تصدعات مفاعل تشرنوبل تثير مخاوف دولية: «الطاقة الذرية» تقيم احتمالات التسرب الإشعاعي وسط القتال

تصدعات مفاعل تشرنوبل تثير مخاوف دولية: «الطاقة الذرية» تقيم احتمالات التسرب الإشعاعي وسط القتال

تضرر هيكل مفاعل تشرنوبل بات يمثل هاجسًا أمنيًا نوويًا عالميًا بعد التحذيرات شديدة اللهجة التي أطلقتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية مؤخرًا، إذ كشفت المعاينة الميدانية عن فقدان الدرع المعدني لوظائفه الأساسية في العزل والحماية نتيجة القصف، بينما تظل خطط المعالجة معلقة حتى عام 2026 أو انتهاء العمليات العسكرية الدائرة، مما يفتح الباب أمام سيناريوهات مقلقة تتطلب تدخلًا دوليًا عاجلاً لاحتواء الأزمة قبل تفاقمها.

نتائج زيارة الوكالة ورصد تضرر هيكل مفاعل تشرنوبل

كشفت الزيارة العاجلة التي أجرتها فرق الوكالة الدولية للطاقة الذرية مطلع الشهر الحالي عن تفاصيل مقلقة تتعلق بسلامة المحطة النووية في أوكرانيا، حيث تم توثيق شروخ وتلفيات أثرت بشكل مباشر على كفاءة الدرع الواقي، وأكد الخبراء أن تضرر هيكل مفاعل تشرنوبل لم يعد مجرد مخاوف نظرية بل أصبح واقعًا ملموسًا، إذ فقد الهيكل المعدني الضخم الذي صمم خصيصًا لمنع التسرب الإشعاعي خصائصه الوقائية ووظائفه الجوهرية بما في ذلك قدرته العالية على العزل، وجاءت هذه النتائج المؤسفة كأثر مباشر للقصف الذي تعرضت له المنطقة في فبراير الماضي، ورغم قتامة المشهد المتعلق بالغلاف الخارجي، إلا أن التقرير الصادر بعد الزيارة حمل بعض التطمينات الجزئية بالإشارة إلى أن الهياكل الداعمة الأساسية وأنظمة المراقبة الدقيقة الموجودة في قلب المفاعل لم ترصد أي أضرار مماثلة، وهو ما يمنح الفرق الفنية هامشًا للمناورة قبل حدوث كارثة محتملة.

جاءت تصريحات المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل جروسي لتضع النقاط على الحروف بشأن خطورة الموقف الراهن، حيث أوضح في تصريحات نقلتها وسائل إعلام أوروبية أن الإجراءات الحالية لا تتعدى كونها أعمال إصلاح محدودة ومؤقتة يجري تنفيذها في السقف المتضرر، مشددًا على أن هذه الحلول الترقيعية لا يمكن أن تكون بديلًا عن عملية ترميم شاملة وسريعة، فالهدف الأسمى هو تجنب أي تدهور إضافي قد يخرج عن السيطرة ولضمان استعادة الأمن النووي على المدى الطويل، وتأتي هذه التصريحات لتؤكد أن تضرر هيكل مفاعل تشرنوبل يتطلب استجابة هندسية معقدة تتجاوز مجرد الصيانة الدورية المعتادة، خاصة وأن الوكالة تحتفظ بوجود دائم في الموقع لمراقبة التطورات لحظة بلحظة ودعم كافة الجهود الرامية لاستعادة معايير السلامة المفقودة.

