المحيطة بالقلعة ومنطقة الزبالين

أكد رئيس مجلس الوزراء خلال الاجتماع على أن الدولة تواصل جهودها الحثيثة والمستمرة للعمل على ملف تطوير المنطقة المحيطة بالقلعة ومنطقة الزبالين كجزء لا يتجزأ من خطة تطوير المناطق غير المخططة في مختلف أنحاء الجمهورية، ويأتي هذا الاهتمام المكثف بمحافظة القاهرة استكمالاً للنهج الذي تبنته القيادة السياسية والذي أثمر عن النجاح في القضاء على المناطق غير الآمنة التي كانت تشكل خطورة على حياة السكان؛ إذ تهدف هذه التحركات المتسارعة إلى الارتقاء بالأحوال المعيشية اليومية للمواطنين وتوفير سبل الحياة الكريمة للأسر القاطنة في تلك المناطق، وضمان حصولهم على خدمات تليق بهم في بيئة عمرانية صحية وآمنة تخلو من العشوائية.

أشارت وزيرة التنمية المحلية من جانبها إلى الحرص الشديد الذي توليه الوزارة لمتابعة أدق تفاصيل الإجراءات التنفيذية التي تتخذها المحافظات المختلفة لتطوير المناطق غير الحضرية، مع التركيز بشكل خاص على ملف تطوير المنطقة المحيطة بالقلعة ومنطقة الزبالين بمحافظة القاهرة؛ حيث تهدف هذه المتابعة الدورية إلى إعادة الشكل الحضاري والجمالي لعدد كبير من المناطق والشوارع الحيوية والخدمية بالعاصمة، والعمل بجدية على القضاء على أية ظواهر سلبية أو عشوائية قد تشوه المظهر العام أو تعيق حركة التنمية، وهو ما يستدعي تضافر كافة الجهود بين الجهات المعنية لضمان تنفيذ المخططات الموضوعة وفقاً للجداول الزمنية المحددة وبأعلى معايير الجودة الممكنة.

الوضع الراهن وموقع تطوير المنطقة المحيطة بالقلعة ومنطقة الزبالين

استعرض محافظ القاهرة خلال الاجتماع تفاصيل جغرافية وسكانية دقيقة حول المنطقة المستهدفة، موضحاً أن مشروع تطوير المنطقة المحيطة بالقلعة ومنطقة الزبالين يغطي مساحة استراتيجية في حي منشأة ناصر؛ حيث يحد المنطقة من الشمال طريق الأوتوستراد الحيوي ومن الجنوب منطقة المقطم السكنية، بينما تطل المنطقة من الناحية الشرقية على الطريق الدائري ومحور المقطم، وتحدها من الغرب الكتل السكنية الداخلية لحي منشأة ناصر، وهو ما يجعلها نقطة وصل محورية تتطلب تخطيطاً عمرانياً دقيقاً يراعي الطبيعة الخاصة للمكان والكثافة السكانية العالية والأنشطة الاقتصادية القائمة بالفعل والتي يعتمد عليها آلاف السكان في معيشتهم اليومية.

كشف الدكتور إبراهيم صابر عن بيانات رقمية هامة تتعلق بحجم السكان والنشاط الاقتصادي القائم على إعادة التدوير في المنطقة، لافتاً إلى أن عدد السكان العاملين في مهنة فرز وجمع القمامة في حي منشأة ناصر يصل إلى ما يقرب من 100 ألف نسمة، يضاف إليهم نحو 15 ألف عامل آخرين، وهو ما يوضح حجم الكتلة البشرية التي ستستفيد بشكل مباشر من مشروع تطوير المنطقة المحيطة بالقلعة ومنطقة الزبالين، كما تطرق المحافظ إلى حجم المخلفات التي يتم التعامل معها يومياً في العاصمة ودور هذه المنطقة الحيوي في منظومة النظافة وإعادة التدوير، وهو ما نوضحه في الجدول التالي للبيانات الإحصائية الدقيقة:

