
الإصابة بتسمم الدم تعد من الحالات الطبية المخادعة للغاية لدرجة أن المريض قد يظن للوهلة الأولى أنه يعاني من مجرد نزلة برد شتوية عابرة أو إرهاق عمل معتاد، وهذا السيناريو المرعب هو بالتحديد ما عاشته السيدة البريطانية الشابة روبرتا أليساوسكايت التي كادت أن تفقد حياتها بسببه تاركة خلفها طفليها الصغيرين، فقد بدأت قصتها بشعور عام بوعكة صحية غامضة في شهر أكتوبر الماضي، ولم يكن يدور في خلدها مطلقاً أن تلك الأعراض التي تبدو بسيطة تخفي وراءها خطراً داهماً يستوجب التدخل الطبي الفوري والعاجل لإنقاذ حياتها من موت محقق كان يتربص بها دون سابق إنذار.
تشابه أعراض البرد مع خطر الإصابة بتسمم الدم
تروي روبرتا تفاصيل معاناتها التي بدأت بشكل تدريجي ومربك، حيث كانت تعاني في تلك الفترة أيضاً من خراج مؤلم في أحد أضراس العقل، وكانت تلتزم بتناول المضادات الحيوية الموصوفة لها للمساعدة في تخفيف التورم الناتج عن الالتهاب، وخلال الأيام القليلة التالية بدأت الأمور تأخذ منحنى خطيراً حيث تفاقمت أعراض الشابة البالغة من العمر 27 عاماً بشكل ملحوظ، وبدأت تعاني من نوبات سعال مستمر وارتجاف شديد في الجسم بينما ارتفعت درجة حرارتها بشكل كبير ومفاجئ، وفي البداية حاولت روبرتا تجاوز الأمر وعدم القلق المفرط ظناً منها أنها مجرد وعكة عابرة، وركزت اهتمامها على رعاية ولديها شون البالغ من العمر ثماني سنوات وكوبي هوجي البالغ ست سنوات، إلا أن علامات الإصابة بتسمم الدم بدأت تظهر بوضوح عندما بدأت تتعرق بشكل غزير ولا يمكن السيطرة عليه مما أثار الريبة في نفسها.
أوضحت الأم الشابة أنها كانت ترقد في فراشها ملفوفة بالأغطية الثقيلة مع تشغيل التدفئة بأقصى طاقتها لكنها كانت لا تزال ترتجف بشدة من البرد، وقد تسبب هذا الارتفاع الحاد في الحرارة مع الرعشة في شعورها ببعض الهذيان وعدم القدرة على التركيز، وعندما عاد طفلاها من المدرسة وذهبا لغرفتها للاطمئنان عليها كانت الصدمة بانتظارهما، إذ كانت الأم تتلعثم في كلامها بشكل غريب ولا تتحدث بعبارات مفهومة أو مترابطة، وسرعان ما أصبحت غير مستجيبة تماماً لمحاولاتهم التواصل معها مما أثار رعب ولديها الصغيرين، وتتذكر روبرتا أنها استيقظت لاحقاً في مستشفى جلانجويلي العام في ويلز بعد ساعات قليلة، لتعلم أن ابنها شون هو من أنقذ حياتها بتصرفه الشجاع عندما اتصل بالإسعاف فور ملاحظته لتدهور حالة والدته وتأكد الأطباء من الإصابة بتسمم الدم لديها.
تدهور الحالة الصحية وتشخيص الإصابة بتسمم الدم
أبلغ الأطباء في المستشفى الأم الشابة أنها تعرضت لحالة طبية حرجة تعرف بتسمم الدم، وهي حالة تحدث عندما يتفاعل الجهاز المناعي في الجسم بشكل مبالغ فيه وعدواني مع عدوى ما فيبدأ بمهاجمة الأنسجة والأعضاء السليمة بدلاً من حمايتها، وقد تطور الأمر لدى روبرتا لتدخل في مرحلة “الصدمة الإنتانية”، وهو شكل حاد وخطير جداً من التسمم الدموي ينخفض فيه ضغط الدم إلى مستويات منخفضة للغاية تهدد الحياة بشكل مباشر، ووفقاً لبيانات مؤسسة UK Sepsis Trust الخيرية فإن الإنتان يعتبر حالة طبية طارئة من الدرجة الأولى، حيث أن معرفة العلامات المبكرة والتصرف السريع حيالها يمكن أن ينقذ الأرواح، وعلى الرغم من أنه لا توجد علامة واحدة محددة للإنتان، إلا أن الأعراض لدى البالغين تظهر عادةً كمجموعة من العلامات التحذيرية التي يجب الانتباه لها فوراً.
