
ارتفاع الدهون الثلاثية هو الهاجس الصحي الذي يتطلب انتباهاً دقيقاً؛ حيث تُعتبر هذه الدهون النوع الأكثر شيوعاً في جسم الإنسان وتتكون نتيجة استهلاك سعرات حرارية فائضة عن الحاجة، خاصة من الأطعمة الدسمة والسكريات، ليقوم الجسم بتخزينها داخل الخلايا الدهنية لاستخدامها لاحقاً كمصدر للطاقة، ورغم أن وجود نسبة معينة منها ضروري للعمليات الحيوية؛ إلا أن تجاوز الحدود الطبيعية يرتبط بشكل وثيق بزيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب والسكتات الدماغية، لا سيما لدى الأشخاص الذين يعانون من السكري أو انخفاض الكوليسترول النافع، مما يستدعي مراقبة مستمرة لتجنب مضاعفات ارتفاع الدهون الثلاثية على المدى الطويل.
أسباب ومخاطر ارتفاع الدهون الثلاثية الصامتة
تتسم مشكلة ارتفاع الدهون الثلاثية بأنها غالباً لا تظهر أي أعراض جسدية واضحة في مراحلها الأولى؛ مما يجعلها خطراً كامناً يهدد الصحة العامة إذا لم يتم تداركه وعلاجه قبل حدوث مضاعفات خطيرة مثل أمراض الشرايين، وعادة ما تتزامن هذه الحالة مع مشكلات صحية أخرى تشمل ارتفاع ضغط الدم والسمنة المفرطة واضطراب معدلات الكوليسترول بنوعيه الضار والنافع، وتتعدد العوامل المسببة لهذا الارتفاع لتشمل الخمول البدني وتناول الأطعمة الغنية بالسكريات والدهون المشبعة، إضافة إلى الآثار الجانبية لبعض الأدوية المستخدمة في علاج فيروس نقص المناعة أو سرطان الثدي، ووجود أمراض مزمنة كقصور الغدة الدرقية وأمراض الكلى والكبد التي تعيق عملية تكسير الدهون بشكل طبيعي، مما يؤدي إلى تفاقم ارتفاع الدهون الثلاثية في الدم بصورة ملحوظة.
معدلات الدهون الثلاثية الطبيعية وطرق التشخيص
توصي جمعية القلب الأمريكية بضرورة إجراء الفحوصات الدورية لكل شخص يتجاوز عمره العشرين عاماً لمراقبة مستويات الدهون في الدم بدقة؛ حيث يتم إجراء التحليل عادة بعد الصيام لمدة تتراوح بين تسع إلى اثنتي عشرة ساعة لضمان دقة النتائج، وتكمن خطورة المستويات المرتفعة جداً التي تتجاوز 500 ملجم/ديسيلتر في ارتباطها المباشر بمشاكل البنكرياس وتضخم الكبد والطحال، بل إن الوصول لمستويات تتعدى 1500 ملجم/ديسيلتر قد يؤدي إلى توقف الجسم تماماً عن تكسير الدهون؛ مما ينتج عنه فقدان الذاكرة وآلام حادة في المعدة، ويوضح الجدول التالي تصنيف المستويات المختلفة لنتائج التحليل لتحديد مدى خطورة ارتفاع الدهون الثلاثية لدى الفرد:
| تصنيف الحالة | مستوى الدهون الثلاثية (ملجم/ديسيلتر) |
|---|---|
| المعدل الطبيعي | أقل من 150 |
| الحد الفاصل | 150 – 199 |
| مرتفع | 200 – 499 |
| مرتفع جداً | 500 أو أكثر |
استراتيجيات علاج ارتفاع الدهون الثلاثية بالغذاء والرياضة
يعتمد علاج وخفض ارتفاع الدهون الثلاثية بشكل جوهري على تعديل نمط الحياة اليومي؛ حيث ينصح الخبراء بممارسة الرياضة لمدة ثلاثين دقيقة على الأقل لخمسة أيام أسبوعياً لتعزيز عملية الحرق، بالتزامن مع ضرورة إنقاص الوزن الزائد للوصول إلى مؤشر كتلة جسم صحي، ويتحقق ذلك عبر استبدال الدهون الضارة الموجودة في الزبدة واللحوم المصنعة والدهون المتحولة بالدهون الصحية الأحادية والمتعددة غير المشبعة المتوفرة في زيت الزيتون والمكسرات، والتركيز على تجنب الأطعمة التي ترفع النسب فوراً مثل الحلويات والمشروبات الغازية والمعجنات واللحوم الدسمة، وتتلخص أهم الأطعمة التي ينصح بإدراجها ضمن النظام الغذائي للمساعدة في السيطرة على ارتفاع الدهون الثلاثية فيما يلي:
- الحبوب الكاملة مثل الشوفان والأرز البني والخبز الأسمر.
- الأسماك الدهنية الغنية بأوميغا 3 كالسلمون والسردين.
- البقوليات المختلفة مثل الفاصوليا والبازلاء كمصادر بروتين نباتي.
- الدهون الصحية مثل الأفوكادو وزبدة المكسرات الطبيعية.
- تشكيلة واسعة من الفواكه والخضراوات الملونة المليئة بالألياف.
يجب التعامل مع ارتفاع الدهون الثلاثية بجدية تامة عبر المتابعة الطبية المستمرة؛ إذ يُنصح البالغون الأصحاء بإجراء تحليل الدهون الشامل كل أربع إلى ست سنوات للاطمئنان على سلامتهم العامة، بينما يفضل إجراء الفحص للأطفال مرة واحدة بين سن التاسعة والحادية عشرة ومرة أخرى بين السابعة عشرة والحادية والعشرين، وفي حال كان الشخص يخضع لعلاج دوائي لخفض الكوليسترول أو يجري تغييرات جذرية في نظامه الغذائي؛ فإن وتيرة الفحص يجب أن تكون أكثر تقارباً لضمان استجابة الجسم للعلاج والحفاظ على صحة القلب والشرايين من أي مخاطر مستقبلية محتملة.
