
تخلي أوكرانيا عن الانضمام للناتو كان المحور الأساسي الذي دارت حوله المباحثات المكثفة بين الوفدين الأميركي والأوكراني، والتي شهدت حضور شخصيات رفيعة المستوى شملت الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والمبعوث ستيف ويتكوف بالإضافة إلى جاريد كوشنر صهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب؛ حيث انخرطت الأطراف المجتمعة في نقاشات سياسية واستراتيجية عميقة استهدفت إيجاد مخارج للأزمة الراهنة عبر صياغة تفاهمات جديدة قد تعيد رسم الخارطة الأمنية في أوروبا الشرقية، وهو الأمر الذي أفضى إلى إحراز تقدم ملموس خلال الجلسة الأولى التي امتدت لساعات طويلة قبل الاتفاق على استكمالها في صباح اليوم التالي.
مستجدات مفاوضات تخلي أوكرانيا عن الانضمام للناتو
كشفت التفاصيل الواردة عن الاجتماع أن المحادثات اتسمت بالجدية والعمق، حيث أكد ويتكوف عبر حسابه على منصة “إكس” أن الممثلين أجروا مناقشات مستفيضة تكللت بتحقيق تقدم كبير في الملفات المطروحة؛ وفي السياق ذاته أوضح دميترو ليتفين، مستشار الرئيس زيلينسكي، أن المسؤولين يعكفون حالياً على دراسة مسودات الوثائق المقترحة لبلورة صيغة نهائية للاتفاق، مشيراً في تصريحات صحفية عبر تطبيق “واتساب” إلى أن الرئيس سيعلق على مجريات هذه المحادثات فور انتهائها يوم الإثنين، وذلك بعد ماراثون تفاوضي استمر لأكثر من خمس ساعات متواصلة وانتهى بالاتفاق المبدئي على استئناف الجولات الصباحية لاستكمال ما تم البدء به من تفاهمات حول تخلي أوكرانيا عن الانضمام للناتو والبدائل المطروحة.
وفيما يلي قائمة بالشخصيات الرئيسية التي قادت هذه الجولة من المفاوضات الحاسمة:
- فولوديمير زيلينسكي: الرئيس الأوكراني الذي قدم عرض التنازل.
- ستيف ويتكوف: المبعوث الأميركي الذي أدار النقاشات.
- جاريد كوشنر: صهر الرئيس ترامب ومشارك رئيسي في الوفد الأميركي.
- دميترو ليتفين: مستشار زيلينسكي والمتحدث حول تفاصيل الوثائق.
العرض الأوكراني والضمانات الأمنية البديلة
شهدت الساعات التي سبقت بدء المحادثات تحولاً جذرياً في العقيدة السياسية لكييف، حيث بادر زيلينسكي بتقديم عرض يتضمن تخلي أوكرانيا عن الانضمام للناتو بشكل رسمي مقابل الحصول على حزمة من الضمانات الأمنية الغربية؛ وتعد هذه الخطوة انعطافة كبرى لدولة طالما ناضلت بشراسة من أجل عضوية الحلف واعتبرتها الضمانة الوحيدة في مواجهة الهجمات الروسية بل وأدرجت هذا الطموح في صلب دستورها الوطني، ورغم أن هذا التنازل يلبي أحد الأهداف الرئيسية التي شنت روسيا الحرب لأجلها، إلا أن القيادة الأوكرانية ما تزال متمسكة بموقفها الرافض للتنازل عن أي شبر من أراضيها لموسكو، مما يجعل المعادلة التفاوضية دقيقة وحساسة للغاية في ظل التباين بين التنازل السياسي والتمسك الجغرافي.
وفي رده على استفسارات الصحفيين، شرح زيلينسكي دوافع هذا القرار قائلاً إن رغبة بلاده منذ البداية كانت الانضمام للحلف كضمانة أمنية حقيقية، لكن غياب الدعم من بعض الشركاء في الولايات المتحدة وأوروبا لهذا المسار دفعهم للبحث عن بدائل واقعية؛ موضحاً أن الحل الوسط المطروح الآن يتمثل في ضمانات أمنية ثنائية ملزمة قانونياً بين أوكرانيا والولايات المتحدة، وضمانات شبيهة بالمادة الخامسة من معاهدة الناتو تقدمها واشنطن، بالإضافة إلى ترتيبات أمنية مع دول أخرى لضمان عدم تكرار الغزو الروسي مستقبلاً، حيث يمكن تلخيص الدول والجهات الضامنة المحتملة في الجدول التالي:
| الجهة الضامنة | نوع الضمانات المقترحة |
|---|---|
| الولايات المتحدة | ضمانات ثنائية وشبيهة بالمادة الخامسة |
| الدول الأوروبية | دعم أمني وسياسي مستمر |
| كندا واليابان | دعم إضافي لمنع أي غزو روسي آخر |
الشروط الروسية ومسألة الحياد الأوكراني
تتقاطع فكرة تخلي أوكرانيا عن الانضمام للناتو مع المطالب التي نادى بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مراراً وتكراراً منذ اندلاع الأزمة، حيث يصر الكرملين على ضرورة أن تتخلى كييف رسمياً عن طموحاتها الأطلسية وأن تتبنى وضعاً محايداً يمنع تمركز أي قوات تابعة للحلف على أراضيها؛ كما تطالب موسكو بانسحاب القوات الأوكرانية من نحو 10 بالمئة من إقليم دونباس الذي لا تزال كييف تسيطر عليه، وهو ما يضيف تعقيدات ميدانية للمسار السياسي، حيث تشدد المصادر الروسية على أن بوتين يسعى للحصول على تعهد مكتوب من القوى الغربية الكبرى بعدم توسع الناتو باتجاه الشرق، في إشارة صريحة لاستبعاد عضوية دول مثل جورجيا ومولدوفا وجمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق.
التحركات الدبلوماسية الحالية ومسودات الوثائق التي يتم تدارسها تشير إلى أن مسألة تخلي أوكرانيا عن الانضمام للناتو قد أصبحت واقعاً مطروحاً على الطاولة بجدية أكثر من أي وقت مضى، خاصة مع تأكيد زيلينسكي أن هذا الحل يمثل فرصة لمنع غزو روسي آخر وحلاً وسطاً من الجانب الأوكراني؛ وتتجه الأنظار الآن نحو مخرجات الاجتماع المستأنف صباح الإثنين لمعرفة ما إذا كانت هذه الضمانات الأمنية المقترحة ستكون كافية لإقناع كييف بالتخلي النهائي عن الحلم الأطلسي، وما إذا كانت موسكو ستقبل بهذه الصيغة كبديل عن السيطرة الكاملة، في وقت لا تزال فيه المعارك محتدمة والمواقف بشأن الأراضي متباعدة رغم التقارب في ملف الحياد.
