الكرملين يهاجم أمين عام الناتو بلهجة حادة ويصف تصريحاته بـ”غير المسؤولة”

الكرملين يهاجم أمين عام الناتو بلهجة حادة ويصف تصريحاته بـ”غير المسؤولة”

رد الكرملين على تصريحات الناتو جاء فورياً وحاسماً ليعكس عمق الفجوة القائمة بين موسكو والعواصم الغربية، حيث استهجن المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف ما ورد على لسان الأمين العام للحلف مارك روته من مقارنات تاريخية، معتبراً أن هذه الأقوال تمثل دليلاً واضحاً على انفصال جيل كامل من القادة الغربيين عن الواقع التاريخي المؤلم وتجاهلهم للدروس القاسية التي خلفتها الصراعات الكبرى، مما يشير إلى غياب الوعي الكافي بتبعات الحروب وآثارها الكارثية التي لا تزال محفورة في ذاكرة الشعوب التي عانت ويلات الحرب العالمية الثانية.

دلالات رد الكرملين على تصريحات الناتو التاريخية

يحمل رد الكرملين على تصريحات الناتو في طياته رسائل سياسية عميقة تتجاوز مجرد الرفض الدبلوماسي المعتاد، إذ ركز بيسكوف في حديثه للتلفزيون الروسي الرسمي على البعد النفسي والتاريخي لخطاب روته الذي ألقاه في برلين، مشيراً إلى أن الحديث عن الاستعداد لحرب بحجم تلك التي خاضها الأجداد ينم عن استسهال خطير لفكرة الصراع المسلح الشامل؛ وهو الأمر الذي دفع موسكو للتشكيك في مدى إدراك القيادة الأطلسية الحالية لحجم الدمار الذي يمكن أن يلحق بالعالم نتيجة مثل هذه التوجهات، خاصة أن استحضار ذاكرة الحرب العالمية الثانية في سياق التحشيد العسكري الحالي يعتبره الجانب الروسي تلاعباً بالتاريخ وتزييفاً للحقائق يهدف لشيطنة روسيا وتصويرها كعدو وجودي يتربص بالقارة الأوروبية، وهذا ما يجعل رد الكرملين على تصريحات الناتو محاولة لإعادة ضبط السردية التاريخية والتذكير بأن روسيا كانت جزءاً أساسياً من النصر في تلك الحقبة وليست التهديد الذي يجب الاستعداد لمواجهته بنفس الأدوات القديمة.

سياق رد الكرملين على تصريحات الناتو في برلين

جاءت كلمات مارك روته التي استدعت رد الكرملين على تصريحات الناتو خلال كلمة ألقاها في العاصمة الألمانية يوم الخميس، حيث طالب حلف شمال الأطلسي بضرورة رفع الجاهزية القصوى لمواجهة سيناريوهات حربية مشابهة لما حدث في الماضي البعيد، معتبراً بشكل صريح أن روسيا هي الهدف المقبل للحلف العسكري الغربي، وهو ما اعتبرته موسكو تصعيداً غير مبرر يهدف إلى إبقاء حالة التوتر مشتعلة في أوروبا؛ وقد شدد بيسكوف في تعليقه على أن مثل هذه الادعاءات لا تخدم الأمن الأوروبي بل تزيد من تعقيد المشهد السياسي والعسكري المتأزم أصلاً، ويمكن تلخيص أبرز النقاط الخلافية التي أثارت حفيظة موسكو في التصريحات الأخيرة عبر النقاط التالية:

  • الدعوة الصريحة من روته للاستعداد لحرب شاملة تماثل في حجمها حروب الأجداد والأسلاف.
  • تسمية روسيا بشكل مباشر كهدف قادم للحلف مما يعزز فرضية المواجهة الحتمية.
  • اعتبار الكرملين أن هذه اللغة تعكس نسيان القادة الغربيين لحقيقة وفظائع الحرب العالمية الثانية.

وفي إطار توضيح التباين الكبير في المواقف الرسمية بين الطرفين، يظهر الجدول التالي ملخصاً للمواقف المتعارضة التي شكلت جوهر السجال الأخير:

المتحدث والموقع جوهر التصريح والموقف
مارك روته (برلين) يجب أن يكون الناتو مستعداً لحرب بحجم حروب الأجداد وروسيا هي الهدف المقبل.
دميتري بيسكوف (موسكو) التصريحات تدل على غياب الوعي بتبعات الحروب وهي “هراء” يهدف لتأجيج العداء.

مخاطر التصعيد في رد الكرملين على تصريحات الناتو

لم يكتفِ الجانب الروسي بانتقاد المقارنات التاريخية بل جدد الكرملين في سياق رد الكرملين على تصريحات الناتو نفيه القاطع والمتكرر للاتهامات التي يروج لها قادة الحلف وعدد من المسؤولين الأوروبيين، حيث وصفت موسكو المزاعم القائلة بأنها تخطط لمهاجمة إحدى الدول الأعضاء في الناتو بأنها مجرد “هراء” عارٍ عن الصحة تماماً، مؤكدة أن الهدف الحقيقي خلف تكرار هذه السردية هو تأجيج المشاعر المعادية لروسيا داخل المجتمعات الأوروبية وتبرير زيادة الإنفاق العسكري وحشد الجيوش على الحدود الروسية؛ وأوضح بيسكوف أن إطلاق مثل هذه التصريحات النارية لا يسهم بأي شكل من الأشكال في خفض التوتر القائم، بل على العكس تماماً فإنه يزيد من حدة الاستقطاب السياسي والعسكري في القارة العجوز، محذراً في الوقت ذاته من خطورة التلويح بالحرب واللعب بالنار في ظل ظروف دولية بالغة الحساسية والتعقيد، حيث يمكن لأي سوء تقدير أن يجر المنطقة بأسرها إلى سيناريوهات لا تحمد عقباها، وهو ما يجعل رد الكرملين على تصريحات الناتو بمثابة جرس إنذار يدعو للتعقل بدلاً من القرع المستمر لطبول الحرب.

الموقف الروسي يظل ثابتاً في رفضه لمحاولات تصوير موسكو كمصدر الخطر الداهم على أوروبا، معتبراً أن التحريض المستمر من قبل مسؤولي الناتو هو الخطر الحقيقي الذي يهدد استقرار العالم ويعيد إنتاج مناخات الحروب الكبرى التي عانى منها الأجداد سابقاً.

Exit mobile version