إليكم أبرز العلامات التي قد تشير إلى الإصابة بتسمم الدم وتستدعي التدخل الطبي:
- تداخل الكلام وصعوبة النطق بوضوح
- رعشة شديدة في الجسم أو آلام عضلية مبرحة
- ضيق ملحوظ في التنفس وسرعة في دقات القلب
- عدم إخراج البول طوال اليوم
- تغير لون الجلد أو ظهور بقع غريبة عليه
خضعت روبرتا أثناء تواجدها في المستشفى لسلسلة مكثفة من الفحوصات الدقيقة شملت تصويراً بالأشعة السينية على الصدر وتصويراً مقطعياً محوسباً، بالإضافة إلى تصوير بالموجات فوق الصوتية في محاولة مستميتة من الأطباء للعثور على مصدر العدوى الرئيسي الذي أدى إلى الإصابة بتسمم الدم بهذا الشكل العنيف، ورغم كل هذه الجهود الطبية لم يتمكن الفريق المعالج من تحديد المصدر بشكل قاطع في البداية، ثم رجح طبيبها العام في وقت لاحق أن ضرس العقل المصاب الذي كانت تعاني منه قد يكون هو السبب الكامن وراء دخول البكتيريا إلى مجرى الدم وتدهور حالتها بهذه السرعة.
فيما يلي ملخص للبيانات الخاصة بحالة روبرتا وتفاصيل دخولها المستشفى:
| البيان | التفاصيل |
|---|---|
| اسم المريضة | روبرتا أليساوسكايت (27 عاماً) |
| التشخيص الطبي | تسمم في الدم وصدمة إنتانية |
| الأعراض الأولية | أعراض تشبه البرد، خراج أسنان، رعشة |
| تاريخ الخروج | 23 أكتوبر |
غموض الأسباب والتحذير من الإصابة بتسمم الدم
منذ خروجها من المستشفى في الثالث والعشرين من أكتوبر الماضي لا تزال روبرتا تعيش حالة من القلق والحيرة، حيث تدعي أن طبيبها الاستشاري أخبرها بأن مزيجاً من نزلة برد أو إنفلونزا مع التهاب أسنانها ربما كان هو السبب وراء العدوى الشديدة، لكن هذا التفسير لم يتم تأكيده بشكل نهائي وحاسم، وقد صرحت روبرتا أنها رفضت في البداية مغادرة المستشفى دون الحصول على نوع من التفسير المنطقي لكيفية دخول جسدها في حالة صدمة إنتانية وانهيار كامل في أقل من 12 ساعة فقط، واصفة الأمر بأنه مثير للقلق للغاية ومخيف لأي شخص قد يمر بظروف مشابهة.
تحدثت روبرتا منذ ذلك الحين إلى طبيبتها العامة لمتابعة حالتها وفهم ما جرى لجسدها، وقد أخبرتها الطبيبة أن هناك حالات طبية موثقة أصيب فيها الناس بحالة الإصابة بتسمم الدم الخطيرة ولم يتمكن الأطباء من تحديد مكان الإصابة أو بؤرة العدوى الأصلية على الإطلاق، وهذا الغموض الطبي يزيد من أهمية الوعي بالأعراض وعدم الاستهانة بأي تغيرات صحية مفاجئة، خاصة إذا تزامنت مع التهابات أخرى في الجسم مثل مشاكل الأسنان أو نزلات البرد الشديدة، فتجربة روبرتا تظل درساً قاسياً وتحذيراً حياً لكل من يشعر بأعراض غير معتادة بضرورة طلب المساعدة الطبية فوراً قبل فوات الأوان.
