
تعد الصحة النفسية عند الرجال ركيزة أساسية لسلامة الفرد والمجتمع لكنها غالبًا ما تواجه تهميشًا غير مبرر نتيجة الضغوط المجتمعية والتوقعات الجامدة التي تفرض عليهم الصمت، وهذا التجاهل قد يؤدي إلى تفاقم الصراعات الداخلية الصامتة التي يعيشونها يوميًا وتتحول بمرور الوقت إلى أزمات حقيقية تؤثر على جودة حياتهم وعلاقاتهم وحتى سلامتهم الجسدية كما أشار تقرير موقع “أونلي ماي هيلث”.
فهم أبعاد الصحة النفسية عند الرجال والصراعات الخفية
يؤكد الخبراء وعلى رأسهم الدكتور جوبال بهاتيا أن الاهتمام بقضية الصحة النفسية عند الرجال يتطلب فهمًا عميقًا لطبيعة الصراعات التي يخوضونها بعيدًا عن الأنظار؛ فالرجال يميلون لتجنب طلب المساعدة الطبية خوفًا من الوصمة الاجتماعية التي تلاحقهم وتعتبر التعبير عن الضعف نقيصة، وهذه الأعراف السائدة تدفعهم لكبت مشاعرهم بشكل مستمر مما يؤخر عمليات التشخيص والعلاج ويزيد من مخاطر المضاعفات الصحية والنفسية، وتشير الأبحاث الحديثة إلى وجود رابط وثيق بين الأمراض المزمنة مثل السكري والحالة النفسية مما يجعل التوعية أمرًا حتميًا لإنقاذ الأرواح وتحسين النتائج العلاجية، فالتدخل المبكر وفهم الدوافع النفسية يمكن أن يغير مسار حياة الرجل بالكامل ويحميه من العواقب الوخيمة التي قد تترتب على الإهمال المستمر لمشاعره واحتياجاته النفسية.
| العلامة الظاهرة عند الرجال | التفسير النفسي المحتمل |
|---|---|
| الغضب، الانفعال، الانسحاب | أعراض غير نمطية للاكتئاب الحاد |
| الإفراط في العمل والصلابة | قلق مزمن وخوف من إظهار الضعف |
| تعاطي الكحول أو التدخين بشراهة | محاولة للعلاج الذاتي والهروب من الألم |
مظاهر الاكتئاب وتأثير الصحة النفسية عند الرجال
تختلف طريقة ظهور الاضطرابات النفسية بين الجنسين حيث يواجه الأطباء تحديات كبيرة في تشخيص الصحة النفسية عند الرجال لأنهم لا يعبرون عن الاكتئاب بالحزن والبكاء كما هو معتاد بل يظهرون علامات بديلة مثل الغضب الشديد والانفعال السريع أو الانسحاب الاجتماعي المفاجئ، وهذا الاختلاف الجوهري يؤدي كثيرًا إلى التشخيص الخاطئ وترك المرض دون علاج مما يرفع احتمالية الأفكار والسلوكيات الانتحارية الخطيرة، وبالتوازي مع الاكتئاب يعاني الرجال من مستويات قلق مرتفعة ناتجة عن ثقل التوقعات والضغوط لأداء واجباتهم العائلية والمهنية بصلابة ودون شكوى، ويوضح الدكتور بهاتيا أن دفن المشاعر والاعتماد المفرط على النفس يؤثر سلبًا على النوم والعلاقات الإنسانية بمرور الوقت، وكثيرًا ما يلجأ البعض منهم لمحاولة الهروب من هذا الواقع المؤلم عبر التدخين أو تعاطي الكحول والمخدرات ظنًا منهم أنها وسيلة للتأقلم بينما هي في الحقيقة حلقة مفرغة تخفي مشاكل أعمق وتجعل رحلة العلاج أكثر تعقيدًا وإلحاحًا وتتطلب كشفًا مبكرًا للسيطرة على الوضع قبل فوات الأوان.
استراتيجيات فعالة لدعم الصحة النفسية عند الرجال
يقدم الطب النفسي خارطة طريق واضحة تهدف إلى تعزيز الصحة النفسية عند الرجال وانتشالهم من دائرة الصمت المطبق وذلك عبر تشجيع الحوارات الصريحة داخل الأسرة ومجموعات الأصدقاء لكسر حاجز الخوف، ويشدد الدكتور بهاتيا على ضرورة دمج الفحوصات النفسية ضمن الزيارات العيادية الروتينية وسؤال المريض بتعاطف عن توتره ونومه، كما يجب على المؤسسات تطبيق برامج صحية في أماكن العمل لا تركز فقط على الإنتاجية بل تهتم بسلامة الموظف النفسية، ويمكن الاستعانة بتقنيات العلاج السلوكي المعرفي لاستعادة التوازن والسيطرة على الضغوط الداخلية بشكل علمي مدروس بدلًا من اللجوء للطرق التقليدية الخاطئة.
لتحقيق تحسن ملموس في الحالة المزاجية والنفسية يوصي الأطباء باتباع الخطوات العملية التالية:
- بناء روتين يومي صحي يشمل ممارسة الرياضة بانتظام والحصول على قسط كافٍ من النوم لتعزيز الاستقرار الذهني.
- تخصيص وقت يومي لممارسات اليقظة الذهنية والتأمل أو تمارين التنفس العميق للسيطرة الاستباقية على التوتر.
- التحدث بصدق وانفتاح مع صديق مقرب أو مستشار نفسي متخصص وعدم التردد في طلب المشورة المهنية.
- تجنب العلاج الذاتي باستخدام المهدئات أو المنومات التي قد تؤدي إلى الإدمان وتفاقم المشكلة بدلًا من حلها.
لا يمكن إغفال أهمية طلب المساعدة المتخصصة عند الشعور بالحاجة إليها وتجنب الانجراف وراء الحلول المؤقتة، لذا فإن الحفاظ على الصحة النفسية عند الرجال يتطلب مراقبة دقيقة للأمراض المزمنة مثل السكري والربط بينها وبين الحالة النفسية والتعامل بجدية تامة مع أي تغيرات تطرأ على السلوك أو المزاج لضمان حياة صحية ومستقرة خالية من الصراعات الصامتة.
