
مستقبل الصراع الإيراني الإسرائيلي يشكل محور اهتمام الباحثين في الشؤون الإقليمية والدولية حيث يقدم الباحث حكم أمهز قراءة تحليلية معمقة تستند إلى معطيات ميدانية وجيوسياسية بالغة التعقيد، مسلطًا الضوء على الأدوار التي تلعبها دول الطوق مثل الأردن وسوريا في رسم المشهد الأمني الجديد وسط تداخل المصالح الدولية والتهديدات الوجودية المحتملة التي قد تغير وجه المنطقة بأكملها وتضعها أمام سيناريوهات مفتوحة على كافة الاحتمالات.
أبعاد مستقبل الصراع الإيراني الإسرائيلي في ظل التسريبات
تناولت التقارير الإعلامية مؤخرًا ما نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت حول رصد تهديد إيراني على الحدود الشرقية مما دفع الجيش الإسرائيلي لإعادة نشر قواته وتشغيل مواقع عسكرية قديمة وإنشاء خمسة ألوية احتياط تحت قيادة فرقة جلعاد الحديثة، إلا أن الباحث حكم أمهز يرى أن هذه المعطيات قد لا تتسم بالدقة المطلقة؛ إذ يرجح أن تكون هذه التسريبات جزءًا من تكتيكات الإدارة الأمنية والسياسية الإسرائيلية لتحقيق غايات تختلف جذريًا عما يتم ترويجه إعلاميًا، فالكثير من الأخبار التي تخرج إلى العلن تهدف في الأساس لخدمة أجندات خفية وخلق تأثير نفسي محدد لدى الخصوم والحلفاء على حد سواء، وتأتي هذه التحركات بالتزامن مع الإشكاليات القائمة بين النظام السوري السابق والحالي خاصة بعد الحديث عن مرحلة ما بعد الأسد وما يرافقها من تغييرات في الاتفاقيات الأمنية والتوازنات الميدانية، مما يجعل التصريحات حول الحائط المسدود مجرد واجهة لواقع أكثر تعقيدًا يؤثر بشكل مباشر على مستقبل الصراع الإيراني الإسرائيلي.
موقع الأردن وسوريا ضمن مستقبل الصراع الإيراني الإسرائيلي
يخضع الجنوب السوري وفقًا للتحليلات الحالية لسيطرة إسرائيلية مباشرة تمتد من دمشق وصولًا إلى الحدود الفلسطينية مع وجود إجراءات لنزع السلاح في مناطق محددة، وهو ما يدحض السردية القائلة بوجود هيمنة إيرانية مطلقة على هذا القطاع؛ إذ تنتشر قوات النظام السوري الجديد جنبًا إلى جنب مع القوات الإسرائيلية، وتعتبر التحركات الشعبية هناك مؤشرًا على احتقان داخلي أكثر من كونها دليلًا على سيطرة طرف خارجي، وبالنظر إلى الجار الأردني نجد أنه يمثل خط الدفاع الأمني الأول لإسرائيل من الجهة الشرقية بحكم الاستقرار الداخلي واتفاقية السلام الموقعة عام 1994، ورغم أن الأردن لا يعتبر نفسه حارسًا للحدود الإسرائيلية إلا أن الواقع الجيوسياسي يفرض هذه المعادلة، حيث يثير أي حديث عن عدوان إسرائيلي محتمل تجاه الأردن أو سوريا مخاوف جدية من وجود مخططات أميركية لإعادة تشكيل المنطقة وذوبان كيانات سياسية لصالح مشروع الدولة الإسرائيلية الكبرى، وهو ما يبعد إيران عن كونها طرفًا مباشرًا في المعادلة الأردنية ويفند المبالغات حول التهديد القادم من تلك الجبهة، وفيما يلي جدول يوضح توزيع السيطرة الحالية وفق قراءة الباحث:
| المنطقة الجغرافية | طبيعة السيطرة والوضع الأمني |
|---|---|
| الجنوب السوري (من دمشق للحدود) | سيطرة إسرائيلية مباشرة مع تواجد لقوات النظام الجديد ونزع للسلاح |
| الجنوب اللبناني (حتى الليطاني) | إشراف الجيش اللبناني مع رقابة إسرائيلية في أجزاء محددة |
سيناريوهات المواجهة ومستقبل الصراع الإيراني الإسرائيلي
تختلف طبيعة المعركة القادمة في المنطقة عن الحروب التقليدية السابقة؛ إذ يرجح أمهز أن المواجهة لن تكون برية بشكل مباشر بل ستعتمد بشكل أساسي على التراشق بالصواريخ والمسيرات الدقيقة، وتواجه إسرائيل في هذا السياق تحديات لوجستية وسياسية هائلة تجعل أوراق قوتها أقل فاعلية مما كانت عليه في الماضي، مما يقلص من فرص نجاحها في تحقيق أهداف استراتيجية كبرى مثل إسقاط النظام في طهران، وتدرك القيادة الإيرانية هذه المعطيات جيدًا وقد أعدت خططًا شاملة للتعامل مع كافة السيناريوهات بما في ذلك استهداف القادة الإسرائيليين في حال التصعيد، وتتميز أي مواجهة مرتقبة بجملة من الخصائص التي تزيد من خطورتها على الاستقرار الإقليمي وهي:
- اعتماد القوة الصاروخية والجوية كأداة رئيسية للمعركة بدلًا من الاجتياح البري الواسع.
- احتمالية مشاركة أطراف إقليمية متعددة ومحلية إلى جانب المحور الإيراني مما يوسع رقعة النار.
- اعتبار أي عدوان إسرائيلي واسع بمثابة تهديد وجودي يستدعي ردود فعل قاسية وغير تقليدية.
المنطقة باتت تواجه واقعًا جيوسياسيًا بالغ التعقيد تتداخل فيه التسريبات الإعلامية الموجهة مع المصالح الاستراتيجية غير المعلنة لإسرائيل وحلفائها، حيث تبقى المناطق الحدودية في لبنان وسوريا تحت مجهر الرقابة الدقيقة بعيدًا عن تهويلات تسلل الجيوش أو السيطرة المطلقة لأي طرف، وإن أي قراءة للحلول الأمنية والسياسية تتطلب تفكيكًا دقيقًا للتوازنات الحالية لتفادي الانزلاق نحو مواجهة شاملة قد لا تبقي ولا تذر، خاصة أن مستقبل الصراع الإيراني الإسرائيلي لا يقتصر على الطرفين فحسب بل يمتد ليشمل الأمن القومي لدول الجوار ومستقبل الخريطة السياسية للشرق الأوسط برمته.
