تناول الفيتامينات ليس للجميع: دراسة تحدد الفئات الأكثر استفادة وتأثير المكملات عليها

تناول الفيتامينات ليس للجميع: دراسة تحدد الفئات الأكثر استفادة وتأثير المكملات عليها

تناول الفيتامينات المتعددة يوميًا يعد الخطوة الأولى التي يستهل بها ملايين الأشخاص صباحهم حول العالم؛ حيث أصبحت هذه العادة جزءًا لا يتجزأ من الروتين اليومي للكثيرين وسيلة سهلة ومباشرة لضمان حصول الجسم على حصته الكافية من العناصر الغذائية الضرورية لدعم الصحة العامة، وتعمل هذه المكملات بمثابة شبكة أمان غذائي تملأ الفجوات التي قد يتركها النظام الغذائي غير المتكامل أو الوجبات السريعة التي تفتقر للعناصر الأساسية، كما أنها توفر مزيجًا دقيقًا من المعادن والفيتامينات التي تعزز مستويات الطاقة وتدعم وظائف الجهاز المناعي ليعمل بكفاءة قصوى، وفقًا لما نشره موقع “تايمز أوف إنديا” المتخصص في الشؤون الصحية والطبية.

حقائق علمية جديدة حول جدوى الفيتامينات المتعددة

لطالما تبادرت إلى أذهاننا تساؤلات ملحة حول ما إذا كانت هذه الحبوب الملونة تصنع فرقًا حقيقيًا ملموسًا في أجسادنا أم أننا نتناولها بدافع العادة فقط دون وجود تأثير جوهري، ولكن البحث العلمي الحديث جاء ليقدم إجابات حاسمة تتجاوز التكهنات، فقد كشفت دراسة حديثة وشاملة أجراها باحثون من مستشفى ماساتشوستس العام بريجهام عن نتائج تقطع الشك باليقين، حيث قام الفريق البحثي بتحليل بيانات ضخمة شملت أكثر من خمسة آلاف شخص من كبار السن ضمن إطار دراسة موسعة تعرف باسم نتائج مكملات الكاكاو والفيتامينات المتعددة “COSMOS”، وقد وجد العلماء أدلة قوية تشير إلى أن الاستهلاك المنتظم لهذه المكملات لا يعد مجرد حل تكميلي بل قد يكون أداة فعالة للمساعدة في إبطاء وتيرة الشيخوخة المعرفية والحفاظ على كفاءة الذاكرة التي غالبًا ما تتأثر سلبًا مع التقدم في العمر، مما يضع حدًا للجدل الدائر حول فعاليتها لفئات محددة من البشر.

تأثير الفيتامينات المتعددة على الذاكرة والإدراك

في سياق التعمق أكثر داخل النتائج البحثية أظهرت المجموعة الفرعية للدراسة المعروفة باسم “COSMOS-Clinic” التي ضمت 573 مشاركًا خضعوا لتقييمات إدراكية شخصية مفصلة ودقيقة على مدار عامين وجود فوائد إحصائية واضحة، حيث تفوقت المجموعة التي واظبت على تناول الفيتامينات المتعددة بشكل ملحوظ في اختبارات الإدراك الشامل والذاكرة العرضية مقارنة بأقرانهم الذين تلقوا علاجًا وهميًا طوال فترة التجربة، وعند دمج هذه النتائج المبهرة مع بيانات مجموعتين أخريين من الدراسة الأصلية اعتمدتا على الاختبارات المعرفية عبر الهاتف والإنترنت أكد التحليل التلوي اتساق الفوائد عبر الدراسات الثلاث جميعها؛ إذ ارتبط الاستخدام اليومي لهذه المكملات بتباطؤ في الشيخوخة الإدراكية يقدر بنحو عامين كاملين، ولتوضيح الفروقات الدقيقة التي رصدتها الدراسة بين المجموعتين يمكن النظر إلى البيانات الواردة في الجدول التالي:

معيار المقارنة المجموعة التي تتناول الفيتامينات المتعددة مجموعة العلاج الوهمي (Placebo)
الأداء في اختبارات الذاكرة تحسن طفيف ومستمر في استرجاع المعلومات تراجع تدريجي متوافق مع الشيخوخة الطبيعية
معدل الانحدار الإدراكي تباطؤ في التدهور يعادل عامين من العمر انحدار أسرع في الوظائف الذهنية العامة

تشير هذه البيانات بوضوح إلى أن الأفراد الأكبر سنًا الذين حرصوا على إدراج الفيتامينات المتعددة في نظامهم اليومي حققوا أداءً ذهنيًا أفضل وانحدارًا أبطأ في القدرات العقلية العامة على مدى فترة زمنية تراوح بين عامين وثلاثة أعوام مقارنة بغيرهم، وهو ما وصفه الخبراء القائمون على الدراسة بأنه نتائج مثيرة للغاية تفتح آفاقًا جديدة لاستخدام وسائل متاحة وبأسعار معقولة لدعم صحة الدماغ وحمايته من التآكل المعرفي في مراحل الشيخوخة المتقدمة.

الفئات الأكثر استفادة من تناول الفيتامينات المتعددة

بناءً على المعطيات الدقيقة التي وفرتها الدراسة الجديدة يتضح أن الفيتامينات المتعددة تقدم فوائد استثنائية وعميقة لكبار السن على وجه التحديد؛ خاصة أولئك الذين يعانون من قصور في امتصاص العناصر الغذائية أو يفتقر نظامهم الغذائي للتنوع المطلوب لسد احتياجات الجسم، وقد أظهرت تجارب سابقة شملت أكثر من 3500 بالغ ممن تجاوزوا الستين عامًا تحسنًا ملموسًا في الذاكرة بعد عام واحد فقط من الاستخدام اليومي لهذه المكملات، وكان التأثير أكثر قوة ووضوحًا لدى المشاركين الذين لديهم تاريخ مرضي مع أمراض القلب والأوعية الدموية مما يشير إلى أن وجود حالات صحية كامنة أو نقص في التغذية قد يجعل الجسم أكثر استجابة وفعالية في الاستفادة من هذا المكمل لتعويض النقص الحاصل، ويرى الخبراء أن هناك عدة عوامل فسيولوجية تجعل هذه المكملات ضرورة ملحة في سن الشيخوخة مقارنة بالشباب الأصحاء الذين يتناولون وجبات متوازنة، ومن أبرز هذه العوامل التي تعزز الحاجة للمكملات ما يلي:

  • تراجع قدرة الجهاز الهضمي مع التقدم في العمر على امتصاص المغذيات الدقيقة بكفاءة من الطعام الطبيعي.
  • ميل كبار السن لاتباع أنظمة غذائية أقل تنوعًا مما يؤدي إلى نقص خفيف ولكنه مؤثر في الفيتامينات.
  • وجود مشكلات صحية كامنة تزيد من استهلاك الجسم للمخزون الغذائي وتتطلب تعويضًا خارجيًا مستمرًا.

في ظل هذه الاكتشافات العلمية المتلاحقة يتبين أن اللجوء إلى المكملات الغذائية ليس مجرد رفاهية بل قد يكون استراتيجية وقائية ذكية وفعالة، فمع التقدم في العمر وتغير فسيولوجيا الجسم تصبح الحاجة إلى سد الفجوات الغذائية أمرًا حيويًا للحفاظ على حدة العقل وجودة الحياة لسنوات أطول.

Exit mobile version