خطط التمويل الأوروبي لمعالجة تضرر هيكل مفاعل تشرنوبل

أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن الجدول الزمني المتوقع لبدء عمليات الإصلاح الكبرى، والتي من المرجح أن تنطلق بحلول عام 2026 دون تحديد يوم محدد لبدء العمليات، وترتبط هذه الخطوة بشكل وثيق بالتطورات الميدانية للحرب الروسية الأوكرانية، حيث تم التأكيد على أن أعمال الترميم ستتم بشكل فوري في حال وضعت الحرب أوزارها قبل الموعد المحدد، ولتوضيح حجم المشروع الهندسي المتأثر وتكاليفه الضخمة ومصادر تمويله التي تعتمد بشكل أساسي على البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، يمكن استعراض البيانات التفصيلية للهيكل المعدني في الجدول التالي:

عنصر المشروع التفاصيل والبيانات
تكلفة البناء الإجمالية 2.4 مليار دولار أمريكي
الجهات الممولة 45 دولة ومنظمة مانحة
تاريخ البدء والانتهاء بدأ 2010 ودخل الخدمة 2019
العمر الافتراضي للتصميم أكثر من 100 عام

تعتبر مسألة التمويل والجدول الزمني جزءًا لا يتجزأ من معالجة تضرر هيكل مفاعل تشرنوبل، حيث أن هذا الهيكل العملاق الذي تم تثبيته في عام 2016 ودخل الخدمة فعليًا في 2019 يمثل إنجازًا هندسيًا غير مسبوق، وقد صمم ليكون درعًا واقيًا يحمي العالم من الإشعاعات النووية المحتملة لمدة تزيد عن قرن كامل، إلا أن إصابته بمسيرة روسية وفقًا للرواية الأوكرانية خلال العمليات القتالية الدائرة بين موسكو وكييف قد هددت هذه الحماية طويلة الأمد، وتعمل الوكالة جاهدة لضمان توفر الموارد المالية واللوجستية اللازمة للتدخل فور سماح الظروف الأمنية بذلك، معتمدة على الدعم الدولي المستمر لضمان عدم تكرار مآسي الماضي.

مخاوف الحرب واستدعاء ذاكرة تضرر هيكل مفاعل تشرنوبل

يعيد المشهد الحالي إلى الأذهان ذكريات مؤلمة، حيث كان المفاعل محورًا رئيسيًا في النزاع المسلح الدائر منذ قرابة أربع سنوات، فقد سيطرت القوات الروسية على المحطة والمنطقة المحيطة بها في الأيام الأولى للحرب وتحديدًا في فبراير 2022، وقامت باحتجاز الموظفين كرهائن قبل أن تغادر الموقع وتعيد السيطرة إلى الجانب الأوكراني بعد أكثر من شهر، وهذه التحركات العسكرية زادت من احتمالية تضرر هيكل مفاعل تشرنوبل، وتعيد المخاوف من شبح انفجار عام 1986 الذي وقع في المفاعل رقم 4 عندما كانت المدينة تحت الحكم السوفييتي، مخلفًا دمارًا واسعًا وخسائر بشرية فادحة لا تزال آثارها ممتدة حتى اليوم، ويمكن تلخيص أبرز المحطات والمخاطر المرتبطة بالموقع في النقاط التالية:

  • وقوع الانفجار الكارثي في 26 أبريل 1986 وتسبب في مقتل العشرات وإصابة مئات الآلاف.
  • وفاة أكثر من 30 شخصًا في مدينة بريبيات القريبة بشكل مباشر جراء الحادث.
  • استمرار معاناة السكان من أعراض الإشعاع وارتفاع معدلات السرطان والعيوب الخلقية.
  • دخول الهيكل الواقي الجديد الخدمة في 2019 قبل تعرضه للقصف الأخير.

تظل الآثار الصحية والبيئية المترتبة على أي تهاون في معالجة تضرر هيكل مفاعل تشرنوبل قضية تمس الأمن الصحي العالمي، فبحسب تقارير منظمة الصحة العالمية والوكالة الدولية للطاقة الذرية، لا تزال المناطق المحيطة بالمفاعل تشهد معدلات مرتفعة وغير طبيعية للإصابة بالأمراض السرطانية والتشوهات الخلقية بين السكان المعرضين للإشعاع، وهو ما يجعل الحفاظ على سلامة الهيكل المعدني الحالي أولوية قصوى لا تحتمل التأجيل أو المماطلة السياسية، لضمان استمرار عزل المواد المشعة القاتلة عن البيئة الخارجية وحماية الأجيال القادمة من كارثة مماثلة لتلك التي هزت العالم في الثمانينيات.

Exit mobile version