الاقتصاد الصيني في مرحلة انتقالية: ملفات حاسمة على طاولة بكين للسنوات الخمس المقبلة

الاقتصاد الصيني في مرحلة انتقالية: ملفات حاسمة على طاولة بكين للسنوات الخمس المقبلة

تستهدف خطط التنمية الصينية تحقيق نقلة نوعية شاملة في مسار التحديث الاشتراكي بحلول عام 2035 وهي الرؤية الاستراتيجية التي أكدتها المتحدثة باسم الخارجية الصينية ماو نينج خلال زيارتها للقاهرة؛ إذ أوضحت أن هذه العملية الطموحة تتطلب عقدًا كاملًا من العمل الدؤوب لتنفيذ خطتين خمسيتين متتاليتين، وتُعد فترة الخطة الخمسية الخامسة عشرة مرحلة مفصلية وحاسمة لترسيخ الأسس المتينة وبذل أقصى الجهود الممكنة لضمان استمرار الصعود الاقتصادي والاجتماعي للدولة.

المحاور السبعة ضمن خطط التنمية الصينية المستقبلية

كشفت بكين عن تفاصيل دقيقة تتعلق بأهدافها الاقتصادية والاجتماعية التي ترتكز على سبعة محاور رئيسية خلال السنوات الخمس المقبلة، وتشمل هذه المحاور تحقيق إنجازات ملموسة وعملية في مجال التنمية عالية الجودة، والوصول إلى مستويات غير مسبوقة من الاستقلال التكنولوجي لتقليل الاعتماد على الخارج، بالإضافة إلى إحداث اختراقات جديدة في تعميق الإصلاحات الهيكلية، ورفع مستوى التحضر الاجتماعي بشكل واضح؛ كما تتضمن خطط التنمية الصينية العمل المستمر على تحسين جودة حياة الشعب، وإحراز تقدم كبير في مشروع “بناء الصين الجميلة”، وتأسيس منظومة أمن قومي أكثر متانة وقوة، ولا تكتفي هذه الوثيقة الاستراتيجية بتحديد الأهداف فحسب، بل تطرح مسارات عمل رئيسية في اثني عشر مجالًا حيويًا تشمل التنمية الصناعية والابتكار العلمي والانفتاح الريفي والثقافي والمعيشي.

الركائز الاقتصادية والاستراتيجية في خطط التنمية الصينية

حددت الخارجية الصينية خمس كلمات مفتاحية تُلخص جوهر التوجه التنموي القادم، وتتمثل الكلمة الأولى في “دفع التنمية عالية الجودة” التي تتطلب التوفيق الذكي بين سرعة النمو وجودته؛ حيث تركز الصين على دعم الاقتصاد الحقيقي مع الاستفادة من دروس الأزمات المالية السابقة مثل الأزمة الآسيوية والأزمة العالمية عام 2008، لتتخذ من التصنيع أساسًا راسخًا للدولة وتتجنب الوقوع في فخ الاقتصاد الافتراضي، أما الكلمة الثانية فهي “تطوير القوى الإنتاجية الجديدة” عبر تعزيز الصناعات الاستراتيجية الناشئة التي ستخلق أسواقًا هائلة، وتشمل خطط التنمية الصينية التركيز على قطاعات تقنية متقدمة تهدف إلى قيادة المستقبل وتوليد نقاط نمو جديدة ومبتكرة.

  • الطاقة الجديدة والمواد المتقدمة.
  • صناعات الطيران والفضاء.
  • التكنولوجيا الكمومية والذكاء المتجسد.
  • تقنيات الجيل السادس للاتصالات (6G).

تتمثل الكلمة الثالثة في “بناء سوق محلية قوية” عبر توسيع الطلب المحلي كدعامة استراتيجية وتسريع إنشاء معادلة تنمية جديدة، ففي مجال البنية التحتية تواصل الصين تنفيذ استراتيجية التحضر، حيث يُولّد ارتفاع نسبة التحضر بنقطة مئوية واحدة طلبًا استثماريًا ضخمًا؛ وفيما يتعلق بالكلمة الرابعة “توسيع الانفتاح عالي المستوى”، فقد حققت بكين نموًا اقتصاديًا هائلًا بفضل سياسة الانفتاح، حيث تصدرت العالم في تجارة السلع لثماني سنوات متتالية، وتُظهر البيانات التالية حجم الإنجازات الاقتصادية التي تدعم خطط التنمية الصينية وتجعل من سوقها فرصة عالمية سانحة.

المؤشر الاقتصادي القيمة والإنجاز
نسبة التحضر الحالية 67% (أقل من الغرب بـ 10 نقاط مما يعني فرص نمو هائلة)
حجم الاستثمار لكل 1% تحضر 1 تريليون يوان
اتفاقيات التجارة الحرة 23 اتفاقية مع 30 دولة ومنطقة
قيمة صفقات معرض الاستيراد أكثر من 500 مليار دولار خلال 7 دورات

التحول الأخضر والأثر العالمي لخطط التنمية الصينية

تعمل الصين في السنوات الخمس المقبلة على تعميق الانفتاح المؤسسي ومواءمة القواعد الدولية في التجارة والاقتصاد مع التركيز على قطاع الخدمات، وتسريع مسارات الاتفاقيات الإقليمية والثنائية للمساهمة في انتعاش الاقتصاد العالمي؛ وتأتي الكلمة الخامسة “تسريع التحول الأخضر” لتؤكد التزام خطط التنمية الصينية بمفهوم “الجبال الخضراء هي جبال من ذهب”، حيث تركز الدولة على استراتيجية “الجمع والطرح”، فمن جهة الجمع تسعى لمضاعفة حجم صناعة التنمية الخضراء البالغ حاليًا 11 تريليون يوان والاعتماد على الطاقة غير الأحفورية لتلبية الطلب الجديد على الكهرباء وإنارة ملايين المنازل بالطاقة النظيفة، ومن جهة الطرح تعمل على خفض انبعاثات الكربون بمقدار 400 مليون طن وتوفير الطاقة في الصناعات الثقيلة مثل الحديد والبتروكيماويات، مما يعكس جدية بكين في بناء مستقبل مستدام وصديق للبيئة يخدم مصالح شعبها والعالم أجمع.

Exit mobile version