زيارة السيسي لواشنطن: ملامح جدول الأعمال وفرص عقد لقاء مباشر مع نتنياهو

زيارة السيسي لواشنطن: ملامح جدول الأعمال وفرص عقد لقاء مباشر مع نتنياهو

زيارة السيسي إلى واشنطن تكتسب أهمية استراتيجية قصوى في الوقت الراهن؛ إذ تأتي في ظل تحولات جيوسياسية معقدة تعصف بمنطقة الشرق الأوسط وتفرض إعادة ترتيب الأوراق بين القاهرة والإدارة الأمريكية الجديدة، خاصة مع تصاعد التوترات الإقليمية والحاجة الملحة لحسم ملفات شائكة تتعلق بالأمن القومي المصري ومستقبل قطاع غزة، وسط ترقب دولي لما ستسفر عنه هذه المباحثات رفيعة المستوى.

دلالات توقيت زيارة السيسي إلى واشنطن ومسار العلاقات الثنائية

تُعد هذه الجولة الدبلوماسية المرتقبة هي الأولى للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة الأمريكية منذ تولي الرئيس دونالد ترامب مقاليد الحكم في ولايته الرئاسية الثانية التي بدأت في يناير الماضي؛ وتأتي هذه الخطوة بعد فترة شهدت تباينًا في وجهات النظر بين الجانبين، حيث كان الرئيس المصري قد اتخذ قرارًا بإلغاء زيارة سابقة إلى البيت الأبيض كانت مقررة في شهر فبراير، وذلك كرد فعل مباشر وحاسم على إعلان ترامب آنذاك عن خطة مثيرة للجدل تهدف إلى إعادة توطين سكان غزة في كل من مصر والأردن، مع مقترح بتحويل القطاع إلى منطقة سياحية، وهو ما قوبل برفض قاطع من القاهرة التي اعتبرت هذه المبادرة مساسًا مباشرًا وخطيرًا بأمنها القومي وسيادتها؛ ورغم تلك التوترات السابقة، فإن الأشهر الأخيرة سجلت تحسنًا ملحوظًا ونقلة نوعية في العلاقات بين القاهرة وواشنطن، لا سيما عقب الزيارة التي أجراها ترامب إلى مصر في نوفمبر الماضي، والتي كانت نقطة تحول أعلن خلالها من القاهرة عن طرح خطة سلام جديدة تخص غزة، بالإضافة إلى البدء الفعلي في إجراءات وقف إطلاق النار داخل القطاع، مما مهد الطريق لإعادة ترتيب زيارة السيسي إلى واشنطن في مناخ أكثر إيجابية وتفاهمًا حول القضايا المحورية.

الملفات الشائكة على طاولة زيارة السيسي إلى واشنطن

كشفت المصادر المطلعة أن المحادثات الثنائية سوف تتطرق إلى حزمة من القضايا الإقليمية الساخنة التي لا تحتمل التأجيل؛ حيث يتصدر جدول الأعمال مستقبل العلاقات المصرية الإسرائيلية في ضوء التداعيات المستمرة للحرب على غزة، إلى جانب مناقشة التطورات المقلقة في ملف سد النهضة الإثيوبي الذي يمثل أولوية قصوى للدولة المصرية؛ وتسعى القاهرة من خلال هذه المباحثات إلى تثبيت ركائز الأمن القومي عبر مناقشة تفاصيل دقيقة تتعلق بترتيبات الوضع النهائي في المنطقة، بما يضمن حقوق الأطراف كافة ويحترم السيادة المصرية، وقد أشارت المعلومات المتوفرة إلى أن المحادثات ستتضمن النقاط الجوهرية التالية:

  • بحث آليات تنفيذ المرحلة الثانية من خطة السلام الأمريكية المخصصة لقطاع غزة وسبل تثبيت التهدئة.
  • مناقشة إمكانية إدخال تعديلات جوهرية على معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية لتتماشى مع التغيرات الجيوسياسية الراهنة.
  • استعراض الموقف المصري الثابت تجاه ملف سد النهضة وضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم يضمن الحقوق المائية.
  • التأكيد على رفض أي مخططات لتوطين الفلسطينيين خارج أراضيهم أو تصفية القضية الفلسطينية على حساب دول الجوار.

