الحديث مع الأطفال عن الأحداث الصادمة: حماية الصحة النفسية للصغار بالتركيز على “صورة الخير” وسط المآسي

الحديث مع الأطفال عن الأحداث الصادمة: حماية الصحة النفسية للصغار بالتركيز على “صورة الخير” وسط المآسي

كيفية الحديث مع الطفل عن الأخبار الصادمة تعد الخطوة الأولى والأساسية لحماية الصحة النفسية للصغار في عالم مليء بالمتغيرات السريعة والمشاهد المؤلمة التي قد تفوق قدراتهم على الاستيعاب؛ حيث يمر الأطفال بمواقف قد تثير لديهم مشاعر الخوف والقلق الشديد مما يجعل دور الأهل محورياً في احتواء هذه المشاعر السلبية من خلال الحوار الهادئ والمتزن، وقد أكدت الدكتورة سلمى أبو اليزيد استشاري الصحة النفسية أن طريقة تواصل الآباء في هذه اللحظات الحرجة هي التي تحدد مدى شعور الطفل بالأمان والاستقرار النفسي.

إن تعلم كيفية الحديث مع الطفل عن الأخبار الصادمة يتطلب من المربين التخلي عن الانفعال والتحلي بالهدوء التام لضمان انتقال مشاعر الطمأنينة إلى الصغير بشكل تلقائي؛ إذ أن الأطفال يملكون مجسات حساسة للغاية تلتقط توتر الكبار قبل كلماتهم ولذلك فإن الحوار الواضح والبسيط الذي يراعي المرحلة العمرية للطفل وحساسيته هو المفتاح لاستعادة ثقته في العالم من حوله، فعندما يجد الطفل والديه يتحدثان بثبات ووضوح يدرك لا شعورياً أن الأمور تحت السيطرة وأن هناك من يستطيع احتواء الموقف مهما بدا صعباً أو مخيفاً.

أهمية التركيز على صور الخير عند الحديث مع الطفل عن الأخبار الصادمة

يعتبر توجيه نظر الطفل نحو الجوانب الإيجابية وسط الأزمات استراتيجية فعالة جداً ضمن أساليب كيفية الحديث مع الطفل عن الأخبار الصادمة وتقليل حدة التوتر لديه؛ حيث تشير الدكتورة سلمى إلى ضرورة أن يلاحظ الطفل وجود أشخاص طيبين ومبادرين يهرعون لمساعدة الآخرين في الأوقات الصعبة لأن هذا المشهد يعيد التوازن النفسي لنظرته تجاه العالم والبشرية، فبدلاً من ترك الطفل غارقاً في تفاصيل الحدث السيئ يمكن للأم أن تشرح له كيف يتعاون رجال الإنقاذ والأطباء والمتطوعون لإنقاذ المصابين وتقديم الدعم للمتضررين في مشهد إنساني عظيم.

يساهم هذا الأسلوب التربوي في ترسيخ قناعة داخلية لدى الطفل بأن الخير ما زال موجوداً وقائماً وأن الأحداث السيئة لا تمثل الصورة الكاملة للحياة؛ فعندما يدرك الصغير أن هناك دائماً من يمد يد العون وقت الشدة يقل شعوره بالخوف من المجهول ويستبدله بشعور من الامتنان والتقدير لقيم التعاون والمساعدة، وهذا التوازن في الطرح هو ما يحمي الطفل من تكوين نظرة سوداوية تجاه المجتمع أو العالم الذي يعيش فيه ويجعل حديثه مع أهله مصدراً للأمل لا لليأس.

