
شروط الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا في الانتخابات تُعد الركيزة الأساسية التي يستند إليها المرشحون والناخبون لضمان نزاهة العملية الديمقراطية وسلامة الإجراءات الدستورية المتبعة، حيث أرست المحكمة مبادئ قضائية حازمة تحدد المسار القانوني الدقيق الذي يجب اتباعه عند الرغبة في الاعتراض على النتائج أو الإجراءات، وقد جاء الحكم الحديث ليؤكد على أهمية الالتزام بالتراتبية القانونية والمواعيد الإجرائية الصارمة لضمان قبول الدعاوى شكلاً وموضوعاً أمام القضاء.
اختصاص المحكمة الإدارية العليا في الفصل في المنازعات الانتخابية
أكدت المبادئ القانونية المستقرة أن شروط الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا في الانتخابات تستند في المقام الأول إلى نصوص الدستور والقانون التي منحت هذه الهيئة القضائية الرفيعة الولاية الكاملة للفصل في كافة الطعون المتعلقة بقرارات الهيئة الوطنية للانتخابات، ويشمل هذا الاختصاص النظر في المنازعات المرتبطة بالاستفتاءات والانتخابات الرئاسية والنيابية ونتائجها النهائية، إذ لا يجوز لأي جهة أخرى منازعتها في هذا الاختصاص الأصيل الذي يهدف إلى حماية إرادة الناخبين وصون العملية السياسية من أي عبث، وتعمل المحكمة ضمن إطار زمني محدد نص عليه المشرع لضمان سرعة البت في القضايا المتعلقة بتشكيل المجالس النيابية واستقرار مراكز الفائزين القانونية، مما يجعل الالتزام الدقيق بجميع شروط الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا في الانتخابات أمراً حتمياً لا يقبل التهاون أو التأخير من قبل ذوي الشأن، حيث أن أي خروج عن المسار المرسوم يؤدي إلى ضياع الحق في التقاضي وتثبيت النتائج المعلنة مهما كانت التحفظات عليها.
التظلم الوجوبي كشرط أساسي لقبول الطعون الانتخابية
أوضح المشرع المصري بحسم أن استيفاء شروط الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا في الانتخابات يتطلب وجوباً المرور بمرحلة إدارية سابقة تتمثل في تقديم تظلم إلى اللجنة العامة المختصة، فلا يحق للمرشحين أو المتضررين القفز مباشرة إلى ساحات القضاء دون استنفاد هذا الطريق الإداري أولاً، ويجب تقديم التظلم أثناء عملية الاقتراع نفسها أو خلال مهلة قصيرة لا تتجاوز أربع وعشرين ساعة من لحظة إعلان الحصر العددي للأصوات، ويشترط لقبول هذا التظلم أن يكون مرفقاً بكافة المستندات والأدلة الداعمة التي تؤكد صحة ما يطالب به المتظلم من إجراءات، وتقوم اللجنة العامة بدورها الجوهري بإرسال ملف التظلم مشفوعاً بملاحظاتها الفنية والقانونية إلى الهيئة الوطنية للانتخابات التي تمتلك وحدها سلطة الفصل النهائي فيه، وتتمثل الخطوات الإجرائية الملزمة في هذا السياق فيما يلي:
- تقديم التظلم للجنة العامة أثناء الاقتراع أو خلال 24 ساعة من إعلان الحصر العددي، مع إرفاق المستندات الدالة.
- قيام اللجنة العامة بإحالة التظلم وملاحظاتها فوراً إلى الهيئة الوطنية للانتخابات للفصل فيه.
- إصدار الهيئة قراراً مسبباً خلال 24 ساعة، إما برفض التظلم أو بإلغاء الانتخابات في الدائرة كلياً أو جزئياً.
- إخطار مقدم التظلم بالقرار النهائي عبر خطاب مسجل مصحوب بعلم الوصول خلال 24 ساعة من تاريخ صدوره.
إن الفلسفة التشريعية وراء فرض شروط الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا في الانتخابات بهذا الشكل الدقيق تهدف إلى تصفية المنازعات البسيطة وحلها داخل أروقة الإدارة الانتخابية قبل إشغال ساحة القضاء بها، كما أن قصر التظلم على منازعات إجراءات الاقتراع والفرز فقط دون غيرها من المراحل السابقة أو اللاحقة يعكس رغبة المشرع في تحديد نطاق النزاع بدقة لضمان سرعة الفصل فيه، وهو ما يحتم على المحامين والمرشحين الانتباه الشديد لهذه الجزئية لتجنب رفض تظلماتهم لعدم الاختصاص النوعي.
المواعيد الإجرائية وحالات عدم قبول الدعوى شكلاً
شددت حيثيات الحكم القضائي على أن تجاهل شروط الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا في الانتخابات، وتحديداً إغفال شرط التظلم المسبق، يؤدي حتماً إلى القضاء بعدم قبول الدعوى شكلاً لعدم استنفاد الطريق الإداري، فالمحكمة لا تبسط رقابتها القضائية إلا بعد أن تقول الهيئة الوطنية للانتخابات كلمتها في التظلم المقدم إليها، وتجدر الإشارة إلى أن عمليتي الاقتراع والفرز تنتهيان رسمياً بانتهاء المواعيد المقررة قانوناً وتحرير محاضر الفرز لكل لجنة فرعية، حيث يجب توقيع هذه المحاضر من رئيس اللجنة وتسليم نسخ رسمية منها لمندوبي المرشحين المتواجدين، وتعتبر هذه المحاضر وثائق جوهرية يعتمد عليها الطاعنون في إثبات المخالفات، ويوضح الجدول التالي أبرز المحددات الزمنية والمستندات المرتبطة بهذه المرحلة الحاسمة:
| الإجراء القانوني | الميعاد والضوابط المحددة |
|---|---|
| موعد التظلم | أثناء الاقتراع أو خلال 24 ساعة من الحصر العددي |
| الفصل في التظلم | خلال 24 ساعة من العرض على الهيئة الوطنية |
| إخطار المتظلم | خلال 24 ساعة من صدور القرار بخطاب مسجل |
| محاضر الفرز | تُحرر وتوقع فور انتهاء الفرز وتُسلم للمناديب |
الالتزام الكامل بجميع شروط الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا في الانتخابات هو الضمانة الوحيدة لوصول صوت الطاعن إلى منصة العدالة، فالدعاوى التي ترفع مباشرة دون المرور بقناة التظلم الإداري تواجه مصيراً محتوماً بالرفض مهما كانت قوة الأدلة الموضوعية التي تحملها، وهذا يؤكد أن الشكل في المنازعات الانتخابية لا يقل أهمية عن الموضوع، إذ يسعى القانون من خلال هذه الإجراءات الشكلية الصارمة إلى تحقيق التوازن بين حق التقاضي المكفول دستورياً وبين ضرورة استقرار المؤسسات النيابية وسرعة تشكيلها عقب انتهاء الاستحقاق الانتخابي.