وتشير التقارير إلى أن الرئيس السيسي يعتزم مناقشة التغيرات الجيوسياسية التي فرضتها التطورات الأخيرة في المنطقة مع نظيره الأمريكي؛ حيث ترى القاهرة أن الواقع الميداني والسياسي الجديد يستدعي مراجعة شاملة لبعض البنود والترتيبات الأمنية، بما في ذلك الملاحق الخاصة بمعاهدة السلام الموقعة برعاية أمريكية، لضمان قدرة الأجهزة المعنية على التعامل بفعالية مع التحديات الحدودية المستجدة؛ وتؤكد المصادر أن زيارة السيسي إلى واشنطن ستكون فرصة حاسمة لوضع النقاط على الحروف فيما يتعلق بهذه التعديلات المقترحة، والتي تأتي استجابةً للدروس المستفادة من الحرب الأخيرة وتداعياتها على الأمن الإقليمي، مما يعكس حرص القيادة المصرية على تكييف الأطر القانونية والسياسية مع المتغيرات السريعة لضمان الاستقرار المستدام.

ترتيبات لقاء ثلاثي محتمل خلال زيارة السيسي إلى واشنطن

في سياق التحضيرات المكثفة، لم تحدد المصادر موعدًا دقيقًا للزيارة أو مدتها الزمنية، غير أن هناك مؤشرات قوية تلمح إلى أن احتمال عقد لقاء يجمع السيسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو برعاية مباشرة من ترامب بات أمرًا قيد الدراسة الجادة؛ وتأتي هذه الأنباء في وقت لم يجرِ فيه أي تواصل مباشر بين الرئيس المصري ونتنياهو منذ اندلاع الحرب على غزة في أكتوبر 2023، وهي الحرب التي أدت إلى زيادة حدة الاحتقان والتوتر بين البلدين بشكل غير مسبوق رغم وجود معاهدة السلام؛ وقد ذكر موقع “أكسيوس” في وقت سابق من هذا الشهر أن الإدارة الأمريكية تبذل جهودًا حثيثة لترتيب هذا اللقاء ليكون جزءًا من فعاليات زيارة السيسي إلى واشنطن، بهدف كسر الجمود الحالي ودفع عجلة المفاوضات السياسية قدمًا.

وتعمل الدوائر الدبلوماسية في البلدين على مدار الساعة لضمان نجاح الزيارة؛ حيث أكد أحد المصادر أن الاتصالات بين القاهرة وواشنطن مستمرة ومكثفة للاتفاق على جدول أعمال دقيق، مشيرًا إلى أن وفدًا من المسؤولين المصريين قد سافر بالفعل إلى العاصمة الأمريكية لعقد لقاءات تحضيرية مع نظرائهم في إدارة ترامب؛ وأضاف المصدر ذاته أن مصر حريصة كل الحرص على ضمان وجود تفاهمات واضحة مسبقة ونقاط توافق محددة قبل إتمام زيارة السيسي إلى واشنطن، لتجنب أي مفاجآت قد تعكر صفو المباحثات أو تؤدي إلى نتائج عكسية، بينما يلتزم المسؤولون الأمريكيون الصمت ولم يردوا على طلبات التعليق الصحفية بخصوص تفاصيل هذه الترتيبات الحساسة.

وفيما يتعلق بجدول أعمال الطرف الإسرائيلي الذي قد يتقاطع مع الزيارة المصرية، فقد تم الكشف عن تفاصيل رحلة نتنياهو المرتقبة إلى الولايات المتحدة، والتي تتضمن لقاءً مجدولًا مع الرئيس الأمريكي؛ ويوضح الجدول التالي البيانات المتوفرة حول زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي وتوقيتها، مما يعطي مؤشرًا حول الفترة الزمنية التي قد تشهد الحراك الدبلوماسي المكثف واللقاءات المحتملة:

الحدث المقرر التفاصيل والتواريخ
لقاء نتنياهو مع الرئيس ترامب 29 ديسمبر
مدة زيارة نتنياهو للولايات المتحدة 8 أيام

تظل الأنظار معلقة نحو العاصمة الأمريكية لترقب ما ستؤول إليه هذه التحركات الدبلوماسية المتسارعة؛ حيث تمثل زيارة السيسي إلى واشنطن حجر الزاوية في صياغة مرحلة جديدة من العلاقات الإقليمية، وتبرز كفرصة أخيرة لاحتواء التصعيد وضمان استقرار المنطقة وفق رؤية توازن بين المصالح الأمنية والحقوق السياسية.

Exit mobile version