توضيح أن الهدوء هو الأصل في كيفية الحديث مع الطفل عن الأخبار الصادمة

من الضروري جداً أثناء تطبيق خطوات كيفية الحديث مع الطفل عن الأخبار الصادمة أن نرسخ في ذهن الصغير أن الحياة في طبيعتها تميل إلى الهدوء والاستقرار وأن الفوضى هي الاستثناء وليست القاعدة؛ حيث يجب أن يفهم الطفل أن الأيام الآمنة التي يعيشها أكثر بكثير من الأيام المخيفة أو اللحظات الصعبة التي قد يسمع عنها، وحتى في حال وقوع موقف مخيف يمكن طمأنته بأن هذه الأحداث نادرة الوقوع ولا تحدث باستمرار وأنها ليست جزءاً من تفاصيل حياته اليومية المعتادة التي يجب أن يقلق بشأنها.

لا يحتاج الأطفال الصغار إلى معرفة كل التفاصيل الدقيقة أو المشاهد المروعة للأحداث الجارية بل هم بحاجة ماسة إلى الشعور بالأمان والسكينة؛ لذلك يجب أن يكون محور الحديث معهم منصباً على بث الطمأنينة وتقليل حجم التهويل الذي قد يصلهم من مصادر خارجية، ويمكن للأهل استخدام عبارات واضحة ومباشرة تؤكد عودة الحياة لطبيعتها سريعاً، وفيما يلي نوضح الفروق الجوهرية بين ما يجب أن يعرفه الطفل وما يجب تجنبه:

ما يحتاج الطفل لسماعه ما يجب تجنبه تماماً
رسائل طمأنة بأن الخطر بعيد عنه التفاصيل الدقيقة والمشاهد الدموية
التأكيد على وجود الحماية والأمان إظهار العجز أو الهلع أمام الطفل

دور خطط الحماية في كيفية الحديث مع الطفل عن الأخبار الصادمة

تؤكد استشاري الصحة النفسية أن الطفل يحتاج إلى معرفة أن هناك دائماً من يحميه ويقوده في الأوقات الصعبة لتعزيز شعوره بالأمان؛ فمن أهم ركائز كيفية الحديث مع الطفل عن الأخبار الصادمة هو إخباره بأن الكبار لديهم خطط جاهزة ومحكمة للتعامل مع أي طارئ وأنهم لن يتركوه وحيداً أبداً في مواجهة أي خطر محتمل، وهذا الإحساس يقلل بشكل كبير من شعوره بالمسؤولية تجاه الأحداث ويخفف عنه الضغط النفسي لأنه يدرك أن دوره الأساسي ينحصر في البقاء قريباً من الكبار واتباع تعليماتهم فقط.

يشعر الطفل براحة أكبر وتقل مخاوفه عندما يعلم أن دائرة الأمان من حوله واسعة وأن هناك أكثر من شخص يمكنه الاعتماد عليه وقت الحاجة؛ لذا من المفيد جداً توسيع شبكة الدعم في مخيلته وإخباره بأن هناك العديد من الأشخاص الموثوقين الذين يمكنه اللجوء إليهم إذا احتاج المساعدة في أي وقت، وتتضمن هذه الشبكة الآمنة مجموعة من الأفراد الذين يلعبون دوراً حاسماً في حمايته ودعمه نفسياً وجسدياً:

  • المعلمون والمديرون في المدرسة المدربون على التعامل مع الطوارئ بحكمة.
  • الأقارب والأجداد الذين يشكلون حصناً عائلياً وملاذاً آمناً للطفل.
  • الجيران والأصدقاء المقربون الذين يمكن الوثوق بهم في المحيط السكني.

إن هذا الإحساس بوجود شبكة واسعة وقوية من الدعم يجعل الطفل يشعر بالأمان المستمر ويقلل من شعوره بالوحدة أو العزلة في المواقف الصعبة؛ فمجرد معرفته بأنه محاط بعناية الكبار واهتمامهم يعزز من صلابته النفسية ويجعل استجابته للأخبار الصادمة أقل حدة وأكثر توازناً، وبذلك نكون قد نجحنا في تحويل لحظات الخوف إلى فرص لتعزيز الثقة والترابط الأسري والمجتمعي.

Exit mobile version