
هجمات روسيا السيبرانية على ألمانيا باتت تتصدر المشهد الأمني والسياسي في برلين بعد الإعلانات الرسمية الأخيرة الصادرة عن وزارة الخارجية، حيث وجهت الحكومة الألمانية اتهامات مباشرة ومحددة لجهاز الاستخبارات العسكرية الروسي بالوقوف خلف سلسلة من العمليات العدائية التي استهدفت البنية التحتية الحيوية والعملية الديمقراطية في البلاد، وقد أكد المتحدث باسم الوزارة أن هذه الأنشطة لا تمثل مجرد خروقات تقنية عابرة بل هي جزء من استراتيجية أوسع لتهديد الأمن القومي الألماني من الداخل، وهو ما يستدعي ردًا حازمًا ومنسقًا مع الشركاء الأوروبيين لضمان عدم تكرار هذه السيناريوهات في المستقبل القريب.
تورط مجموعة فانسي بير في هجمات روسيا السيبرانية على ألمانيا
كشفت التحقيقات الأمنية المكثفة التي أجرتها السلطات المختصة عن تفاصيل دقيقة تتعلق باختراق أنظمة الملاحة الجوية، حيث ربطت التقارير الاستخباراتية بين هجمات روسيا السيبرانية على ألمانيا وبين مجموعة قراصنة محترفة تعرف باسم “فانسي بير” أو (APT28)، وهي المجموعة التي تُحملها برلين مسؤولية تنفيذ أجندات جهاز الاستخبارات العسكرية الروسي، وقد أوضحت صحيفة “بيلد” واسعة الانتشار أن الهجوم الذي وقع في أغسطس من عام 2024 لم يكن عشوائيًا بل كان موجهًا بدقة لضرب عصب حيوي في قطاع النقل الجوي، إذ تمكن المتسللون من اختراق البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات الإدارية التابعة لإدارة الملاحة الجوية الألمانية “دي إف إي”، وهو ما أثار مخاوف جدية حول سلامة الأنظمة الرقمية التي تدير حركة الطيران في عدد من مطارات البلاد؛ مما دفع السلطات إلى رفع مستوى التأهب والتحقيق في الآثار المترتبة على هذا الخرق الأمني الخطير الذي يمس سيادة الدولة وأمن مواطنيها.
فيما يلي جدول يوضح أبرز البيانات المتعلقة بالهجوم السيبراني على قطاع الطيران الألماني:
| عنصر الهجوم | التفاصيل المرصودة |
|---|---|
| الجهة المستهدفة | إدارة الملاحة الجوية الألمانية “دي إف إي” |
| توقيت الهجوم | أغسطس 2024 |
| المجموعة المنفذة | فانسي بير (APT28) |
| المسؤول الرئيسي | جهاز الاستخبارات العسكرية الروسي |
حملة ستورم 1516 وتصاعد هجمات روسيا السيبرانية على ألمانيا
لم تقتصر التهديدات على البنية التحتية التقنية فحسب، بل امتدت هجمات روسيا السيبرانية على ألمانيا لتشمل محاولات للتأثير المباشر على المسار السياسي والانتخابي عبر حملات التضليل الممنهجة، حيث سلطت السلطات الضوء على الحملة المعروفة باسم “ستورم 1516” التي يُعتقد أنها بدأت نشاطها في عام 2024 بهدف زعزعة الثقة في الانتخابات الغربية بشكل عام والألمانية بشكل خاص، وقد ركزت هذه الحملة جهودها قبيل الانتخابات البرلمانية التي جرت في فبراير الماضي على استهداف شخصيات سياسية بارزة ومرشحين محتملين لمناصب قيادية، وذلك في محاولة واضحة لتشويه سمعتهم أو التأثير على توجهات الناخبين لصالح أجندات خارجية، كما رصدت الأجهزة الأمنية تداول مواد إعلامية مفبركة تهدف إلى إثارة الفوضى والشكوك حول نزاهة العملية الديمقراطية برمتها قبل أيام قليلة من موعد الاقتراع الحاسم.
تشير التقارير إلى أن الحملة الروسية اعتمدت على عدة تكتيكات لاستهداف المشهد السياسي الألماني، ومن أبرزها:
- استهداف مرشح حزب الخضر روبرت هابيك بحملات تشويه منظمة للتأثير على شعبيته.
- تركيز الهجمات الإعلامية والسيبرانية على فريدريش ميرتس، مرشح الاتحاد المسيحي آنذاك والمستشار الحالي.
- نشر وترويج فيديوهات مزيفة (Deepfakes) قبل يومين من الانتخابات تزعم حدوث تلاعب في بطاقات الاقتراع.
- استخدام منصات التواصل الاجتماعي لبث الشائعات وزعزعة ثقة المواطن الألماني في المؤسسات الرسمية.
الإجراءات المضادة لمواجهة هجمات روسيا السيبرانية على ألمانيا
أمام هذا التصعيد الخطير والمستمر، أعلنت برلين عن عزمها اتخاذ خطوات فعلية للرد على هجمات روسيا السيبرانية على ألمانيا، حيث أوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية أن التهديد الروسي لم يعد يقتصر على الحرب العدوانية الدائرة ضد أوكرانيا فحسب، بل بات يشكل خطرًا داهمًا داخل الأراضي الألمانية نفسها، مؤكدًا أن الحكومة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذه الانتهاكات الصارخة للسيادة الرقمية والسياسية، وتعمل برلين حاليًا بتنسيق وثيق ومستمر مع شركائها في الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو لبلورة سلسلة من الإجراءات المضادة والعقوبات التي من شأنها ردع موسكو عن الاستمرار في نهجها العدائي، وتشمل هذه الإجراءات تعزيز الدفاعات السيبرانية الوطنية، وتطوير آليات الكشف المبكر عن حملات التضليل، بالإضافة إلى ملاحقة الكيانات والأفراد المتورطين في هذه الهجمات قانونيًا ودبلوماسيًا، لضمان حماية النظام الديمقراطي والمؤسسات الحيوية من أي عبث خارجي مستقبلي قد يحاول استغلال الفضاء الرقمي لتحقيق مكاسب جيوسياسية على حساب أمن واستقرار ألمانيا وأوروبا.