البيان الإحصائي التفاصيل والأرقام
إجمالي إنتاج محافظة القاهرة من المخلفات 24,000 طن يومياً
الكمية التي يتم جمعها وإعادة تدويرها بمنطقة الزبالين 8,000 طن يومياً
عدد العاملين بمهنة الفرز والجمع بالحي 100,000 نسمة تقريباً
العمالة الإضافية المساعدة 15,000 عامل

تناول العرض التقديمي أيضاً الأهمية الاقتصادية والبيئية لعمليات إعادة التدوير التي تتم في المنطقة، حيث يتم استيعاب ثلث مخلفات العاصمة تقريباً داخل هذا الحيز الجغرافي، مما يجعل عملية تطوير المنطقة المحيطة بالقلعة ومنطقة الزبالين ليست مجرد مشروع تجميلي فحسب بل ضرورة بيئية واقتصادية ملحة؛ إذ يسهم التطوير في تنظيم هذه الصناعة الضخمة وتحويلها إلى نشاط رسمي يراعي الاشتراطات البيئية والصحية، ويحمي العاملين في هذا المجال من المخاطر المحتملة، كما يضمن الاستفادة القصوى من الموارد المتاحة وإعادة ضخها في الاقتصاد الوطني بشكل آمن ومستدام، مما يعزز من قيمة المنطقة استثمارياً واجتماعياً.

المقترحات الفنية لعملية تطوير المنطقة المحيطة بالقلعة ومنطقة الزبالين

شهد الاجتماع تقديم محافظ القاهرة حزمة من المقترحات الأولية لتطوير المنطقة، حيث وجه رئيس مجلس الوزراء بضرورة التعامل مع هذه المقترحات بجدية تامة وإخضاعها للدراسة المتأنية؛ لضمان نجاح مشروع تطوير المنطقة المحيطة بالقلعة ومنطقة الزبالين وتحقيقه للأهداف المرجوة، وقد شدد الدكتور مصطفى مدبولي على أهمية تكامل الجوانب المختلفة للمشروع قبل البدء في أي خطوات تنفيذية على أرض الواقع، وذلك لتجنب أية عوائق قد تظهر مستقبلاً ولضمان استدامة التطوير والحفاظ على النسق العمراني للمنطقة التاريخية المجاورة للقلعة.

تضمنت توجيهات رئيس الوزراء عدداً من الخطوات الإجرائية الضرورية التي يجب اتخاذها خلال الفترة المقبلة للبدء الفعلي في التنفيذ، والتي تركزت حول ضرورة إعداد ملف شامل يتناول كافة أبعاد المشروع، ويمكن تلخيص أبرز التوجيهات والمراحل التحضيرية التي تم الاتفاق عليها في النقاط التالية:

  • إعداد دراسة هندسية وافية وشاملة لكافة المقترحات المقدمة لتطوير المنطقة.
  • تحليل الجوانب الفنية للمشروع لضمان توافقها مع طبيعة التربة والطبوغرافيا الخاصة بالمكان.
  • مراعاة البعد الاجتماعي والاقتصادي لسكان المنطقة والعاملين في مجال فرز القمامة.
  • تجهيز الملف النهائي تمهيداً لعرضه ومناقشته في اجتماع مقبل مخصص لهذا الشأن.

تسعى الحكومة من خلال هذه الدراسات المستفيضة إلى وضع تصور نهائي وقابل للتطبيق يضمن تحويل المنطقة إلى نموذج حضاري يحتذى به، مع الحفاظ على مصادر دخل السكان وتقنين أوضاعهم بما يتناسب مع القانون والنظام العام؛ حيث أن نجاح تطوير المنطقة المحيطة بالقلعة ومنطقة الزبالين سيمثل نقلة نوعية في إدارة المناطق العشوائية ذات الطبيعة الاقتصادية الخاصة، وسيسهم في خلق بيئة عمرانية متوازنة تجمع بين الأصالة التاريخية للمكان وبين متطلبات الحياة العصرية، مما ينعكس إيجاباً على الصورة الذهنية للعاصمة أمام العالم ويعزز من جاذبيتها السياحية والاستثمارية على المدى الطويل.

Exit mobile version